تحولت المواجهات العسكرية بين القوات الجورجية والانفصاليين الاوسيتيين الى حرب حقيقية بعد ان دخلت القوات الروسية ساحة الاقتتال وسط مؤشرات لأن تتحول الأوضاع إلى حرب إقليمية وربما الى نزاع بأبعاد دولية. وقال الكسندر لوماي الامين العام لمجلس الامن القومي الجورجي امس، ان بلاده لا تستبعد توجيه نداء لمساعدة عسكرية دولية للقيام بتدخل مباشر لحسم الوضع في اوسيتيا الجنوبية. وبرر المسؤول الامني الجورجي هذه الخطوة بتأكيده "ان قواتنا تقاتل بشجاعة ضد المحتلين الروس ولكن ميزان القوى بيننا غير متكافئ". وكان الرئيس الجورجي ميخائيل شكاشفيلي اكد امس، انه امضى على مرسوم اعلان الحرب وفرض الأحكام العرفية في البلاد. واضاف ان بلاده تتعرض حاليا لعدوان عسكري واسع النطاق من طرف البحرية والطيران الحربي الروسي مدعوما بتعزيزات برية كبيرة. ونفت السلطات الروسية الاتهامات الجورجية واكدت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف ان قواتها انما تحركت من اجل استعادة الاستقرار في اوسيتيا الجنوبية ومنع وقوع انزلاق واسع النطاق. وقال لافروف ان بلاده لا تريد الدخول في حرب مع جورجيا متهما تبليسي بخرق اتفاق سلام تم التوصل اليه قبل عام ونصف التزمت من خلاله السلطات الجورجية بعدم استخدام القوة العسكرية في اوسيتيا الجنوبية. وقال رئيس الدبلوماسية الروسي ان موسكو لا يمكنها التزام الصمت إزاء خرق اتفاق بهذه الكيفية ولذلك فنحن نعمل من اجل العودة الى الوضع الذي سبق التطورات العسكرية الاخيرة. وتضاربت المعلومات حول حقيقة ما يجري على الارض فبينما أكدت القوات الجورجية أنها تمكنت من بسط سيطرتها على عاصمة اوسيتيا الجنوبية نفت القوات الروسية ذلك واكدت من جهتها ان قواتها تمكنت من تحرير المدينة من كل القوات الجورجية. وهو ما نفاه يوري مورزوف رئيس حكومة اوسيتا الجنوبية الموالي لروسيا الذي اكد تحرير المدينة بصفة كلية من طرف المقاتلين الاوسيتيين بدعم من القوات الخاصة الروسية. ويتواصل الغموض حول حقيقة الوضع في وقت اكدت فيه السلطات الجورجية انها في حالة حرب متهمة روسيا بقنلبة اراضيها ردا على الهجمات التي شنتها قواتها على اوسيتيا الجنوبية وفتح جبهة جديدة مع ابخازيا الجمهورية الانفصالية الاخرى في جورجيا. وقالت تقارير عسكرية ان الانفصاليين الابخاز الموالين لروسيا دخلوا امس خط المواجهة العسكرية بعد ان شرعوا في قصف معاقل القوات الجورجية في جبال كودوري آخر الجيوب التي مازالت تحت سيطرة القوات الجورجية في هذه الجمهورية القوقازية. واتهم التلفزيون الجورجي الحكومي امس الطائرات الروسية بقنبلة قرى في ابخازيا لارغام القوات الجورجية على الانسحاب منها. ولكن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف برر العمليات العسكرية لبلاده بانها تهدف الى ارغام القوات الجورجية على قبول السلام" . ودحضت المصادر الجورجية تبريرات الرئيس الروسي واكدت ان القوات الروسية نفذت قصفا مكثفا على مدينة غوري في شمال البلاد مما تسبب في مقتل مئات المدنيين بالاضافة الى تدمير ميناء بوتي على البحر الاسود احد اكبر المرافئ لنقل نفط منطقة بحر قزوين باتجاه الدول الاوربية. واذا كانت القوات الروسية قد اعترفت بإسقاط طائرتين تابعين لقواتها الجوية الا انها نفت في المقابل استهداف المدنيين الجورجيين. وبدأت الحرب النفسية بين الجانبين الروسي والجورجي حول خسائر هذه الحرب في يومها الثاني حيث أكدت القوات الجورجية اسقاطها لعشر طائرات حربية روسية وتدمير 30 دبابة.في نفس الوقت الذي اكدت فيه مصادر انفصالية اوسيتية جنوبية سقوط 1600 مدني خلال الهجوم الذي نفذته القوات الجورجية امس على العاصمة تكشنفالي وهي الحصيلة التي نفاها الرئيس الجورجي شكاشفيلي ووصفها بالأكذوبة المفضوحة وقال انه لا يوجد أي مدني قتيل. وأمام هذه التطورات اضطرت السلطات الجورجية الى سحب قواتها المنتشرة في العراق ضمن القوات الدولية المحتلة لهذا البلد والمقدر تعدادها بحوالي الفي رجل للالتحاق بساحة الحرب خلال اليومين القادمين. وامام هذا الانزلاق العسكري المفاجئ توالت ردود الفعل الدولية على الاحداث الداعية الى التهدئة ووقف المواجهات في اسرع وقت ممكن. وطالب الرئيس الامريكي جورج بوش بوقف فوري للمواجهات في اوسيتيا الجنوبية في نفس الوقت الذي دعا فيه الى عقد قمة طارئة للاتحاد الاوروبي بعد ان وصف الاوضاع العسكرية بالخطيرة. وطالبت فرنسا التي تضمن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي إلى "وقف الاعتداء العسكري الواسع النطاق الذي تشنه قوالت الروسية ضد جورجيا". يذكر أن مجلس الأمن الدولي فشل إلى حد الآن في التوصل إلى اتفاق بينهما حول صياغة مشروع لائحة أممية لإنهاء حالة الحرب في القوقاز.