مبادرة برلمانية فرنسية تسعى إلى إعادة بعث النقاش حول ملف الذاكرة، طرحها أحد أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي، ستيفان لو رودولييه، عن حزب "الجمهوريون"، وهو حزب معارض محسوب على اليمين المحافظ أو من يسمون ب"الديغوليين"، نسبة إلى الرئيس الفرنسي الأسبق شارل دي غول. المبادرة جاءت في شكل سؤال كتابي وجهه السيناتور المنتخب عن مقاطعة "بوش دي رون"، إلى وزير أوروبا والشؤون الخارجية، جون إيف لودريان، ويتعلق بالأرشيف الذي تركته فرنسا في الجزائر بعد خروجها مدحورة في العام 1962. السيناتور يطالب حكومة بلاده، كما جاء في السؤال الكتابي، بالتدخل لدى السلطات الجزائرية من أجل تمكين الجمعيات والمواطنين الفرنسيين من الوصول إلى الأرشيف الموجود في الجزائر، لأن الوصول إلى هذا الأرشيف يبقى برأي "لو رودولييه"، "معقدا للغاية". المشكلة الأكبر برأي السيناتور الفرنسي، التي تمنع الفرنسيين من الوصول إلى محفوظات الأرشيف الجزائري، تكمن في عدم حصولهم على التأشيرة من القنصليات الجزائرية الموجودة في فرنسا، وهنا طلب من سلطات بلاده التشاور مع الحكومة الجزائرية، من أجل إشراك المدير العام للأرشيف الوطني الجزائري، والولاة، على أمل تسهيل عملية الوصول إلى الأرشيف. ولإعطاء دفع لمبادرته التي قد تصطدم بالعراقيل الدبلوماسية والإدارية باعتبار المسألة تتعلق بقضية حساسة تعذر تجاوزها منذ عقود من الزمن، يقترح السيناتور الفرنسي على سلطات بلاده، تسهيل وصول الباحثين الجزائريين وغيرهم من الراغبين في نبش أرشيف بلادهم المهرب إلى فرنسا، والمحفوظ في رفوف "إيكس أون بروفانس" مجانًا وبدون مقابل، سواء بالتنقل إلى مكان الحفظ بجنوب شرق فرنسا، أو على موقع محفوظات الأرشيف الفرنسي على شبكة الأنترنيت. ويعتقد صاحب المبادرة أن غياب تبادل الشروط المفروضة على الوصول إلى محفوظات الأرشيف، من شأنه أن يضر بمصالح الرعايا الفرنسيين على هذا الصعيد، ودعا إلى تصحيحه في أقرب وقت ممكن، وهو ما كان وراء توجيه هذا السؤال إلى الحكومة الفرنسية، والذي يتحسس معرفة مدى تقدم المفاوضات مع الحكومة الجزائرية بشأن هذه القضية. وتعتبر قضية الأرشيف من بين الملفات التي ساهمت في تسميم العلاقات الجزائرية الفرنسية على مدار عقود، فبينما تطالب الجزائر باسترجاع كامل أرشيفها المسروق من قبل السلطات الفرنسية، التي بدأت في تهريبه منذ اقتناعها بقرب استقلال الجزائر، تصر باريس على أن الأرشيف الجزائري الموجود في "إيكس أو بروفانس"، هو أرشيف فرنسي خالص، على حد زعمها. وكان المدير الوطني للأرشيف، والمستشار برئاسة الجمهورية، عبد المجيد شيخي، قد هدد فرنسا في وقت سابق، بمقاضاة السلطات الفرنسية لدى المحاكم الدولية، في حال أصرت باريس على رفضها تسليم الأرشيف الوطني المسروق، علما أن المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، الذي أنهى تقريره حول الذاكرة والاستعمار الفرنسي، اقترح تشكيل لجنة تعنى بالملفات العالقة بين البلدين، ومن بينها الأرشيف المسروق.