انتهت أول أمس "حكاية" خير الدين زطشي مع اتحادية كرة القدم، بانتخاب شرف الدين عمارة خليفة له، في جمعية عامة انتخابية جرت بفندق "الشيراتون" غرب العاصمة، بعدد أصوات أكبر من التي حاز عليها زطشي قبل 4 سنوات. ما أفضت إليه أشغال الجمعية العامة الانتخابية، بجملة من الخروق القانونية، يقدّم الصورة الحقيقية عن حقيقة "الحرب الشعواء" بين السلطة العمومية والاتحادية الكروية لأكثر من سنة كاملة، استعملت فيها من الجانبين كل الطرق المشروعة وغير المشروعة لكسب "المعركة"، قبل أن "يسقط" الرئيس المنتهية عهدته دون نصف تعداد مكتبه، عقب مفاوضات وتوازنات وصراعات قادت إلى "المرشح التوافقي" شرف الدين عمارة ليكون خليفة خير الدين زطشي، دون أن يشهد "الخيار" المعروض ل "التزكية" أية مقاومة من أعضاء الجمعية العامة التي منحته، بعد عملية التصويت عن طريق الصندوق، 75 صوتا "موافقا" على برنامجه، مقابل 13 صوتا رافضا، بما يجعل الرئيس الجديد شرف الدين عمارة ينال ثقة شريحة أكبر من التركيبة، كون الرئيس السابق خير الدين زطشي نال يوم 20 مارس 2017 ثقة 64 صوتا مقابل رفض 36 عضوا من الجمعية العامة توليه الرئاسة في ذلك الوقت. شرف الدين عمارة ينال شرف تسيير اتحادية منهارة في سيناريو مشابه تقريبا لذلك الذي جعله يجد نفسه على رأس ناد عريق "منهار" في تلك الفترة، ونقصد به شباب بلوزداد الذي كان وقتها على شفا حفرة من "الانفجار"، فالرئيس المدير العام لشركة "مادار" لم تكن لديه علاقة مباشرة بكرة القدم قبل 3 سنوات، ليجد نفسه بقوة الظروف الاستثنائية التي مرّ بها شباب بلوزداد، أمام الضائقة المالية غير المسبوقة، على رأس النادي العريق، ثم يحقق معه ما عجز عن تحقيقه "أهل الاختصاص"، بتجنيب الفريق السقوط، ثم التتويج بكأس الجزائر والكأس الممتازة وأخيرا لقب البطولة. ومثلما "بحث" عنه كرسي رئاسة شباب بلوزداد في ظروف استثنائية، فإن نفس الظروف التي مرت بها اتحادية كرة القدم، وصراعات الأطراف المعنية و "غير المعنية"، وتحوّل رئاسة الاتحادية إلى "قضية دولة"، ودخول المدرب الوطني جمال بلماضي "على الخط"، جعلت كرسي رئاسة "الفاف" من نصيبه دون طلب منه، وبنفس "حقيقة الميدان" التي تجعل شرف الدين عمارة يخوض "معركة" إنقاذ اتحادية على وشك "الانهيار" بنفس المعطيات والحقائق التي جعلته، قبل 3 سنوات، ينجح في إنقاذ فريق على وشك "الانفجار". مَن كان "زاهدا" في كرة القدم أو غير مكترث بها يجد نفسه في واجهة أحداثها بتبوئه منصبي رئاسة في 3 سنوات، فمن "العدم" إلى رئاسة شباب بلوزداد العريق ثم اتحاد الكرة العالمي، لا يمكن أن يكون سوى "تكليف" و "تشريف" معا، طالما أن كراسي المسؤولية كثيرا بل دائما ما أشعل "فتيل حروب" بين "أصحاب المصالح"، ونادرا ما عادت إلى غير الراغبين فيها، بما يجعل شرف الدين عمارة، الذي كان أحد خيارات السلطة إلى جانب عنتر وجهيد زفزاف، في واجهة أحداث كروية، مرتديا "رغما عنه" ثوب البطل أو منقذ الكرة الجزائرية من الانهيار. وعلى الرغم من اقتناعه بأن الظروف الاستثنائية قادته إلى رئاسة الاتحادية دون احترام إجراءات قانونية، وإدراكه أيضا، وهو يقبل "المهمة"، بأن الأولوية هي إعادة الاستقرار ل "الفاف" وضمان اجتيازها لمرحلة "الهزات الارتدادية" التي فرضها عليها سابقه خير الدين زطشي، إلا أن شرف الدين عمارة، وهو يستعرض برنامجه على الأعضاء، منح الجانب القانوني الأولوية، بتأكيده على تكييف قوانين "الفاف" مع قوانين "الفيفا"، كون المرحلة التي تلي انتخاب عمارة رئيسا ل "الفاف" خلفا لزطشي هي الأصعب، ما لم يتم الاستقرار على موقف نهائي من "الفيفا" بخصوص تلك التهديدات بالإقصاء التي "أشعل فتيلها" زطشي وجماعته، وما لم يحدد أيضا جمال بلماضي موقفه رسميا، إما أن يكون مع زطشي أو مع الجزائر. وحتى يسوّق الرئيس الجديد شرف الدين عمارة للرأي العام بأنه "مختلف" حقا عن سابقه، سواء من حيث طريقة العمل أو المعاملة، فقد كانت أشغال الجمعية العامة الانتخابية "مفتوحة" أمام الإعلام، لأول مرة منذ زمن بعيد، شهد "غلقا" مطبقا لكل الأشغال على الإعلام، وهو سلوك ورثه زطشي عن روراوة، وتخلى عنه شرف الدين عمارة، ثم كانت تلك الخطوط العريضة لبرنامج عمله الذي أعده في "ظرف استثنائي" بسبب الإعلان المتأخر ل "الفاف" عن تاريخ الانتخابات، لتبرز مدى حرصه على أن يكون مختلفا عن "اتحادية الفضائح"، أو على الأقل محاولة إضفاء الصبغة القانونية للجمعية العامة الانتخابية رغم أنه المترشح الوحيد، كون سابقه زطشي جيء به على ظهر دبابة ودون أن يقدّم للجمعية العامة أي برنامج. وباستعراض جملة من النقاط التي يتضمنها برنامج شرف الدين عمارة، فإن تسليط الضوء على أغلب الجوانب يقدم قراءة ومؤشرا واضحا بأن "الرجل" ورث فعلا "اتحادية منهارة"، اختار لها سابقه أن تصرف 278 مليار سنتيم في سنة "الكوفيد"، وأن يتعدى "مصدر قراراتها" أسوار الاتحادية خاصة فيما يتعلق بالتحكيم، وتخرج منتخباتها الوطنية الشبانية تباعا من كل المنافسات، وفيها تستفيد أكاديمية بارادو من أكبر عدد من اللاعبين الذين يحصلون على صفة "اللاعب الدولي"، وشيّد الرئيس السابق ل "الفاف" عدة جمهوريات، وتحوّلت "الاتحادية العالمية" من حيث طريقة تعاملها إلى ما يشبه "عصابة" أنقذ رأسها إلى حين جمال بلماضي الذي لم يؤمن به زطشي يوما حين راح المدرب بلماضي ينتزع التاج الإفريقي من عمالقة الكرة السمراء من أرض الفراعنة.