يقود اليمين الفرنسي حملة لتشديد إجراءات الإقامة التي يتمتع بها الرعايا الأجانب على الأراضي الفرنسية وسيكون الرعايا الجزائريون الذين يحوزون بموجب اتفاقية ثنائية على معاملة تفضيلية في صدارة المستهدفين منه. وطرح الجمهوريون في البرلمان الفرنسي، مقترح قانون ينص حسب تصريحات صحفية لرئيس الحزب النائب إريك سيوتي أواخر مايو لصحيفة "يومية جورنال دو ديمانش"، على إعادة النظر وبصفة جذرية في الإطار القانوني المتعلق بالهجرة. وأوضح أن التشريع الجديد يتيح للمواطنين الفرنسيين "اختيار من يرحّبون به ومن لا يرغبون فيه وكذلك أولئك الذين لم يعد له مكان في فرنسا" ويكون ذلك حسب السياسي (الإيطالي الأصل) والمعروف بأطروحاته المتشددة ضد المهاجرين والحجاب بتعديل الدستور الفرنسي واسترجاع ما يسميه السيادة الفرنسية في مجال الهجرة وإعطاء للسلطات صلاحيات إطار شرعي لتنفيذ ميداني لسياساتها. ويسعى اليمين عبر اقتراحه لتسهيل لإجراء استفتاء حول الهجرة غير المتاح حاليا، ومنح الأولوية للتشريعات الوطنية على القانون الأوروبي، ورفض الطائفية وتمكين البرلمان من صلاحيات تحديد عدد الأشخاص الذين يحق لهم الهجرة إلى فرنسا (سنويا) وإبعاد المهاجرين بمن فيهم القصر الذي يشتبه في أنهم يشكّلون تهديدا للأمن العام وتمت إدانتهم بالسجن، زيادة عن إصلاح حق اللجوء السياسي. وانضم سيوتي علنا في هذا السياق مثله مثل رموز التيار اليميني المتطرف إلى الداعين لإلغاء الاتفاقية الجزائرية الفرنسية للهجرة الموقّعة عام 1968 (الكاتب ومرشح الانتخابات الرئاسية إيريك زمور) والتي تعطي للرعايا الجزائريين امتيازات في الإقامة (10 أعوام) وما يسمى بجمع العائلات في الرعاية الصحية وتسهيلات في تأشيرات السفر. وأعلن مسؤول الجمهوريين في هذا السياق دعمه لمقترحات صدرت عن السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر كزافيي دريونكور بهذا الخصوص، ولا يفوّت الفرصة في كل مرة تتاح له لانتقاد قرارات الحكومة الجزائرية في مجال وقف استرجاع رعاياها المقيمين بطريقة غير شرعية الصادرة في حقهم أوامر بالإبعاد. ونصح دريونكور بالتخلي من طرف واحد عن معاهدة 1968، أو تهديد الجزائر بتعليق العمل بها، معبّرا عن اعتقاده بأن الاتفاق تجاوزه الزمن بحكم التطور السياسي والاجتماعي والثقافي الذي تعرفه فرنسا ووجود اتفاقية "شنغن". ومن الواضح أن تيارا في فرنسا (يمكن اعتبار أن دريونكور متحدثا باسمه) مقتنع أنه من خلال التهديد بتفجير الاتفاقية سينجح في مساعيه لاحتواء الجزائر واسترجاع النفوذ الاقتصادي والثقافي لبلاده واستغلال الظروف الدولية التي يراها مناسبة له ودفع الجزائريين للتنازل والتطبيع. وتتنافس الطبقة السياسية الفرنسية على إبقاء الجزائر في قلب المناقشات السياسية، والتي انجرّ إليها الرئيس إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية الماضية، ومن المرتقب أن تكون هي وقضية الهجرة في الواجهة مجددا مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية التي تجرى بعد أقل من عام، وسط مخاوف لليمين التقليدي بالتعرّض لصدمة جديدة، حيث أظهرت عمليات سبر الرأي أن اليمين التقليدي قد تتراجع أرقامه إلى أقل من بالمائة. ودخل اليمين الفرنسي في مزايدات مع الحكومة الفرنسية التي أطلقت إصلاحات تحدّ من حقوق المتقاعدين الأجانب، وتستعد لبعث مشروع قانون الهجرة الذي يقترح إعادة النظر في آلية الرعاية الصحية الحكومية الممنوحة للأجانب المقيمين في فرنسا بشكل غير نظامي. وأعرب وزير الداخلية جيرارد دارمانيان في تصريحات صحفية لها أواخر ماي عن استعداده للمضي في هذا التوجه للتقرب من اليمين المهيمن على مجلس الشيوخ الذي يقترح استبدالها بالمساعدة الطبية الطارئة وفق ما جاء في تقرير لموقع "فرانس 24"، ويقوم قانون الهجرة الجديد الذي اعتمدته الحكومة الفرنسية على ركيزتين، تفعيل عمليات الترحيل وتعزيز آليات الاندماج حسب موقع "أنفو هجرة" الممول فرنسيا. ويقترح المشروع بشكل أساسي على تحسين تدابير عمليات الطرد والترحيل ورفع معدّلاتها وخصوصا الأجانب غير النظاميين، والذين مضى على تسلّمهم قرارات مغادرة الأراضي الفرنسية فترات طويلة وإصلاح "هيكلي" لنظام اللجوء وحق الأجانب بالاستعانة بالقضاء، ويسعى إلى تشجيع طرد الأجانب الذين يشكّلون "تهديدا للنظام العام". ويتيح التشريع المقترح في حالة اعتماده أمام السلطات المعنية "استخدام الإكراه لأخذ بصمات الأصابع والتقاط صور لأجانب يقيمون بشكل غير قانوني"، وإعادة تطبيق قانون يتيح "رفض أو سحب أو عدم تجديد بعض تصاريح الإقامة" في حالة عدم امتثال أصحابها "لمبادئ الجمهورية"، بما في ذلك المساواة بين الجنسين وحرية التوجه الجنسي وقيم الجمهورية، كما سيكون ممكنا أيضا "في حالة وجود تهديد خطير للنظام العام (يتماشى كثيرا مع مطالب اليمين)، بالمقابل يدعو المشروع لاستحداث تصريح إقامة ل "وظائف طارئة" للاستجابة للنقص بالعمالة لدى القطاعات التي تحتاج للعمال والذي يلقى بدوره رفضا من اليمين. وينص أيضا على استحداث تصريح إقامة للعاملين في المجال الصحي بعنوان "المواهب - المهن الطبية والصيدلة"، وهو خاص بالأطباء والقابلات القانونيات وجراحي الأسنان والصيادلة. وسيكون من صلاحيات وزارات الصحة والداخلية والعمل إصدار مثل هذه الإقامات. ووفقا للمادة 7 من القانون، سيعنى تصريح الإقامة هذا ليس فقط بالعاملين الصحيين، بل وأسرهم أيضا، "بمجرد تعيينهم من قبل مؤسسة صحية عامة أو خاصة"، ويسعى استحداث هذا النوع من الإقامات "إلى تلبية حاجة البلاد"، لا سيما أنه في القانون الحالي لا يوجد تخصيص أو استثناء "يلبي تماما خصوصية هذه الحالات" وفقا للحكومة الفرنسية.