بعيدا عن ميادين كرة القدم، يمارس النجم السابق للوفاق والمنتخب الوطني محمد رضا ماتام مهامه كمسؤول في شركة للمواد والتجهيزات الشبه طبية، الخبر الرياضي التقته بمكتبه في سطيف وكان لنا معه هذا الحوار الشيّق الذي يتحدث فيه بصراحته المعهودة وانتقاداته اللاذعة على العديد من الأمور الخاصة بوفاق سطيف والكرة الجزائرية عموما… أولا، نرحب بك رضا على صفحات جريدة «الخبر الرياضي» ونشكرك على قبول الطلب.. يسلمك يا أخي..، فأنا الذي أشكركم على تذكّري وأتمنى أن أكون عند حسن ظن الجمهور الرياضي باقتراحاتي ونظرتي إلى كرة القدم كما أراها. بعد مغادرتك للميادين الكروية، كيف يعيش رضا ماتام الحياة اليومية والمهنية في الوقت الحالي؟ بعد مشواري في الميادين الكروية أنا حاليا مسؤول في مؤسسة للمواد شبه الطبية هي «ميدي مات» وهو مجال جيد. هل يعني هذا أنك بعيد عن كرة القدم؟ رغم أنني ابتعدت كثيرا عن مجال الرياضة إلا أنني لم أبتعد تماما ولكن ذلك يبقى مرتبطا بعامل الوقت الذي لم يعد متوفرا لي بشكل كاف. إذن كيف يتابع رضا ماتام كرة القدم الجزائرية والدولية؟ هناك نوعان مختلفان من كرة القدم، كرة العالم المتخلف وكرة محترفة في المستوى العالي، النوع الأول يطبّقه أناس لا يعرفون أين يتجهون ويعيشون نفس اليوميات ونفس التفكير من لقاء إلى لقاء وهناك صراعات داخلية ويصبح الحكم للاعبين وهذا ما يُسمى بالفوضى وأقول ذلك بكل صراحة. مادمت تحدثت عن هذه النقطة، نبدأ من وفاق سطيف، هل ينطبق عليه ما كنت تقول بعد الهزيمة الجديدة في كأس الكاف؟ ليس الوفاق وحده معنيا بهذا الأمر بل كل الأندية الجزائرية، في ظل غياب برنامج حقيقي لأنه في الرياضة الجزائرية ككل لا توجد منهجية منظمة والمسؤولون لا يعرفون إلى أين يتجهون. كيف ذلك؟ على سبيل المثال فريق مثل اتحاد العاصمة كان سيلعب كأس «الكاف» فتخلى عنها وفضّل لعب الكأس العربية فإذا بهذه المنافسة لن تكون موجودة هذا العام، هذا يعني أن الناس تعرف جيدا قيمتها وفي ظل بطولة محلية فاسدة يصبح هؤلاء غير واثقين إن كانوا يمتلكون فريقا جيدا أم لا؟ دائما أقول إنه يُمكن أن نتنافس على البطولة والكأس فيما بيننا ويُمكن شراء ذمة حكم وتعيين آخر لكن في المنافسة الإفريقية «غير حبّس». هل يعني كلامك هذا أنه لا يوجد فريق جزائري قادر على الحصول على كأس إفريقية حاليا؟ مازلنا بعيدين كل البعد عن تحقيق هذا الأمر. ماذا يلزم برأيك؟ هناك نظرتان في كرة القدم، هناك من يرى أنه يجب خلق ناد كبير وهناك من يسعى إلى تكوين ناد كبير، فالفريق يُمكن أن يستمر لعام أو عامين ولكن النادي الكبير له منظومة متكاملة وقاعدة حياة خاصة به، ففي أوروبا مثلا نجد فريقا من القسم الثالث له مركز تكوين خاص به وظروف العمل جد مريحة بينما عندنا مازال «البريكولاج» مستمرا ومازلنا نسمع دائما «ما عطاوناش وما دارولناش». تقصد استمرار تبعية الأندية للدولة؟ ملايير ُتصرَف على لاعبين أقول وأكرر دائما أنهم لا يستحقون كل هذه الأموال وأنا شخصيا أفضل أن ُتوجّه هذه المبالغ نحو الاستثمار وتشكيل قاعدة حياة لأنه لا يوجد فريق لا يصرف أقل من 20 مليار سنتيم، مبلغ كهذا مثلا يُمكن أن نشتري به قطعة أرض ونبني عليها 4 أو 5 ميادين وبنية تحتية ونبدأ في العمل، إذن ملايير تذهب هباء وملايير تُصرف في وقت أن النتيجة هي إقصاء بشكل متوازن ولا تسمع سوى «إقصاء، إقصاء، إقصاء». هل هذا ما حدث مع وفاق سطيف مؤخرا؟ لا أتحدث عن الوفاق لوحده ولا أقصده وإنما العكس، فهذا الفريق بنتائجه هو أفضل من الكثير ولكن أقصد فرقا أخرى تصرف الملايير في الكرة الجزائرية ولا توجد نتيجة سوى الإخفاقات، الوفاق يعاني مع الفرق الأخرى في ظل غياب استراتيجية مناسبة، الأمر يتطلب قرارا سياسيا بإيقاف السياسة الحالية والاعتراف بفشلها والمرور إلى تطبيق سياسة أخرى. إذن كيف يشخص رضا ماتام مرض البطولة الجزائرية؟ يجب إيقاف المجزرة التي تحدث في الكرة الجزائرية لأنّ السنوات تتوالى وتتراكم وهذا الكلام قلته قبل 5، 6 أو 7 سنوات مضت عندما أكدّت أنه يلزمنا مراكز تكوين و..، و..، ولكن دون نتيجة، كل طرف يجد حجة معينة والأغلبية متواكلة على الدولة في وقت أن الدولة لها أولويات أخرى مثل السكن والمشاكل الاجتماعية وغيرها، أما في الرياضة فكل من يتقدم ويتحصّل على الملايير فليتحمّل المسؤولية… بإمكان الفرق أن تشتري قطعا أرضية وخاصة نحن في سطيف إذ نملك أراضي «هاملة» فلماذا نصرف في كل عام 20 مليارا على الأقل دون فائدة، الأمر لا يتوقف عند الفوز بكأس أو بطولة محلية، نريد نتائج على المستوى القاري والوصول إلى كأس العالم للأندية لإظهار ما نملكه فعلا وهنا أضرب لكم أمثلة عديدة لو سمحت… نعم بالتأكيد تفضل… الترجي التونسي، النادي الإفريقي، والأهلي المصري فرغم كل الذي يحدث في تونس ومصر مازالت هذه الفرق واقفة لأنها تملك قاعدة صلبة من مراكز التكوين واستراتجياتها وبناءاتها متينة ولهذا قلت من قبل أنه يمكن إنشاء فريق كبير وناد كبير، فالفريق يستمر لعامين أو ثلاثة أعوام فقط بينما النادي الكبير يستمر أطول، فرغم المشاكل في تونس ومصر إلا أن أندية هذين البلدين تبقى تلعب الأدوار الأولى إفريقيا لأنها تملك قاعدة حقيقية. لو نتحدث عن الوفاق ما رأيك فيما يمّر به في الفترة الأخيرة؟ لقد عُدتَ إلى الكلام الذي كنت أقوله سابقا، ففي الجزائر يمكن للوفاق أن يحصل على البطولة والكأس ولكن في المنافسة الإفريقية مازال بعيدا عن الوصول إلى مرحلة التتويجات وهذا غير مفاجئ بالنسبة إليّ لأننا مادمنا نسير بهذا الشكل فلا شيء مفاجئ وأنا شخصيا أتوقّع المزيد من الإقصاءات. هل يعني هذا أنه مازالت هناك إخفاقات أخرى مستقبلا؟ نعم، مادام المسيرون عندنا مازالوا يتخبطون ولا يعلمون إلى أين يتجهون بالفرق فلنتوقع مزيدا عن الإخفاقات، أعطيكم مثالا بسيطا، نحن الآن في الجولة الثالثة أو الرابعة كم من مدرب تمت إقالته؟ 4 أو 5 مدربين، «نعّتلي» بطولة في العالم يحدث فيها هذا الأمر ويقال 4 مدربين في 4 جولات، في العالم أجمع لم يحدث هذا الأمر وحتى في بطولة مالي أو أي بلد إفريقي، فعلا الناس لا تضرب ضرب عشواء و تعلم ما الذي تقوم به، صراعات داخل المجموعة، تكتل ضد المدرب، تكتل مع المدرب والحكاية تُعاد دائما، الأمر مُحزن للأسف ولكن هذه هي كرة القدم الجزائرية. وإذا عدنا إلى الوفاق، ماذا يمكن أن تقول؟ إذا عدنا إلى الوفاق فأنا من البداية كنت مع رحيل المدرب ولكن ذلك كان يجب أن يحدث عندما كان المعني في فرنسا بعد أن غادر لمدة 10 أيام والفريق مقبل على مباراة صعبة (لقاء الفتح الرباطي)، هذا يعني أن هذا المدرب لم يكن يهمه الفريق بل لا تهمه سوى الأموال، هل يُعقل ذلك؟…لقد أخبرت الإدارة في ذلك وقلت أنني لو كنت مكان المسيرون لكُنت وجّهت للمعني 3 إشعارات، أطالبه أن يلتحق بالمجموعة في الجزائر وإلا يقال وهو فرنسا لكن للأسف المعني تصرّف كسائح وليس كمدرب، فكيف يحضّر الفريق والمدرب في فرنسا؟ بأي استراتيجية سيلعب؟ لذلك كان يجب إقالته في ذلك الوقت وإلا فإنه سيكون قد فات الوقت والإدارة سارت في خطه مادامت قد قبلت بتحوّله مباشرة من فرنسا إلى المغرب. من هو المدرب الذي تراه رجل المرحلة الحالية في الوفاق؟ الوفاق يُمكن أن يسير لوحده كما يقال وسمعته على المستوى الوطني تكفي وحدها لتجعله فريقا مخيفا، فالفريق حصل على بطولة الموسم الماضي بمجرد الاسم التاريخي لأنني أتحدى أي واحد يقول أننا كنّا نملك فريقا كبيرا، فالصراحة هي أننا لم نكن نملك فريق بطولة ولكن بالسمعة والهيبة التاريخية حصلنا على البطولة ووصلنا إلى نصف نهائي الكأس الذي يُعتبر لقبا أيضا قياسا بمستوى التشكيلة لكن إذا كان بإمكاننا أن نتنافس فيما بيننا فإنه يجب المرور إلى مرحلة أخرى للتنافس على الصعيد الخارجي لأننا أصبحنا عاجزين حتى عن الوصول إلى دور المجموعات ليس فقط بالنسبة للوفاق وإنما كل الفرق الجزائرية التي هي في نفس مستوى الوفاق. برأيك هل الإدارة على صواب في سياسة الاعتماد على المدربين الأجانب أم أنك تفضّل العودة إلى الخيار المحلي؟ لأن الكرة لدينا أصبحت حظا فإنه لا يمكن القول أنه يجب فعل هذا أو ذاك، فلا يوجد فريق معيّن مرشّح للبطولة في غياب المعايير الثابتة للحكم على كرتنا، فعلى سبيل المثال نجد فريقا مثل شباب قسنطينة يفوز خارج ميدانه بثلاثية فيما يتعادل على أرضه، كما تجد فريقا مثل البرج يفوز على اتحاد العاصمة بأرض هذا الأخير بثلاثية ويتعثر بميدانه ولذلك أقول أن الكرة التي لدينا في الجزائر لا يُمكن التنبؤ بها تماما وكرة قدم من هذا النوع تعني أن بطولتنا أفرادها فوضى في فوضى أو كما يقال من الجمعة إلى الجمعة. تطالعون في الجزء الثاني يواصل اللاعب الدولي السابق رضا ماتام حواره للخبر الرياضي في الجزء الثاني في عدد الغد، حديثه عن وفاق سطيف وعن تكهناته بمن سيكون بطلا للموسم الجديد، كما يتحدث لاعب الوفاق والسنافر السابق عن المنتخب الوطني ومنافسه في لقاء السد منتخب بوركينا فاسو، كما يتوقف للحديث عن المدرب الوطني وحيد حاليلوزيتش وأمور أخرى تكتشفونها غدا. حاوره خيرالدين روبة