ما إن استأنفت قطارات الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية نشاطها مطلع شهر جانفي الماضي، حتى عاد كابوس حوادث الدهس المميتة على السكك إلى الواجهة، إذ لقي 9 أشخاص حتفهم، في أقل من شهرين، وهي الإحصائيات التي تنبئ بأن عام 2021 سيكون "دمويا" مقارنة بباقي السنوات الماضية. لم يعد توقف حوادث الدهس على السكك الحديدية مرهونا بالعوامل التنظيمية والوقائية والتحسيسية، بل صار مرتبطا بتوقف نشاط القطارات، وهو ما تترجمه الحوادث المتكررة خلال شهري جانفي وفيفري من السنة الجارية، إذ سجلت الشركة الوطنية عدة حوادث عبر نقاط مختلفة من الوطن، ما يطرح العديد من التساؤلات وعلى عدة أصعدة ومستويات. ففي جانفي الماضي، لقي شخص ببلدية قورصو في ولاية بومرداس حتفه، تحت قطار كان قادما من ولاية تيزي وزو نحو مدينة الجزائر العاصمة. وحسب ما ورد في بيان صحفي للشركة ذاتها، فإن الحادث المميت راجع إلى محاولة الضحية عبور السكة الحديدية عوض استعمال الممرات الخاصة بالراجلين. ولم تمر سوى 24 ساعة عن حادث قورصو، حتى كاد المشهد الأليم نفسه يتكرر بحي كوريفة في الحراش بالعاصمة، إذ نجا مواطن، في حدود الساعة 9 صباحا، من الموت بأعجوبة بعد تعرضه لجروح جراء دهسه من طرف قطار الضاحية، الذي كان في طريقه من العاصمة نحو الثنية. وبتاريخ 24 جانفي المنصرم، أي في الشهر نفسه، اضطرت الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية لإلغاء الرحلات التي كانت مبرمجة نحو كل من مدينتي بجاية وسطيف، وذلك إثر وقوع حادث جديد على مستوى بلدية الأخضرية في ولاية البويرة.
بوفاريك... تتحول إلى نقطة السوداء
وبحلول شهر فيفري، ارتفع عدد الحوادث على السكك بشكل لافت، بدءا من ثاني يوم هذا الشهر، إذ لقي سائق سيارة حتفه على مستوى الممر الذي يقطع السكة الحديدية ببلدية بوقادير في ولاية الشلف، بعد أن دهسه قطار "كوراديا" الذي يضمن النقل على خط الجزائر العاصمة – وهران، ما تسبب في عرقلة حركة سير القطارات بعدما ظلت مركبة الضحية عالقة في مكان الحادث. ولم يتوقف الكابوس عند حادث الشلف، حيث تكرر السيناريو نفسه بعد يومين فقط، وكانت إحدى بلديات ولاية عين الدفلى مسرحا لحادث مميت، راح ضحيته شخص دهسه قطار نقل المسافرين يضمن خط النقل من العاصمة نحو ولاية وهران. وفي مدينة بوفاريك بولاية البليدة، التي صارت إحدى النقاط السوداء نظرا لتَكرار حوادث الدهس فيها، لقي شخص مساء يوم الأربعاء 10 فيفري حتفه في حدود الساعة 5 و25 دقيقة، حيث قام الضحية بعبور السكة الحديدية عوض استعمال الممر العلوي الخاص بالراجلين، ليتكرر الحادث في المحطة نفسها وبالقطار نفسه يوم 25 فيفري الماضي، حيث استيقظ سكان المدينة على خبر وفاة شخص في حدود الساعة 8 صباحا.
حادثان في يوم واحد!
أما في 17 من الشهر ذاته، فقد سجلت الشركة عدة حوادث متفرقة، حيث لقي شخص في سيدي بلعباس مصرعه دهسا بقطار نقل المسافرين الذي يشغل خط تلمسانوهران، بعد أقل من ساعة عن تسجيل حادث مماثل راح ضحيته مواطن بولاية البويرة، 44 عاما، لقي حتفه بمنطقة بشلول دهسا بقطار لنقل المسافرين يشغل خط بجايةالجزائر العاصمة. وحسب بيان الحماية المدنية لسيدي بلعباس، فإن الحادث وقع على الساعة 9 صباحا، وراح ضحيته ستيني توفي في عين المكان متأثرا بإصابات خطيرة. ولم ينس عمال الشركة وزبائنهم حادثي بلعباس والبويرة، حتى وقع على مسامعهم وفاة امرأة بغليزان دهسا تحت قطار كان متوجها من ولاية وهران نحو مدينة العاصمة، وذلك يوم 22 فيفري. كما لقي طفل مصرعه، يوم الأربعاء 24 فيفري الجاري، تحت عجلات قطار الضاحية الغربية للعاصمة وبالضبط بمنطقة المحمدية ببئر توتة، وهو ما دفع بسكان المنطقة إلى تنظيم وقفة احتجاجية وغلق الطريق على باقي القطارات والذي تسبب في تدبدب كبير في مواعيد الرحلات. ولحسن الحظ، لم يخلّف حادث انحراف قطار نقل المسافرين من وهران نحو العاصمة، أول أمس الجمعة، أي ضحايا، بعد أن انحرف عن السكة على مستوى المكان الرابط بين عين الدفلى وعين التركي.