ارتفعت أصوات في فرنسا تطالب بالحصول على الأرشيف الفرنسي بالجزائر، في هجوم مضاد على المطالب الجزائرية الملحة لتسليمها الممتلكات والوثائق التي تم الاستحواذ عليها خلال فترة الاحتلال، يعود جزء منها إلى العهد العثماني. خاطب برلماني من حزب الجمهوريين اليميني وزيرة الثقافة في بلاده، بخصوص ما تعتزم القيام به تجاه السلطات الجزائرية في مجال استرجاع وثائق الحالة المدنية الفرنسية المتبقية في الجزائر. وأشار عضو مجلس الشيوخ، آلان شاتيون، المقرب من جمعية قدماء محاربي شمال إفريقيا، في سؤال كتابي إلى وزيرة الثقافة إلى الصعوبات التي تواجهها مساعي جمعية تعمل على إنجاز قاعدة بيانات خاصة بالأنساب تم جمعها في جميع المحفوظات الفرنسية. وتابع البرلماني "لسوء الحظ، لا توجد وثيقة يمكن الوصول إليها من الأرشيف الجزائري"، في إشارة إلى عدم إتاحة الاطلاع على الأرشيف عبر شبكة النت، وأنه "عليك أن تمر عبر عدد هائل من الاتفاقات من الحكومة الجزائرية ومدير الأرشيف وآخرين، وعلى العكس من ذلك، يمكن للجزائريين تصفح بحرية ومجانية الأرشيفات الوطنية لأراضي ما وراء البحار في إكس إن بروفانس مباشرة أو عبر شبكة الأنترنت". وأبدى البرلماني الفرنسي خشيته من ضياع هذه المحفوظات، موضحا في سؤاله أنه "من المهم بمكان الوصول إلى هذا الأرشيف الفرنسي (المحفوظ في الجزائر) في ظل وجود تهديد بضياعه". وخاطب البرلماني وزيرة الثقافة بخصوص الإجراءات التي تعتزم اتخاذها لتحقيق هدف "تقاسم حقيقي للذاكرة بين البلدين وبعث المحادثات التي بدأها رئيس الجمهورية (الفرنسي) للتوصل إلى اتفاق مع السلطات الجزائرية"، بهدف ضمان "المشاركة المتبادلة والعادلة لهذه المحفوظات"، مؤكدا على أن الأمر يتعلق ب"ضمان حق الفرنسيين المولودين في الجزائر في الوصول أخيرًا إلى ذاكرتهم وهويتهم". وينسجم هذا الموقف عن البرلماني مع مطالب صدرت عن مؤرخين فرنسيين، آخرها عن المؤرخ بيار نورا في حصة تلفزيونية في فيفري الماضي، دعا فيها السلطات الجزائرية للقيام بخطوة مماثلة لقرار إيمانيويل ماكرون برفع السرية الجزئية عن الأرشيف الخاص بحرب الجزائر. ومن الناحية العلمية والإنسانية يعد الطلب مقبولا، لكنه يخفي في عمقه حجم المقاومة الفرنسية لفتح قضية الأرشيف التي تعد جزءا صغيرا من ملف أكبر يتعلق بالممتلكات الثقافية الجزائرية التي نهبها المستوطنون، بما فيها آثار رومانية موجودة في المتاحف الفرنسية والمجموعات الخاصة، والتي جرى بيع قطع منها تمكن الجانب الجزائري من الوصول إلى جزء منها.