تجدد الحديث عن المساعي الصهيونية لتهجير أهالي غزة إلى خارج فلسطين في خضم حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر على القطاع، إذ أكدت مصادر عبرية دخول الوزير الأول البريطاني السابق توني بلير على الخط لقيادة هذه "الجريمة"، من خلال التوسط لبلدان الغرب وإقناعهم باستقبال مليوني فلسطيني. خطوة نددت بها حركة المقاومة الإسلامية حماس، في حين نفت مصر والأردن وعدد من البلدان الغربية قبولها الانخراط في العملية. وقال وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتيريتش، أول أمس، إنه يتوجب على الكيان تشجيع الهجرة الطوعية لسكان قطاع غزة وإيجاد دول مستعدة لاستقبالهم. وشدد سموتيريتش على أنه يجب أن يبقى جيش الاحتلال في غزة لفترة طويلة، موضحا أنه يشجع على تغيير جذري في القطاع. من جهتها، نددت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس بهذه التصريحات، وقالت في بيان لها أول أمس إن على المجتمع الدولي والأممالمتحدة التحرك لوقف جرائم الكيان ومحاسبته على ما اقترفه بحق الفلسطينيين. وقالت حماس في بيانٍ "إن دعوة الوزير المتطرّف سموتريتش حكومته النازية لتهجير مليوني فلسطيني، وإبقاء نحو مائتي ألف فقط في قطاع غزة.. وتحويل أراضي غزة إلى حدائق ومتنزهات للصهاينة، هو استخفاف ممجوج وجريمة حرب تترافق مع عدوان إجرامي لم يشهد له العصر الحديث مثيلا.. ما يتطلب من المجتمع الدولي والأممالمتحدة ومؤسساتها تحرّكا فاعلا للجم هذا الكيان، ووقف جرائمه، ومحاسبته على ما اقترفه بحق المدنيين الفلسطينيين، فشعبنا قال كلمته، وسيقف صامدا ومرابطا في وجه كل محاولات تهجيره عن أرضه ودياره، حتى التحرير والعودة". هذا وذكرت مصادر إعلامية عبرية، أمس، أن الكيان الصهيوني يعتزم الاستعانة برئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير للوساطة مع دول غربية، لإقناعها باستقبال لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة، بعد انتهاء العدوان الغاشم على القطاع. وقالت القناة 12 العبرية إن بلير أدى زيارة سرية إلى الكيان الأسبوع الماضي، حيث عقد اجتماعات غير معلنة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزير في مجلس الحرب بيني غانتس، لمناقشة هذا الملف. وخلال الاجتماعات التي عقدها بلير، طُرحت عليه فكرة أن يكون وسيطا بين الكيان ودول غربية بشأن مخطط لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. في المقابل، نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية عن مصدر مقرب من بلير نفيه ما ورد في تقرير القناة 12، وقال إن الادعاءات المتعلقة بصلة بلير بتهجير الفلسطينيين غير صحيحة، مضيفا "لم تحدث مثل هذه المناقشة أبدا". ويرتبط اسم بلير بمآسٍ كثيرة حلت بمنطقة الشرق الأوسط، أهمها الحرب على العراق في 2003، إذ دافع آنذاك بقوة عن مشاركة الجيش البريطاني في الغزو الأمريكي للعراق، بداعي نشر الديمقراطية وتجريد نظام صدام حسين من السلاح النووي، رغم التقارير المتعددة التي أكدت خلو البلد من هذا السلاح، لينفذ الغزو ويقتل ويجرح ويشرد وييتم ملايين العراقيين، ويدخل البلد في دوامة من العنف والفقر لا يبدو أنه سيخرج منها قريبا. هذا، وسبق لوسائل إعلام دولية أن أكدت بأن وزير الهجرة الكندي مارك ميلر صرّح، خلال زيارته إلى تل أبيب قبل أيام، بدعم أوتاوا الهجرة الطوعية للفلسطينيين إلى بلاده، غير أن كندا عادت ونفت هذا الخبر. ويعد وزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير أحد عرابي مشروع تهجير الفلسطينيين من أرض فلسطين عموما إلى دول العالم. ويتزعم بن غفير حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف المنبثق عن حركة "كاخ" الإرهابية، والذي طالما دعا إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم التاريخية. وكتب بن غفير في تغريدة على منصة "إكس": "في لحظة الحقيقة يتحدث الجميع بلسان القوة اليهودية"، وأرفق تغريدته بمقال مشترك للنائب داني دانون من حزب "الليكود" الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والنائب رام بن باراك من حزب "هناك مستقبل" برئاسة زعيم المعارضة يائير لابيد، نشر في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية. وفي المقال، طلب دانون وبن باراك من المجتمع الدولي استقبال اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة، مشيرين إلى دعوتهما "الدول في جميع أنحاء العالم إلى قبول أعداد محدودة من عائلات من قطاع غزة، التي أعربت عن رغبتها في الانتقال إلى مكان آخر"، واستشهدا "بالتاريخ الطويل للدول الأوروبية في مساعدة اللاجئين الفارين من الصراعات"، مضيفين بنبرة "مستفزة": "لو استقبلت كل دولة ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، فإن ذلك سيساعد في تخفيف الأزمة" في غزة. ويتم تداول اسمي مصر والأردن للعب دور في مؤامرة التهجير، بالرغم من النفي المستمر لعمان والقاهرة على لسان وزيري خارجيتيهما قبول هذا الدور. وكان الفلسطينيون قد هجروا من أراضيهم في العام 1948 إلى قطاع غزة والضفة الغربية ودول الجوار، جراء المجازر المروعة التي نفذتها ضدهم عصابات صهيونية مسلحة أقامت بعدها كيانا غاصبا على تلك الأراضي المحتلة، بتواطؤ من الأممالمتحدة.