وصل وزير الدفاع الامريكي، تشوك هاغل، إلى العاصمة الأفغانية كابول في زيارة مفاجئة تزامنت مع صفقة غير مسبوقة تم خلالها تبادل خمسة من قادة حركة طالبان، ممن اعتقلوا في قاعدة غوانتانامو مع رقيب أمريكي وقع تحت الأسر في 30 جوان 2009. وحتى وان كانت زيارة الرقم الأول في البنتاغون الامريكي، الى أفغانستان على علاقة مباشرة بالاتفاق المتوصل إليه بين كابولوواشنطن من اجل تمديد تواجد وحدات المارينز في أفغانستان، إلا أن تزامنها مع إبرام هذه الصفقة أثار ضجة كبيرة في الولاياتالمتحدة. وقال هاغل في أول رد فعل على هذه الصفقة بأنها ستكون بداية لمفاوضات بين الولاياتالمتحدة وحركة طالبان، وخطوة باتجاه التوصل الى اتفاق نهائي بينهما. ويؤكد الإعلان عن عملية التبادل أن المخابرات الأمريكية دخلت في اتصالات سرية مع حركة طالبان، رغم أن الولاياتالمتحدة أدرجتها في قائمة التنظيمات الإرهابية من اجل إطلاق سراح الرقيب بوي بيرغدال، الذي عاد الى قاعدة باغرام الأمريكية في ضواحي العاصمة كابول. وتعد هذه ثاني زيارة مفاجئة يقوم بها مسؤول سام أمريكي الى العاصمة الأفغانية في ظرف أسبوع، بعد زيارة مماثلة قام بها الرئيس باراك اوباما، بما يعكس درجة الاهتمام الذي توليه الادارة الأمريكية للوضع في أفغانستان، ومستقبل وحداتها في هذا البلد. وإذا كانت الزيارتان تكتسيان أهمية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية، فإنها في المقابل عكست أن العلاقة بين واشنطن وحركة طالبان لم تنقطع رغم العداء الظاهري الذي صورته الدعاية الأمريكية. وأثار كشف الرئيس الامريكي، عن صفقة التبادل ضجة حادة في الأوساط السياسية الأمريكية، عندما تعالت أصوات رافضة لها من منطلق أن عناصر حركة طالبان المفرج عنهم من قاعدة غوانتانامو يعدون من اخطر المعتقلين المعادين للولايات المتحدة. وفي مقابل ذلك فقد وصف الملا عمر، زعيم حركة طالبان الإفراج عن خمسة من الإطارات السابقة للحركة بمثابة انتصار كبير للحركة. واستغل النواب الجمهوريون الإعلان عن هذه الصفقة ليوجهوا انتقادات لاذعة باتجاه الرئيس باراك اوباما، الذي اتهموه بخرق القوانين الفيدرالية في هذا الشأن. وإذا كان هؤلاء ابتهجوا لإطلاق سراح الرقيب براغدال، إلا أنهم اعتبروا أن مقايضته بخمسة من قيادات حركة "إرهابية" سيشجع تنظيمات أخرى على اختطاف جنود أمريكيين في مختلف مناطق العالم. ولم يهضم نواب الكونغرس، وخاصة المنتمين الى الحزب الجمهوري، أن يكونوا آخر من علم بالصفقة إلا بعد إتمامها. وقال مايك روجرس، رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس، انه صدم لقيام الولاياتالمتحدة بالتفاوض مع الإرهابيين في إشارة الى حركة طالبان من اجل إتمام هذه الصفقة. واعتبر روجرس، الصفقة بمثابة تحول في السياسة الأمريكية ومؤشر لتشجيع الإرهابيين في العالم لجعل الأمريكيين هدفا لاختطافهم وتضع الجنود الأمريكيين في خطر دائم. بينما تساءل السيناتور الامريكي، ومرشح الرئاسيات السابق جون ماك كاين، ما إذا كانت الرئاسة الأمريكية حصلت على ضمانات من اجل عدم عودة المفرج عنهم الى العمل المسلح ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها، بعد أن وصف قياديي حركة طالبان المفرج عنهم بأنهم من العناصر المتشددة في مواقفها. وذهب أعضاء في لجنة مصالح الجيش في مجلس الشيوخ، الى ابعد من ذلك عندما اتهم أعضاؤها الرئيس اوباما، بخرق القانون على اعتبار أن الولاياتالمتحدة مازالت تعمل وفق قانون منع التفاوض مع الإرهابيين، وبقناعة أن القوانين تؤكد أن الرئيس ملزم بإخطار الكونغرس 30 يوما قبل عمل تبادل إرهابيين من غوانتانامو، أو إعطاء مبررات حول درجة الخطر التي يمثلها هؤلاء. ويبدو أن الرئيس اوباما، لا يريد الامتثال لمثل هذا القانون بعد أن وصفه بغير الدستوري لأنه يحد من صلاحياته كقائد أعلى للقوات المسلحة الأمريكية.