قطع وزير السكن والعمران والمدينة محمد طارق بلعريبي الشك باليقين، بتأكيده استمرار الدولة الجزائرية في تبني وانتهاج سياسة إسكان لفائدة المواطنين، وفقا لمبادئ ثورة التحرير المجيدة، وتكريسا للطابع الاجتماعي. في مقابلة مع "الخبر"، شدد بلعريبي على أن الصيغ السكنية المعتمدة من طرف الحكومة، والتي تعمل وزارة السكن والعمران والمدينة على إنجازها وتحقيقها وفقا لبرنامج رئيس الجمهورية، تستهدف تحقيق أهم أهداف ثورة التحرير التي يحتفل الشعب الجزائري بعيدها ال68 في الفاتح نوفمبر الداخل. وأضاف أن ما يُنجز ويوزع من وحدات سكنية في مناسبات وطنية، مثل عيدي الثورة والاستقلال، وباقي الأيام الوطنية استعادة لتضحيات الأجداد، تأكيدٌ للسير على خطاهم وصون للأمانة، والذي يتجسد عبر العمل على الحفاظ على كرامة المواطنين ومعالجة انشغالاتهم. وتابع الوزير أن عيد الثورة لهذه السنة سيكون مناسبة لتوزيع ما لا يقل عن 120 ألف وحدة سكنية من مختلف الصيغ، منها 68 ألف وحدة بصيغة العمومي الإيجاري، و30 ألف وحدة بصيغة البيع بالإيجار، وما لا يقل عن 12 ألف وحدة من السكن الريفي، وبرامج اجتماعية تشتمل على حوالي 4300 وحدة. وردا على سؤال بخصوص توجهات الحكومة للفترة المقبلة فيما يخص سياسة الإسكان، وإذا ما كانت ستعيد النظر في ما هو موجود من صيغ، وابتكار صيغ جديدة لتلبية الطلب المتزايد على الشقق السكنية المتضمنة في برامج الحكومة، قال بلعريبي إن الصيغ الحالية للإسكان تفي بالغرض، وتحقق أهداف القطاع بشكل مقبول جدا، مستبعدا التخلي عن أي منها، على اعتبار أن اعتمادها منذ سنوات جاء بناء على دراسة ميدانية ومعاينات تقوم على المعرفة الجيدة باحتياجات المواطنين من مختلف الفئات العمرية والاقتصادية. وفي نفس السياق، أكد بلعريبي أن الدولة لن تتخلى عن سياستها الاجتماعية في مجال الإسكان، كونه مبدأ قامت لأجله الدولة الجزائرية، وهو مستوحى من مبادئ ثورة 1 نوفمبر المجيدة. واسترسل: "ليس من باب الطوباوية الحديث عن إنجازات الدولة في مجال الإسكان والتعمير، بل هي حقيقة ماثلة للعيان، والجميع يعترف بأن ما تحقق يرجع الفضل فيه إلى الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، والأشواط التي قطعتها منذ الاستقلال إلى غاية اليوم في هذا المجال". وبلغة الأرقام، كشف بلعريبي أن إنهاء عام 2022 بالانتهاء من إنجاز وتوزيع ما لا يقل عن 380 ألف وحدة سكنية من مختلف الصيغ، يؤكد إرادة الدولة في الاستجابة للطلب على السكن، مذكرا بعملية التوزيع التي نفذت في عيد الاستقلال، والتي شملت توزيع 160 ألف وحدة سكنية، تلتها عملية أخرى في الذكرى المزدوجة للهجوم الشمالي القسنطيني ومؤتمر الصومام في 20 أوت الماضي، والتي شملت 30 ألف وحدة، أي أن القطاع توصل إلى توزيع ما لا يقل عن 376 ألف وحدة سكنية في ظرف 10 أشهر فقط. وقبل ذلك، وزعت السلطات العمومية تحت إشراف الوزارة أكثر من 45 ألف وحدة في الثلاثي الأول من العام الحالي، و21 ألف وحدة في الثلاثي الثاني. ويضاف هذا الرقم، حسب بلعريبي، إلى ما تحقق في سنة 2020 التي عرفت توزيع 220 ألف وحدة سكنية، و2021 التي عرفت توزيع 320 ألف وحدة من مختلف الصيغ السكنية.
أولوية للسكن الترقوي المدعم
وعن أولويات القطاع للعام المقبل، كشف وزير السكن أنها تتمثل في استكمال المشاريع المسجلة ضمن برنامج "عدل 2" وباقي الصيغ، وإيلاء صيغة السكن الترقوي المدعم الأهمية التي يستحقها، لأن الطلب المسجل عليها معتبر. وعن مدى توفر الأراضي المخصصة للتعمير والبناء للتوصل إلى الاستجابة للطلبات المسجلة، أوضح بأن هذه النقطة واحدة من التحديات التي يتوجب إيجاد حلول لها، بسبب عدم توفر أراضي في المدن الكبرى مثل العاصمة خاصة، والحل يكمن في التوجه نحو التوسع العمراني إلى الأطراف والضواحي.
تجمعات سكنية كبرى
وبخصوص تسليم المجمعات المصنفة ضمن خانة الأحياء والتجمعات السكنية الكبرى، أشار الوزير بلعريبي إلى الانتهاء من حصرها، مبرزا بهذا الخصوص التجمعات السكنية في البليدة (65 ألف وحدة سكنية)، وأم البواقي (2800 وحدة) وقالمة (6700 وحدة) وغرداية (1600 وحدة). وفي السياق ذاته، كشف الوزير عن الشروع بداية نوفمبر القادم في تسليم شهادات التخصيص لأزيد من 50 ألف مكتتب في "عدل 2".
مرافق تربوية جديدة
وسألت "الخبر" بلعريبي عن نتائج الالتزامات المبرمة مع وزارة التربية الوطنية بخصوص إنجاز المنشآت التربوية المتضمنة في المشاريع السكنية المسلمة، فأكد أن كل الالتزامات تم الوفاء بها في الآجال المحددة، مع تسليمها، منها 284 منشأة دراسية. وأي تأخير في التسليم يرجع بالأساس إلى عوامل طارئة، مثل انزلاقات التربة، والتي يتم التعامل معها في وقت قياسي مقارنة مع الفترات السابقة.
محلات "عدل"
وردا على سؤال حول مصير المحلات والمقرات التجارية المتضمنة في التجمعات السكنية لوكالة عدل، أكد الوزير بلعريبي أن عملية الإحصاء والمعاينات جارية، وسوف يتم تفعيل دفتر الشروط الخاصة بها، فبعد مرور 90 يوما على إبرام التعهدات مع المستفيدين منها، ستقوم الجهات المختصة بالتأكد من الانطلاق الفعلي في الاستغلال، وإذا تبين خلاف ذلك فسيتم فسخ عقد الاستفادة واسترجاع العقار، وعرضه على من يستوفي الشروط ويلتزم بالنشاط وفقا لبنود دفتر الشروط. واستفسرت "الخبر" حول إمكانية توجيه هذه المحلات لفائدة الشباب حاملي الشهادات والمشاريع الناشئة، بما يسهم في امتصاص البطالة وينشط الدورة الاقتصادية والتجارية لهذه العقارات المملوكة لوكالة "عدل"، فأجاب وزير السكن والعمران والمدينة أن هذه التدابير سارية في إطار برنامج "عدل 2013"، مشيرا إلى صدور قرار وزاري من وزارة الداخلية والجماعات المحلية، يتم بموجبه تخصيص حصة من محلات وكالة "عدل" على مستوى الأحياء السكنية إلى فئة الشباب وأنشطة المشاريع الناشئة، وحتى بعض فئات المهن الحرة، على أن يضطلع بهذه المهمة الوالي، وأضاف: "هذا الإجراء إذاً ليس جديدا، بل هو موجود ومطبق. ويتم تجسيده عبر التعاون مع الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية أناد، إضافة إلى أنشطة تلبي احتياجات السكان مثل قاعات العلاج والإسعافات الأولية".
ملاعب بمعايير عالمية
وعن سؤال بخصوص آجال تسليم ملاعب كرة القدم بالعاصمة، وهي ملاعب الدويرة وبراقي وتيزي وزو، أكد بلعريبي أن عمليات الإنجاز وصلت إلى مرحلة متقدمة جدا، وفي مرحلة وضع اللمسات الأخيرة بالنسبة لملعب براقي الذي تم إجراء الاختبارات الأولى فيه مساء الاثنين، وستقوم الوزارة بتسليمه لصاحب المشروع في أجل قريب جدا، مشيرا إلى ما تبقى لحد الآن هو لمسات يستغرق الانتهاء منها أسبوعا على الأكثر. وأما بالنسبة إلى ملعب تيزي وزو، فقد توقع الوزير تسليمه قبل نهاية السنة الجارية، فيما تستمر الأشغال في ملعب الدويرة. وعما إذا كانت هناك خطة لبناء ملاعب جديدة في مناطق أخرى من الوطن، كشف بلعريبي أن رئيس الجمهورية أمر في وقت سابق بوضع الترتيبات اللازمة لإنجاز 4 ملاعب جديدة في كل من ولايات ورقلة وبشار وعنابة وقسنطينة، ستُشيَّد هي الأخرى وفقا للمعايير الدولية، بما يسمح للجزائر مستقبلا باستضافة التظاهرات الرياضية القارية والدولية، مستذكرا النجاح المحقق في تنظيم بطولة ألعاب البحر المتوسط بمدينة وهران شهر جوان الماضي.
وبشأن تسليم جامع الجزائر الأعظم، وتاريخ تدشينه رسميا، كشف بلعريبي في مقابلته مع "الخبر" عن إتمام عملية تسليم محاضر التسليم مع مؤسسات الإنجاز منذ أسبوعين، تمهيدا لاستلام صاحب المشروع، وهي وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، لهذا الصرح الديني الحضاري. واغتنم بلعريبي المناسبة للتأكيد بأن ما تحقق مع الجامع الأعظم بعد إسناد مهمة إنجازه إلى وزارة السكن والعمران والمدينة، تم تحقيقه مع المنشآت الرياضية، مقدرا صواب قرار رئيس الجمهورية عندما أمر بتولي الوزارة هذه المهمة.
قانونا التعمير والترقية العقارية
أما بشأن مراجعة قوانين التعمير ونشاط الترقية العقارية، وتحيين الإجراءات المتعلقة بها، بما يؤثر إيجابا على الحركية التي يعرفها قطاع السكن والتعمير في البلاد، وتحسبا للبرامج المرتقبة في المستقبل المنظور، أكد وزير السكن والعمران والمدينة محمد طارق بلعريبي أن مشروع قانون التعمير ومشروع قانون الترقية العقارية جاهزان، وستتم مناقشتهما على مستوى الحكومة، على أن يتم إحالتهما على البرلمان خلال الدورة التشريعية الحالية 2022-2023.