أقر البرلمان الفرنسي بصورة نهائية ليل الثلاثاء مشروع قانون مثير للجدل بشأن الهجرة بعدما أيّده في مجلس النواب 349 نائبا وعارضه 186 نائبا بعيد إقراره في مجلس الشيوخ. وعلى الرغم من أن إقرار هذا النص يمثل انتصارا للأغلبية البرلمانية، إلا أنه ينطوي على عواقب سياسية خطيرة. وفي ختام مفاوضات طويلة وصعبة انتهت الثلاثاء اتفق أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ على نسخة مشتركة من النص المثير للجدل. وصوت اليمين واليمين المتطرف لصالح النص، بينما صوت اليسار ضده. بالمقابل، انقسمت حول النص. أحزاب الوسط الداعمة للحكومة. وسارع وزير الداخلية جيرالد دارمانان إلى الترحيب بإقرار مشروع القانون. وقال في منشور على منصة إكس (تويتر سابقا) إن "نص الهجرة تم إقراره بشكل نهائي. معركة طويلة من أجل دمج أفضل للأجانب وطرد أولئك الذين يرتكبون أعمالا إجرامية. نص قوي وحازم". بالمقابل، ندد بالنص زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلنشون، معتبرا إقراره "نصرا مقززا" تحقق بفضل أصوات اليمين المتطرف. وقال ميلنشون عبر منصة إكس "لقد تأسس محور سياسي جديد". من جانبه، رحّب رئيس حزب الجمهوريون (يمين) إريك سيوتي، ب"انتصار تاريخي لليمين" و"قانون جمهوري لمكافحة الهجرة الجماعية". وفور إقرار مشروع القانون، أعلن الحزب الاشتراكي عزمه على الطعن بالنص أمام المجلس الدستوري. وأكد المتحدث باسم الحكومة الفرنسية الأربعاء أن وزير الصحة أوريليان روسو قدّم استقالته وتمّ استبداله "مؤقتاً" بالوزيرة المنتدبة الحالية المكلفة بالمهن الصحية أنييس فيرمان لو بودو. وأتت استقالة روسو على خلفية معارضته القانون الذي تبناه البرلمان مساء الثلاثاء، لكن المتحدث شدد في إيجاز صحافي بعد اجتماع للحكومة أن "لا حركة تمرد وزارية". "تدنيس الجمهورية" بعد إعادة انتخابه عام 2022 وهزيمة مارين لوبان مع وعود بعرقلة اليمين المتطرف، سيتعين على الرئيس الرد على انتقادات الذين يتهمونه بتدمير الجبهة الجمهورية. وكتبت صحيفة لوفيغارو (يمين) في افتتاحيتها الأربعاء أن "هذه القصة ستترك آثاراً عميقة". من جهتها عنونت صحيفة "ليبيراسيون" اليسارية "إهانة الجمهورية" في حين كتبت "لومانيتي" الشيوعية إنه تم "تدنيس الجمهورية". تدابير صارمة بخصوص الإقامة والإعانات العائلية ولم الشمل ونص مشروع القانون على إجراءات جديدة للتحكم في سبل الإقامة ومكافحة الهجرة غير الشرعية، عن طريق تحديد حصص الهجرة، وتشديد شروط لم الشمل الأسري، وتدابير الحصول على تصاريح الإقامة لأسباب عائلية "من خلال مواءمة الشروط المطبقة على أزواج الفرنسيين مع تلك المطبقة على لم شمل الأسرة" وفق مجلس الشيوخ الفرنسي. كما تضمن المشروع، وفق الإضافات التي أجراها مجلس الشيوخ، تعزيز الرقابة على هجرة الطلاب وجعل إصدار أول تصريح إقامة للطالب مشروطا بتقديم وديعة لتغطية تكاليف النقل. وحدد المشروع كذلك، بصفة صارمة، شروط الاستفادة من المزايا الاجتماعية غير القائمة على الاشتراكات مثل الإعانات العائلية، والمساعدة السكنية الشخصية. وأعاد اعتبار الإقامة غير القانونية على الأراضي الفرنسية "جريمة" يعاقب عليها القانون. وفيما يتعلق بإدماج الأجانب من خلال العمل واللغة، فقد تم تحديد المستوى "A2" وهو الحد الأدنى لمستوى اللغة المطلوب للحصول على تصريح إقامة طويل الأجل؛ يقتصر على 3 تجديدات متتالية، لنفس السبب، لبطاقة الإقامة المؤقتة. وكانت المفاوضات النهائية مهددة بقضية حساسة تتعلق باشتراط حد أدنى من الإقامة بشكل قانوني في فرنسا للأجانب غير الأوروبيين حتى يتسنى لهم الحصول على المزايا الاجتماعية. وتستند التسوية التي تم التوصل إليها الثلاثاء، على التمييز بين هؤلاء الأجانب اعتمادا على ما إذا كانوا "يعملون" أم لا. أنهى المشروع تلقائية الحصول على الجنسية الفرنسية عند بلوغ سن الرشد للأشخاص المولودين في فرنسا من أبوين أجنبيين. وسيتعين على الأجنبي الآن التقدم بطلب للحصول عليها بين سن 16 و18 عاما. وفي حالة الإدانة بارتكاب جرائم، فإن أي تجنيس لأي شخص أجنبي ولد في فرنسا يصبح مستحيلا. وفتح المشروع الباب أمام إمكانية إسقاط الجنسية عن الأشخاص المحكوم عليهم نهائيا بتهمة القتل العمد المرتكب ضد شخص يشغل منصبا عاما في السلطة. كما أقر تعزيز العقوبات ضد أصحاب العمل الذين يستخدمون "العمالة غير القانونية". و"لتحسين نظام إبعاد الأجانب الذين يمثلون تهديدا خطيرا للنظام العام" وفق تعبير مجلس الشيوخ أقر المشروع "رفع الحماية من الطرد للأجانب المسؤولين عن العنف المنزلي.. أو العنف ضد المسؤولين المنتخبين". ويتضمن المشروع تقييدا على الحصول على تصريح إقامة "الأجنبي المريض". ومع بعض الاستثناءات، لا يمكن منح هذا التصريح وفق المشروع، إلا في حالة عدم توفر العلاج المناسب في البلد الأصلي. علاوة على ذلك، سيتم استبعاد التغطية بالتأمين الصحي إذا كان لدى مقدم الطلب الموارد الكافية لذلك.