لم تعد حوادث المرور المميتة تقتصر على الطرقات وإنما تعدتها إلى السكك الحديدية، أين أصبحت القطارات تخلّف عشرات القتلى، مما أدى بالبعض إلى إطلاق عبارة إرهاب السكك الحديدية، استنساخا من إرهاب الطرقات الذي أصبح يشكل هاجسا للمواطن الجزائري خلال تنقلاته الداخلية. أودت القطارات في عدة حوادث مميتة بحياة عدة أبرياء، آخرها ما وقع الشهر الماضي على مستوى خط البليدة، حيث تسبب قطار في فقدان حياة طفلين لا يتجاوز عمرهما 9 سنوات، كانا بصدد عبور السكة الحديدية، وقد وقع الحادث الذي راح ضحيته طفلان أخوان ''أبو بكر. د'' البالغ من العمر 9 سنوات و''خديجة. د'' صاحبة ال6 سنوات، بالنقطة الكيلومترية 45 بمنطقة خزرونة، عن طريق قطار كهربائي كان متوجها من العفرون إلى الجزائر العاصمة، ليتفاجأ السائق بظهور الطفلين اللذين كانا يعبران الطريق. كما شهدت نفس المنطقة حادثا مماثلا، راح ضحيته شخص يبلغ من العمر 23 سنة، فيما تعرض ابنه البالغ من العمر 5 سنوات إلى إصابة حرجة. وخلال يومين تسبب قطار في إصابة طفل في سن الرابعة من العمر، مما استدعى نقله إلى مصلحة الإستعجالات في حالة حرجة، بعد أن دهسه قطار كان قادما من المسيلة على مستوى قرية المجاز ببلدية العش في برج بوعريريج، وقد وقع الحادث في ساعة متأخرة، ويتعلق الأمر بالضحية ''ل. م'' البالغ من العمر 4 سنوات، أصيب على مستوى الرأس، حيث تم نقله إلى مستشفى بوزيدي، أين وضع تحت العناية المركزة، وكان القطار يجر 3 عربات خاصة بنقل المسافرين مكتظة بطلبة جامعة محمد بوضياف بالمسيلة، وبعد توقفه أقدم مئات المواطنين الغاضبين على منع تحرك القطار، محتجين ومطالبين بحضور المسؤولين المحليين لحماية السكان من خطر طريق السكة الحديدية، الذي يتوسط قريتهم على امتداد ما يقارب 5 كلم، بدءا من النفق إلى غاية سد القصب. وحسب أحد العاملين بمحطة القطار على مستوى ولاية بومرداس، الذي أكد ل''لنهار'' أن القطارات أدت إلى إزهاق العديد من الأرواح، آخرها حسبما رواه محدثنا قصة أحد اللصوص، التي جرت تفاصيلها على متن القطار القديم، حيث أقدم البطل على سرقة حقيبة راكبة، وعند محاولة ردعه من طرف الركاب، قام برمي نفسه من القطار، لتكون نهاية القصة مأساوية بدهسه بالقطار ومفارقته للحياة فورا. كما أضاف محدثنا أنه في العام الماضي لقي أحد المجانين في ذات المكان حتفه، بعدما دهسه القطار بعدما كان راقدا وسط السكة. ومن الحوادث التي لطالما نسمع عنها على مستوى خطوط السكك الحديدية، ونسمع عنها كذلك يوميا على مستوى الطرقات والمتمثلة في الإنحراف، حيث نجا مئات الركاب على متن القطار الرابط بين تيزي وزو والجزائر من كارثة حقيقية، إثر انحراف العربتين الأخيرتين والقاطرة عن السكة، لتسير خارجها على مسافة كيلومتر بدون انتباه السائق. وحسب المعلومات المتداولة آنذاك، فإن السائق لم ينتبه لانحراف العربتين والقاطرة، حيث واصل السير لمسافة كيلومتر، قبل أن يتقدم منه أحد المسافرين من العربات الأخيرة ليشعره بالأمر ويوقف القطار. إهمال المواطنين من أهم الأسباب وتزايدت حوادث القطارات على مستوى خطوط السكك الحديدية، حسب أحد مسؤولي الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، بسبب عدم تسييج السكك، نقص الحراسة على مستوى الممرات واتخاذ محطات السكك الحديدية كمنتجعات للسكارى والمنحرفين الذين يغيبون عن الوعي، إضافة إلى عدم وجود ثقافة لدى المواطنين الذين يفضلون عبور السكة الحديدية على الجسر ''الباسرال''، وعدم احترام تعليمات أعوان الأمن التابعين للشركة، وكذلك الإشارات والسير فوق الخطوط. تسجيل 16 حالة وفاة منذ شهر جانفي القطارات تقتل 5 أشخاص شهريا تسببت حوادث القطارات على مستوى خطوط السكك الحديدية خلال الثلاثي الأول من سنة 2011 في وفاة 16 شخصا وإصابة 26 آخر، لتحقق ارتفاعا كبيرا وغير مسبوق مقارنة بالسنة الماضية، التي سجلت طيلة السنة وفاة 25 شخصا وإصابة 19 آخر في مختلف الأحداث التي شهدتها خطوط السكك الحديدية عبر الوطن.وحسب الإحصائيات التي قامت بها الشركة الوطنية للسكك الحديدية، تحصلت ''النهار'' عليها خلال أشهر جانفي، فيفري ومارس من السنة الحالية، فإنه تم تسجيل 5 ضحايا كلهم بسبب الإصطدام عن طريق قطع السكة الحديدية و7 مصابين بجروح مختلفة، اثنان منهم على مستوى الممرات غير المحروسة، ثلاثة عن طريق الدهس بالقطار وشخص خلال خروج القطار عن الخط. وفي شهر فيفري تقلّص عدد الوفيات مقارنة بالشهر الذي سبقه إلى شخص واحد، لتكون الحصيلة 4 ضحايا، اثنان عبر ممر محروس وآخران عن طريق الإصطدام، لكن في المقابل ارتفع عدد الجرحى إلى 12 ضحية، أربعة منهم أصيبوا على مستوى ممر غير محروس، 5 منهم أيضا دهسا وثلاثة بواسطة القذف بالحجارة. وفي الشهر الموالي ارتفعت حصيلة الوفيات مقارنة بالشهرين المواليين إلى 7 ضحايا دهسا مباشرة بالقطارات، لكن سجل انخفاضا في عدد الإصابات إلى 7 أشخاص، ستة منهم على مستوى ممرات غير محروسة وأصيب شخص دهسا. كما عرفت السنة الماضية حسب نفس الإحصائيات المتوفرة لدى ''النهار'' أيضا وفاة 25 شخصا، 24 منهم عن طريق الدهس بالقطار ووفاة واحدة على مستوى ممر سكك حديدية غير محروس، كما تم تسجيل 19 شخصا مصابا، 14 حالة بواسطة القذف بالحجارة،4 مصابين في ممرات غير محروسة وإصابة 3 أشخاص على مستوى خطوط السكك الحديدية، لكن تسببت فيها أشياء أخرى وليس القطارات، أما الحالات الأخرى فانقسمت بين الإعتداءات من قبل اللصوص، والممرات المحروسة وغير المحروسة.