يبدو أن شعار «الجزائر البيضاء» قد فقد محتواه بمختلف أحياء العاصمة، جراء الانتشار الواسع للنفايات في مختلف البلديات، فمن الحراش وباش جراح، إلى عين النعجة والكاليتوس، وكذا دالي إبراهيم، الشراقة وغيرها، المشهد واحد، فالبلديات لم تجد حلا نهائيا لهذه الوضعية التي تسيء إلى البيئة، بالرغم من المجهودات المبذولة من طرف شركة «ناتكوم» التي سطرت برنامجا خاصا في فصل الصيف الذي يتزامن مع شهر رمضان الكريم، بمشاركة الجمعيات الجوارية. وقد وقفت «المساء» في الجولة الاستطلاعية إلى مختلف البلديات بالجزائر العاصمة وضواحيها، على الجهود المكثفة التي تجريها شركة «ناتكوم» من أجل إزالة النفايات من شوارع العاصمة وأزقتها، والتي لم تجد نفعا أمام لا مبالاة المواطن الذي يخرج النفايات في أوقات غير منظمة ويرميها في أي مكان، مما حول شوارع وأحياء بلديات العاصمة إلى فضاءات لانتشار النفايات المنزلية بمختلف أنواعها.
غياب الحس المدني سبّب انتشار النفايات والزائر لشوارع العاصمة، يلاحظ منظرا واحدا عند مدخل عدة أحياء؛ الشعبية منها والراقية، مثلما هو الحال ببلديات دالي إبراهيم، الشراقة، عين النعجة، جسر قسنطينة، الكاليتوس وبرج البحري، حيث تحوّلت مختلف الحاويات التي نصبتها البلديات إلى أكوام من الفضلات المبعثرة وأخرى محروقة في كل جوانب الحي، بسبب عمليات الحرق العشوائية التي تحدث كل يوم لأسباب مجهولة، ويرجع أعوان مؤسسة رفع النفايات المنزلية «ناتكوم» الذين التقتهم «المساء» بالصدفة وهم يقومون بعلمهم، أن المواطن هو المتسبب الرئيسي في انتشار الأوساخ والروائح الكريهة، حيث لا يهتم المواطن بالمخلفات التي يتركها برمي القمامة في كل مكان، وتأثيره السلبي على البيئة خصوصا في فصل الصيف، حيث أوضح أحد الأعوان أن غياب الحس المدني لدى العديد من المواطنين، كما أن التجار بالأسواق الشعبية يحوّلون مداخل السوق إلى مفرغاة عمومية، ولا يقومون برفع فضلاتهم بعد مغادرة السوق، بل يرمون اللوم على مؤسسات النظافة ويقولون إنها لا تقوم بعملها، مما يشكل بؤرا للتلوث بعد تعفن العديد من السلع المعروضة تحت أشعة الشمس بالمفرغات العشوائية، مثلما هو الحال بالأسواق العشوائية الموجودة ببلدية باب الوادي، بلوزداد وغيرها، وأصبحت النفايات المجمّعة هنا وهناك تشكل ديكورا يوميا للعاصمة.
عمال النظافة يعملون بشكل منتظم والمواطن لا يحترم التوقيت ولا تزال أحياء العاصمة تشهد انتشارا للنفايات، رغم المجهودات التي يقوم بها عمال النظافة على مستوى البلديات المتمثلة في كنس الطرقات والشوارع، بالإضافة إلى الشاحنات التي تمر لحمل النفايات، وهذا يرجع إلى عدم احترام المواطن لأوقات إخراج النفايات التي يحملها الأعوان، حسبما أكده مصدر مقرب من وحدة «ناتكوم» بحي لاڤلاسيار في بلدية حسين داي. فرغم قيام عمال النظافة بجمع النفايات، إلا أن ذلك لا يظهر، لأن المواطن يرمي فضلاته خارج الحاويات وفي أوقات متفرقة، متجاهلا الفترة التي حدّدتها البلدية، وبما أنه ليس هناك رقابة ولا قانون يعاقب على ذلك، فمن يمنعه عن ذلك؟ لهذا السبب، تبقى أكياس القمامات ملقاة على الأرصفة والطرقات لأوقات طويلة، إلى الجانب التصرفات غير اللبقة التي يقوم بها بعض المواطنين، والتي تكمن في رمي القمامة من شرفات المنازل إلى الطريق العام دون خوف ولا خجل، ولا يهمهم إذا سقطت على رأس أحدهم أو تمزق الكيس وتبعثر ما بداخله. وأضاف مصدرنا أنه تم إعداد برنامج عمل جديد خاص بفصل الصيف وشهر رمضان الكريم، ويقضي بمضاعفة عمل أعوان رفع النفايات والخرجات التي تصل إلى أكثر من أربع مرات، تتم الأولى على الساعة السادسة صباحا، في حين تم فيه تأخير الخرجات الليلية إلى ما بعد منتصف الليل، بحكم أن العاصميين يفضلون السهر خلال هذا الشهر، لذلك عمدت المؤسسة إلى منحهم وقتا إضافيا لإخراج نفاياتهم،،حيث لا يمكن إجبار المواطن على إخراج نفاياته في وقت محدد.
«ناتكوم» تعد برنامجا صارما لفصل الصيف ورمضان وأوضح السيد ماكودي رئيس قسم بوحدة «ناتكوم» التابعة لبلدية الشراقة ل «المساء»، أنه تم إعداد برنامج عمل جديد خاص بفصل الصيف الذي سيتزامن مع حلول شهر رمضان الكريم، يقضي بمضاعفة عمل أعوان رفع النفايات والخرجات التي تصل إلى أكثر من أربع مرات في اليوم الواحد، تتم الأولى على الخامسة صباحا، في حين تم فيه تأخير الخرجات الليلية إلى ما بعد منتصف الليل، بحكم أن العاصميين يحبون السهر خلال فصل الصيف، لذلك عمدت المؤسسة إلى منحهم وقتا إضافيا لإخراج نفاياتهم، كما ضاعفت المؤسسة أشغال تنظيف المساحات العمومية، المساجد وأماكن تجمّع المواطنين في السهرات الرمضانية، في الوقت الذي حُدّد بالنسبة للأسواق برنامج خاص يخص جمع النفايات وكنس وتنظيف كل الأسواق الشعبية التابعة إقليميا لعمل المؤسسة. وشدد محدثنا على ضرورة احترام المواطن لأوقات إخراج النفايات، كما طالب أصحاب المحلات الضخمة بتحديد أوقات إخراج الفضلات التي أصبحت تشكل ديكورا في شوارع العاصمة، مثلما هو الحال بشارع محمد بوضياف بالشراقة وبواديكار بدالي إبراهيم، حيث لا يلتزم الباعة بأوقاتهم ويقذفون بالكارتون وبقايا الخشب في كل مكان، بدون مراعاة البيئة وصحة المواطن، إضافة إلى المشكل المتعلق بالأسواق والذي يعود بالدرجة الأولى إلى ذلك الكم الهائل من النفايات التي يخلّفها التجار وراءهم، حيث بلغت ثلاثة أضعاف ما كان مسجلا خلال باقي أيام السنة، ومنه فقد ارتفع الحجم الساعي لنشاط عمال النظافة التابعين للمؤسسة، كما أشار المتحدث إلى أن أصابع الاتهام تتجه دوما عند الحديث عن رفع النفايات إلى مؤسسة «ناتكوم»، مؤكدا أن الشركة تسهر على إبقاء العاصمة ونواحيها نظيفة وتضمن صحة وسلامة المواطن. وأوضح السيد ماكودي أن تدهور البيئة وانتشار النفايات ليس من مسؤولية شركة «ناتكوم»، بل يرجع لغياب الحس المدني، الأخلاقي والحضاري للتعامل مع النفايات المنزلية، مشيرا إلى أن المواطن إلى حد الآن، لم يصل بعد إلى مستوى فرز النفايات، فحتى الأكياس المستعملة لا تتلاءم مع جمع النفايات، مما يشكل عبئا ثقيلا على كاهل العمال الذين يجدون صعوبة كبيرة في جمع كل النفايات، ولابد من التحسيس في كل مرة لضمان شعار «الجزائر البيضاء»، وضرب مثال آخر على الحاويات التي تتعرض للسرقة والتخريب، حيث يقدم بعض الأطفال على اللعب قربها قبل أن يضرموا فيها النار، وغالبا ما تكون النفايات سريعة الالتهاب سببا في اشتعال النيران، بسبب درجات الحرارة المرتفعة. وأشار مصدرنا أن وحدة الشراقة خصصت عشرة أعوان في اليوم لتنظيف ميناء الجميلة بالجزائر العاصمة، وتنطلق عملية جمع النفايات انطلاقا من الساعة الخامسة صباحا، أي قبل قدوم المصطافين وتوفير الأجواء لقضاء أيام صيفية جميلة مع ضمان الاستمتاع، مضيفا أن العملية انطلقت شهر ماي وتتواصل بصفة يومية طيلة فصل الصيف، ويزداد حجم العمل في شهر رمضان الكريم . كما تعمل وحدة الشراقة على ضمان النظافة في «الحمامات» بشواطئها الستة على بعد 6كلم، حيث يفوق عدد الدوريات أربع مرات في اليوم؛ واحدة صباحا، خرجتين ليلاً وأخرى استثنائية، علما أن عدد الشاحنات يقدر ب 13شاحنة تشرف على بلدية الشراقة، دالي ابراهيم، شوفالي، البهجة، الحمامات وميناء جميلة.