جزء كبير من الأرشيف لازال محفوظا في علب لم تفتح ** من الواضح أن الماضي الإرهابي الاستدماري لدولة فرنسا مازال يشكّل مصدر أرق وقلق لها وهي تخفي الكثير من الحقائق التي تخص ما ارتكبته من جرائم بشعة في مستعمراتها السابقة ومنها الجزائر التي ذاقت منها الويلات ورغم مضي عقود عديدة على الاستقلال مازال الجزائريون غير قادرين على الوصول إلى جزء كبير من الأرشيف الذي يفضح فرنسا.. وتعترف السلطات الفرنسية ضمنيا بأن جانبا من الحقيقة مازال مغيبا داخل علب أرشيفية لم تفتح بعد حيث أقر تقرير لمجلس المحاسبة الفرنسي أن حجما كبيرا من الأرشيف الذي نقل من الجزائر لازال محفوظا في علب لم تفتح مشيرا إلى نقائص في حفظه وتصنيفه. وبطلب من لجنة المالية لمجلس الشيوخ قام مجلس المحاسبة بتحقيق حول الأرشيف الوطني المسير من طرف وزارة الثقافة والاتصال وخلص في تقريره الذي تم نشره عبر موقع الإنترنيت إلى أن تصنيف الأرشيف (أصبح إشكالا) نتيجة (تأخر في الفرز والمعالجة) بما في ذلك حجم كبير من الأرشيف الذي لم يتم فتحه بعد منذ القدوم به من الهند الصينية ومن الجزائر . وبعد الحديث عن فوضى كبرى تطرق التقرير إلى المهام المتعلقة بالأرشيف من جمع وتصنيف وحفظ واتصال والتي (تمت بطرق غير عادلة وفيها تقصير في غالب الأحيان). ومن بين (التأخرات المسجلة في التصنيف) ذكر مجلس المحاسبة أن بعض المحفوظات لم يتم فتحها منذ إحضارها من الجزائر سنة 1962 ومن ثمة استحالة استغلال هذه الموارد من طرف الباحثين والمواطنين. وأشار التقرير إلى أنه بالإضافة إلى الحالة المدنية للجزائر فإنه يوجد على الموقع الالكتروني عدد هام من الصور الفوتوغرافية (34.000 صورة) والخرائط والمخططات (43.00) ومحفوظات أخرى تهم أكثر البحث العلمي من علم الأنساب (مكاتب العرب في الجزائر والبعثات الدينية ومستخدمي الإدارة الاستعمارية). وذكر في هذا السياق بتعليمة الوزير الأول الفرنسي المؤرخة في 4 ماي 1999 التي فتحت باب الاطلاع على أرشيف مجازر 17 أكتوبر 1961 بباريس وتعليمة الوزير الأول المؤرخة في 13 أفريل 2001 التي فتحت الاطّلاع على الأرشيف المتعلق بحرب التحرير الوطني. ولكن العديد من الجمعيات الناشطة بفرنسا بدعم من المؤرخين الفرنسيين طالبت بشأن مجازر 17 أكتوبر 1961 بفتح أرشيف فرقة نهر السين التي كانت قد أعدت تقارير بخصوص انتشال جثث جزائريين من النهر. وأضاف مجلس المحاسبة أن مرسوما صادرا سنة 2005 فتح الاطلاع برخصة على الأرشيف المتعلق بالفترة ما بين 1951 و1972 والذي أدرجته الإدارة المركزية للمخابرات العامة ضمن الأرشيف الوطني مشيرا إلى أن موقع الأرشيف الوطني لآكس-اون-بروفانس تم إنشاؤه لضرورة إيجاد مقرات لاستقبال الأرشيف الذي تم إحضاره من المستعمرات القديمة ومن الجزائر حيث كان موزعا عبر كامل فرنسا (باريس فانسين وبوردو ومرسيليا). بالنسبة للجزائر أشار مجلس المحاسبة إلى (نزاع) ما زال قائما بخصوص أرشيف الفترة الاستعمارية مشيرا إلى أن محفوظات الحقبة العثمانية (ما قبل 1830) التي تم نقلها (خطأً) تمت إعادتها سنة 1975 (بعد تحديدها). وأكد التقرير أن حجما هاما من الأرشيف ما زال لم يعالج بعد ولا زال في بعض الأحيان على حالة حفظه الأصلية نظرا لعدم فتح العلب منذ نقلها من الجزائر سنة 1962. وعلى الرغم من نقائص التوحيد من حيث التصنيف والإدراج من طرف مصالح الأرشيف بعين المكان فإن الطابع غير الكامل لقوائم التسجيل بل وغيابها تماما نظرا لظروف نقلها المستعجل يتطلب معالجة تحتاج إلى الوقت والوسائل ولا شيء يبرر عدم وضع أداه بحث تلخيصي بعد مرور 50 سنة عن نقل الأرشيف إلى مركز آكس-اون-بروفانس . وبالنسبة الجزائر فإن مسألة استرجاع الأرشيف الذي نقلته فرنسا غداة الاستقلال قضية مبدئية حيث أكد وزير المجاهدين الطيب زيتوني خلال زيارته إلى فرنسا في جانفي 2016 أن لجنة ثنائية تم تنصيبها لبحث هذا النزاع المعقد للغاية والذي لم يجد بعد تسوية . وقد استرجعت الجزائر محفوظات أرشيف من 12 بلدا عربيا لا سيما تونس وليبيا ومصر.