هناك عدة مؤشرات توحي بأن الرئيس الحالي للفاف محمد روراوة يبحث عن مخرج يغادر به مقر دالي براهيم، ليس لأن عهدته مقبلة على النهاية وليس لأنه يريد الرحيل من تلقاء نفسه، ولكن الرجل وحسب مقربيه أصبح لا يقوى على مسايرة الوضع الكروي في الجزائر بعدما تحول مشروع الاحتراف الى شبه "كارنفال" كما قتل مشروع تنظيم كأس إفريقيا 2013 في المهد . صحيح أن روراوة قدم الكثير للكرة الجزائرية أصاب في الكثير من الأشياء وأخطأ في الكثير كذلك، ومعه عاد الخضر إلى الواجهة القارية والعالمية ونجح الحاج في إعادة الهيبة للفدرالية بعد سنوات الجمر في التسعينيات. وصحيح كذلك أن الرئيس سيأتي اليوم الذي يرحل فيه لأنه من غير الممكن أن يخلد أي شخص في منصبه لكن الشيء الذي يبقى غامضاهو قوة وفعالية "السيستام" عندنا فلا الرديء يستطيع أن يعمل ولا الكفء يتمكن من الصمود والكل يسير في دواليب نظام غريب لا يرحم أحدا والجحود كلمة تتصدر صفحات قاموسه. "فشل" روراوة في الصمود أمام الأعاصير الراهنة، هو مؤشر على أن السيستام الرياضي في الجزائر لا يختلف كثيرا عن السيستام السياسي، وليس الأحسن هم الذين يفكرون ويدبرون ويقررون وكل من يفكر بشكل مختلف عن السيستام يتم عزله بسرعة، ويبقى رؤساء النوادي الجزائرية حلقة هامة في هذا النظام وهم أكبر مستفيد من الوضع لأنهم يتلاعبون بالمال العام ولا أحد يحاسبهم، تراهم يساندون "الواقف" في الجمعيات العامة ويطبلون له، وبمجرد أن يفتح فمه للحديث عن تنظيم التسيير المالي والإداري للنوادي حتى ينقلبون عليه 180 درجة. إن رحيل روراوة في ديسمبر وإن تأكد، لن يكون نهاية العالم طبعا لكنه يجب أن يستغل لمعرفة حقيقة ما يحدث في كواليس الكرة الجزائرية ، وأين مكمن الخلل تحديدا، لأن الداء الذي تعاني منه الرياضة في الجزائر مرض خبيث يجب استئصاله من جذوره حتى لا يبقى السيستام يستهلك الأشخاص ليحافظ هو على مصالحه على حساب الكرة الجزائرية، والرؤساء الذين نهبوا المال العام خلال العشرين سنة التي كانت فيها الدولة منهمكة في محاربة الإرهاب يجب أن يرحلوا لأنهم لا يملكون مكانة في الاحتراف، ويحاولون حاليا تكييف النظام الاحترافي على مقاسهم طبعا كي يعمروا أطول مدة ممكنة تسمح لهم بمواصلة نهب أموال الشعب.