أثار نبأ انتشار سلالة جديدة من فيروس كورونا في بريطانيا، قلقا عالميا عن مدى خطورتها وسرعة انتشارها، خاصة مع تسببها في ارتفاع حاد في حالات الإصابة ب"كوفيد-19" هناك. وأكدت منظمة الصحة العالمية رصد تفشي السلالة الجديدة من فيروس كورونا، التي اكتُشفت في بريطانيا مؤخرا، في ثلاث دول أخرى. وفي حديث مع "بي بي سي"، قالت ماريا فان كيرخوف، وهي خبيرة أمريكية متخصصة في الأمراض الطارئة المعدية ضمن برنامج الطوارئ الصحية والمدينة التقنية لمواجهة جائحة فيروس كورونا، في المنظمة التابعة للأمم المتحدة، إن تلك الدول هي الدنمارك وهولندا وكذلك أستراليا، حيث سجلت حالة إصابة واحدة بالسلالة الجديدة. وحذرت المسؤولة من أن السلالة الجديدة ذات قدرة متزايدة على التفشي، مؤكدة أن الدراسات جارية للكشف عن مدى هذه القدرة. بهذا الصدد، حذر عالم الأوبئة، ميخائيل فافوروف، الخبير الأممي ورئيس DiaPrep System Inc، عبر حسابه على "فيسبوك"، من الهلع وزيادة حدة التوتر بشأن السلالة الجديدة، قائلا إن اللقاحات ستعمل كما هو مخطط لها. وأوضح أن الفيروس سيتطور باستمرار في مناطق متغيرة، لأنه يحتاج إلى أن يصبح فيروسا بشريا، مسببا سيلانا عاديا في الأنف، دون الرغبة في أن يكون مميتا. وعليه، فإن الفيروس يريد أن ينتقل بشكل أكثر فعالية، دون أن يكون فتاكا. ونشرت "الغارديان" مقالا أفاد بأن الفيروسات تتحوّر في كل وقت وتموت معظم المتغيرات الجديدة، وفي بعض الأحيان تنتشر دون تغيير سلوك الفيروس، كما تحدث تغييرات جذرية أيضا. وكشفت أن السؤال المباشر الذي يواجه العلماء الآن: هل المتغيّر (السلالة الجديدة) VUI-202012/01 يقع ضمن هذه الفئة الأخيرة؟، هل يمثل مخاطر صحية متزايدة؟، أو هل حدث انتشاره السريع مؤخرا عبر جنوبإنجلترا لأنه ظهر لدى الأشخاص الذين ينقلون العدوى إلى الكثير من الأشخاص الآخرين، ربما لأنهم يتجاهلون قيود "كوفيد-19"؟. وأجاب كبير المسؤولين الطبيين في الحكومة، كريس وايتي، عن هذه الأسئلة الرئيسية، التي نوقشت الأسبوع الماضي بعد أن كشف وزير الصحة مات هانكوك عن وجود السلالة الجديدة. وأعلن قائلا: "نتيجة للانتشار السريع للسلالة الجديدة والبيانات الأولية والارتفاع السريع في معدلات الإصابة في الجنوب الشرقي، تعتبر المجموعة الاستشارية لتهديدات الفيروسات التنفسية الجديدة والناشئة (Nervtag)، الآن، أن السلالة الجديدة يمكن أن تنتشر بسرعة أكبر. نبهنا منظمة الصحة العالمية ونستمر في تحليل البيانات المتاحة لتحسين فهمنا". وستشمل هذه التحليلات العلماء الذين يقومون بتنمية السلالة الجديدة في المختبرات، ودراسة استجابات الأجسام المضادة واختبار تفاعلاتها المتصالبة مع لقاحات "كوفيد-19". وبالإضافة إلى ذلك، ينفّذ مسؤولو الصحة الآن تسلسلا عشوائيا للعينات من الحالات الإيجابية في جميع أنحاء البلاد، من أجل مسح انتشارها في أنحاء البلاد، وبناء خرائط إقليمية لانتشارها، في عملية ستستغرق أسبوعين على الأقل. وأفاد تقرير "ذي غادريان" بأن ظهور السلالة الجديدة مثير للقلق - على الرغم من وجود العديد من الطفرات السابقة ل "كوفيد-19". ففي الشهر الماضي، أعدمت الحكومة الدنماركية ملايين المنك، بعد أن تبين أن المئات من حالات "كوفيد-19" مرتبطة بطفرات Sars-CoV-2 التي يحملها المنك. تتمثل القضية الكبيرة الأخرى فيما إذا كانت السلالة الجديدة قادرة على تجاوز الحماية التي توفرها لقاحات"كوفيد-19"، التي تُدار الآن في جميع أنحاء بريطانيا والعالم. وقال إيوان بيرني، نائب المدير العام للمختبر الأوروبي للبيولوجيا الجزيئية، والمدير المشترك لمعهد المعلومات الحيوية الأوروبي في كامبريدج: "إذا كان للسلالة الجديدة تأثير كبير على شدة المرض، لكنا رأينا ذلك الآن. وكانت حالات المستشفيات كنسبة من عدد الإصابات، إما سترتفع أو تنخفض بشكل كبير. لم يحدث أي منهما، لذلك يمكننا استنتاج أن التأثير على عدد الحالات الشديدة من المرجح أن يكون متواضعا: أكثر أو أقل قليلا". وبالإضافة إلى ذلك، قال بيرني إنه جرى اختبار اللقاحات مع العديد من أنواع الفيروس المنتشرة، "لذلك هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن اللقاحات ستظل تعمل ضد هذه السلالة الجديدة، على الرغم من أنه يجب اختبارها بدقة". وجاء في التقرير أيضا إنه لا يُعرف بالضبط المكان الذي ظهرت فيه السلالة لأول مرة. وأضاف بيرني: "ومع ذلك، فمن المرجح أن الطفرات التي أحدثت هذه السلالة، وقعت في المملكة المتحدة ولهذا السبب رأيناها أولا". وخلص عرض قدمه البروفيسور ديفيد روبرتسون، من جامعة غلاسكو يوم الجمعة، إلى أن "الفيروس من المحتمل أن يكون قادرا على إنتاج طفرات "الهروب من اللقاح"". وهذا من شأنه أن يضعنا في وضع مشابه للإنفلونزا، حيث يجب تحديث اللقاحات بانتظام. ولحسن الحظ فإن اللقاحات التي لدينا سهلة التعديل.