حتى وإن كانت الاعتذارات الرسمية لمسؤولي الاتحادية الكاميرونية جد مهمة وضرورية للحفاظ على العلاقة بين البلدين رياضيا ، فإن وصف تنقل الوفد الكاميروني إلى الجزائربالحدث يعد في حد ذاته ذرا للرماد في العيون ومحاولة لامتصاص غضب الجماهير الجزائرية ليس أكثر، حيث لا يمكن أن نتوقع لحظة واحدة بأن الفيفا ستعاقب الكاميرونيين بسبب خلاف بين رفقاء إيتو و"الفيكافوت" حول قضية العلاوات، ولا يمكن كذلك أن ننتظر من اتحادية الأسود تسديد مليون دولار كتعويض عن الأضرار المعنوية والرياضية التي لحقت بالطرف الجزائري ونفس الاتحادية عاجزة عن تسديد عشر هذا المبلغ للاعبيها. زيارة الوفد الكاميروني يمكن وضعها في خانة أخرى مرتبطة بمستقبل الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم ، فالرئيس الحالي، الكاميروني الأصل عيسى حياتو قد لا يترشح لعهدة أخرى بعد سنة ونصف من الآن أو سنتين و قد يمنح ثقته للجزائري محمد روراوة الذي لعب دورا كبيرا في الخارطة الكروية العالمية خلال السنوات الأربع الأخيرة ، بل من غير المستبعد أن يقود الكاميروني بنفسه ترشح روراوة لخلافته، والكل في القارة السمراء يعرف وزن حياتو ومن يقف وراءه من مموليين أوروبيين في الكاف، وبالتالي فإن ما سيحدث في انتخابات الكاف أهم من خلاف حول مباراة ودية بين الكاميرون والجزائر، وكل ما في الأمر أن الشارع الجزائري غاضب ووجب تسيير غضب الجمهور بذكاء حتى لا يفقد الجمل بما حمل. والغريب أن وسائل الإعلام الجزائرية ذهبت بعيدا في شتم نجوم الأسود ووصفتهم بأبشع النعوت وكأنهم حملوا راية إسرائيل بالرغم من أن إيتو حاول تبرير موقفه ورفاقه مؤكدا بأن المشكل داخلي ولا علاقة له بالجزائر بتاتا. وفي هذا الصدد وجدت الفاف نفسها في وضع حرج رغم أنها غير مسؤولة عن ذلك، وطالبت بالاعتذارات الرسمية والكتابية والشفوية وغيرها، بل ذهبت إلى حد نقل القضية إلى الفيفا رغم أن الكل يعلم بأن الفيفا لا علاقة لها بالأمر و العقد المبرم بين الطرفين رفقة المناجيرهو الذي يفصل في الخلاف المالي والتعويضات الناجمة عن إلغاء المباراة، فتحول الموضوع الكروي الودي إلى قضية ديبلوماسية وأخرى سياسية عندنا في الجزائر لغرض واحد هو امتصاص غضب الشارع وكفى.