يتحدث جوهرة نادي سوسطارة في التسعينات عز الدين رحيم، في هذا الحوار عن أبرز ما ميز مسيرته الكروية، منذ أن سطع نجمه عام 1995 مع فريق حياته اتحاد العاصمة، معتبرا الإصابة التي تعرض لها على يد طارق لعزيزي أسوأ ذكرى دونها في سجله الكروي ، بعدما تحطمت على إثرها جميع أحلامه وأمانيه في الوصول إلى المستوى العالي للساحرة المستديرة. أولا مبروك على اتحاد العاصمة كأس العرب وكأس الجمهورية، في سابقة ستبقى خالدة في تاريخ نادي سوسطارة؟ شكرا، أنا سعيد جدا بهذا الإنجاز لأن الأمر يتعلق بفريقي الأصلي، و هو الفريق الذي لا أستطيع نسيانه أو نسيان ذكرياتي معه في أي حال من الأحوال، كما أن التتويج بلقبين على التوالي في ظرف قصير يعتبر إنجازا كبيرا في حد ذاته. إذا تحدثنا عن نهائي كأس الجمهورية، ماذا تقول ؟ أظن أن فريق اتحاد العاصمة، عرف كيف يحسم الأمور لصالحه في النهائي ، خاصة وأن التتويج بلقب كأس الجمهورية له طعم خاص، فما بالكم إذا كان الخصم هو مولودية الجزائر، وبالتتويج بكأسي الجزائر والعرب يكون فريق اتحاد العاصمة قد أنقذ موسمه. ما رأيك فيما حدث بعد المباراة، من فريق مولودية الجزائر؟ تصرف فريق مولودية الجزائر بعدم الصعود لاستلام الميداليات أمر غير مقبول رياضيا، المسؤولون عن الفريق أدرى بما فعلوه ولماذا؟ ومثلما يقال أهل مكة أدرى بشعابها. ماذا عن العقوبات التي صدرت في حق هؤلاء من لجنة الانضباط التابعة للرابطة الوطنية لكرة القدم؟ أعتقد أن لجنة الانضباط كانت مجبرة على اتخاذ قرارات صارمة لردع مثل هذه التصرفات غير الرياضية، صحيح أن العقوبات كانت قاسية خاصة فيما تعلق باللاعبين، لأن مثل هذه الأمور من شأنها أن تؤثر كثيرا على مشوارهم الكروي، وسيدفعون ثمنها مستقبلا، لذلك أقول أنه كان عليهم التفكير جيدا قبل اتخاذ أي قرار عشوائي. ألا تظن أن لاعبا مثل بابوش لا يستحق مثل هكذا عقوبة في نهاية مشواره؟ صراحة لست أدري، لماذا تمت معاقبته بمثل هذه الطريقة، لكن ربما هناك أمورا لم تكن في صالحه، ومهما يكن فإنه من المنطقي أن تكون هناك عقوبة، لولا ذلك لقلنا وداعا لكرة القدم في البلاد. لو حدث لك مشكل من هذا النوع، كيف يكون رد فعلك؟ لم أتعد حدودي طيلة مشواري الكروي، ولا أضع نفسي في مثل هذه الوضعيات الحرجة، صحيح أن اللاعب في مثل هذه الأحوال يشعر بالحقرة، وهي نقطة سوداء في مشواره ، لكن أعود و أقول أنه علينا التفكير قبل اتخاذ أي قرار من شأنه أن ينعكس سلبا علينا. تقول هذا لأنك تعاملت مع رؤساء أكفاء خاصة إذا تعلق الأمر، بسعيد عليڤ، فكيف هي علاقتك به؟ لست هنا لأحكم على عليڤ ، لكنني أقول أنه ترك بصماته في عالم الساحرة المستديرة، فأنا احترم جميع رؤساء الأندية الذين تعاملت معهم ، وتربطني بهم جميعا علاقة احترام متبادلة، لأن المشوار الكروي ينتهي، لكن العلاقات الإنسانية تبقى قائمة، فضلا عن كل هذا فإن الناس تحكم عليك من خلال تصرفاتك. شاركت يوم الجمعة الماضي في المقابلة الاعتزالية المخلدة لذكرى وفاة جمال كدو، فهل من تعليڤ؟ المقابلة جرت في ظروف جيدة، حضرها عدد كبير من اللاعبين القدامى ومحبي الراحل، من جهتي سعدت كثيرا ، بتسجيل حضوري لأن الأمر يتعلق بشخص عزيز علي، فالفضل كل الفضل في تألقي يعود للمرحوم جمال كدو.، حيث استفدت كثيرا من نصائحه. نفهم من كلامك أن المرحوم ، جمال كدو هو من اكتشف موهبتك؟ بفضل نصائحه واصلت مشواري الكروي، كما أنه كان وراء ترقيتي إلى صنف الأكابر وأنا في السادسة عشر من عمري، إذ لا يخفى عنكم أنني لم أمر بجميع المراحل وتنقلت مباشرة إلى فئة الأكابر، جمال كدو كان رجل مبادئ ولا أستطيع نسيانه في أي حال من الأحوال ما حييت. الفرصة كانت مواتية للالتقاء، ببعض الزملاء ، أليس كذلك؟ أكيد، أتيحت لي الفرصة للالتقاء بأشخاص لم ألتق بهم منذ مدة طويلة، ولم تتح لي الفرصة لملاقاة الجميع، بسبب العدد الكبير من الأشخاص الذين كانوا حاضرين بالملعب، رغم هذا أقول أنني لا أزال على اتصال بزملائي اللاعبين، على غرار كل من تيزاروين، دزيري زغدود، حاج عدلان، وآخرون. ونلتقي كل جمعة. أكيد أن عشاقك، ومحبيك يتساءلون أين رحيم، بماذا تجيبهم؟ منذ عامين ركزت على الشهادات فقط، والآن أشرف على جمعية للشبان على مستوى فريق جمعية الأبيار، بمعنى أنني دائما في نفس المجال. إذ أسعى جاهدا أن يستفيد هؤلاء الشبان من خبرتي. الأمور تغيرت الآن، بدخول البطولة الجزائرية عالم الاحتراف ؟ لم نر شيء عن الاحتراف، هي مجرد تسمية فقط، هناك فريق محترف واحد فقط وهذا لا يكفي، إذ يجب أن تكون معظم الأندية محترفة بمعنى الكلمة، بدل أن نضرب المثل بفريق واحد فقط. تقصد اتحاد العاصمة، أليس كذلك؟ أكيد ، لأنه الفريق المحترف الوحيد ، لحد الآن، نأمل أن تسير الأندية الأخرى على منواله من أجل تعميم كلمة احتراف على جميع الأندية الجزائرية. المبالغ التي يتحصل عليها اللاعبون، خيالية دون أن تنعكس على مردودهم فوق الميدان؟ أظن أن مشوار لاعب كرة القدم قصير، إذ يكون في قمة عطائه لمدة خمسة مواسم على أقصى تقدير، بعدها ينخفض مردوده ، و تبدأ معاناته، لذلك أقول حلال عليه الأموال التي يحصدها عندما يكون في أوج عطائه. ما رأيك في كثرة النجوم على مستوى فريق اتحاد العاصمة؟ من شأنه أن يخلق مشكلا على مستوى الفريق، لأن كثرة النجوم تجعل الاختيار صعبا، فكل واحد منهم لا يقبل بغير اللعب، وهنا يجب أن تكون للطاقم الفني استراتيجيه الخاصة التي تسمح له بمسايرة مثل هكذا وضعية. لكن أظن أن الإدارة تكون قد حفظت الدرس جيدا. ماذا تقصد؟ أعتقد أن إدارة اتحاد العاصمة الجديدة، كسبت الخبرة اللازمة في التسيير، إذ ستنتهج طريقة ترقية الشبان الموهوبون، مع الاحتفاظ بكوادر الفريق، ويجب الاعتماد في الاستقدامات على العناصر المتعطشة للعب، أو بالعامية "لازم يجيبو لاعبين جيعانين رياضيا" لأنهم لا يفكرون سوى في التألق وهو ما من شأنه أن يعود بالفائدة على الفريق. هل لفت انتباهك ، صانع لعب يشبهك ؟ ليس من عادتي التحدث عن نفسي، لكنني أقول أن المستوى الحالي ليس على ما يرام، و لا يوجد لاعبين بإمكانهم صنع الفارق، إذ تجده يؤدي مقابلة في القمة، بعدها تنطفئ شمعته خلال أربع آو خمس مقابلات، رغم هذا أقول أن هناك شبانا لديهم إمكانيات جيدة عليهم تطويرها. لنعد إلى مشوارك الكروي ، و بالضبط إلى حادثة ملعب 20 أوت عام 1996مع المدرب بن زكري، فماذا تقول؟ يضحك ويقول "ياحسراه واش تفكرتو" كل ما في الأمر أنه حدث لي مشكل في ذلك اللقاء مع المدرب نور بن زكري، وبالضبط ما بين الشوطين، وبعد خمس دقائق من انطلاق المرحلة الثانية، قام باستبدالي رغم أنني كنت الأحسن فوق الميدان. وهو ما لم تتقبله؟ أكيد فتصرف المدرب معي أثار حفيظتي و في لحظة غضب وجدت نفسي ألقي بالقميص أرضا، وهو تصرف غير رياضي ندمت عليه. كيف هي علاقتك مع بن زكري الآن؟ ليس لدي أي مشكل معه، فالذي حدث قد يحدث لأي لاعب ويدخل في مسيرتي الكروية، وعندما ألتقي المدرب بن زكري أتحدث معه بصفة عادية جدا. ما حدث لك مع لعزيزي، يبقى أبرز ما ميز مشوارك الكروي، فهل من تعليڤ؟ باختصار شديد لعزيزي حطم مشواري الكروي، بعدما ضربني بقوة على مستوى الركبة، وضاع من خلال تلك الضربة كل شيء. كيف كان شعورك وقتها؟ في ذلك الوقت كنت شابا ولم أكن أدرك خطورة الأمر، وقلت في قراراتي نفسي أنها مرحلة وستمر بسلام، لكن بعد خضوعي لثلاث عمليات جراحية، ولم أتمكن من العودة، حينها تحطمت معنوياتي، وشعرت بأنها النهاية.لكن وقوف عائلة فريق اتحاد العاصمة إلى جانبي وكذلك أصدقائي رفع قليلا من معنوياتي. هل تحطمت بذلك علاقتك بلعزيزي؟ في تلك الفترة لم تتح لي الفرصة لملاقاته، لكن علاقتنا حاليا عادية جدا. ماذا عن فشل صفقة تحويلك إلى نادي ماليز البلجيكي؟ الاتصالات مع هذا النادي كانت تسير في الطريق الصحيح، لكن تعرضي إلى تلك الإصابة الخطيرة، حال دون تمكني من الاحتراف ببلجيكا.لتبقى هذه الإصابة بمثابة أسوأ ذكرى في مشواري الكروي. ماهي أحسن ذكرى ؟ استدعائي للمنتخب الوطني عام 1995، عندما كان اتحاد العاصمة يلعب في القسم الثاني ولم أغادره إلى غاية تعرضي للإصابة. ألم تجعلك هذه الإصابة تندم على دراستك التي كنت متفوقا فيها؟ لم أندم في حياتي على شيء سوى على دراستي، لأنني كنت متفوقا فعلا، لكن الظروف لم تسمح لي بالمواصلة، إذ لا يخفى عنكم أنني التحقت بأكابر اتحاد العاصمة وأنا في مقتبل العمر، وكان من الصعب علي المواصلة. وكنت متأكدا أيضا من أنني سأنجح في المجال الرياضي. ماذا لو طلب منك ابنك وليد أن يصبح لاعبا مثلك؟ لن أقف في طريقه، لكن سأطلب منه أن يهتم بدراسته قبل كل شيء، حتى لا يندم مثلي. بماذا تريد أن نختم هذا الحديث؟ أريد أن أوجه تحياتي الخالصة عبر الخبر الرياضي إلى أنصار اتحاد العاصمة الذين لم ولن أنساهم أبدا، ولا أريد تفويت الفرصة دون تهنئتهم على لقبي كأس الجمهورية، وكأس رابطة الأبطال العرب.