ففي بيان رسمي صدر أمس أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من توسع النزاع العسكري في أوسيتيا الجنوبية داعيا الطرفين الروسي والجورجي إلى وقف القتال فورا والدخول في مفاوضات سلام، وأضاف البيان أن الأمين العام يشعر بقلق من تصاعد العمليات القتالية في أوسيتيا الجنوبية ووقوع الضحايا وانتقال التوتر إلى إقليم أبخازيا داعيا جميع الأطراف إلى ضبط النفس وضمان سلامة المراقبين العسكريين التابعين للأمم المتحدة. يشار إلى أن أدموند موليت مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام أبلغ مجلس الأمن أول أمس بأن الحكومة الانفصالية في أبخازيا طلبت منه سحب مراقبي الأممالمتحدة الموجودين في وادي كودري الأعلى دون أن تعطي أسبابا محددة لهذا الطلب، وأفاد موليت بأن المراقبين موجودون حاليا في قاعدتهم في سوخومي عاصمة أبخازيا تفاديا لاحتمال تورطهم في أي تبادل لإطلاق النار بين القوات الجورجية والقوات الانفصالية. وفي موسكو، دعا رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أمس إلى التحقيق في ما أسماها "أعمال الإبادة التي ارتكبتها القوات الجورجية في جمهورية أوسيتيا الجنوبية"، وذلك خلال لقاء مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، وقال بوتين مخاطبا الرئيس الروسي "أعتقد أنه سيكون من العدل أن تأمر النيابة العسكرية بالتحقيق في مثل هذه الحوادث لأن غالبية الشعب الأوسيتي من المواطنين الروس". وذكرت مصادر إخبارية أن الرئيس ميدفيديف أكد عزمه إصدار أمر بتوثيق ما أسماها جرائم الجورجيين تمهيدا لمحاسبة مرتكبيها، وأشارت ذات المصادر إلى أن مسؤولين روسيين طالبوا حكومتهم بالعمل على محاكمة ساكاشفيلي كمجرم حرب في دلالة غير مباشرة على أن روسيا لا تنوي وقف الصراع العسكري عند هذا الحد وقد تذهب إلى مدى أبعد من إقليم أوسيتيا الجنوبية. مشيرة إلى أن انتقال الصراع إلى إقليم أبخازيا المنفصل عن جورجيا يعكس صورة الموقف الروسي وسعي موسكو لاستغلال الموقف المتفجر لفرض موقفها في أي مفاوضات سياسية مقبلة، وتأكيد قدرتها على التأثير في الملفات العالمية، وكان بوتين التقى الرئيس ميدفيديف لإطلاعه على طبيعة الموقف بعد زيارته لفلاديكفقاز عاصمة أوسيتيا الشمالية، الإقليم الروسي المجاور لجمهورية أوسيتيا الجنوبية الانفصالية، ونقل عن دبلوماسيين شاركوا في الاجتماع المغلق لمجلس الأمن الدولي أول أمس قولهم إن تشوركين قارن خلال الاجتماع عملية روسيا في أوسيتيا الجنوبية بعملية حلف شمال الأطلسي في إقليم كوسوفو عام 1999، متهما في تصريح إعلامي، أعقب الاجتماع، الجانب الجورجي بارتكاب إبادة جماعية وتطهير عرقي، يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي فشل في التوصل لأي بيان بخصوص الوضع في أوسيتيا الجنوبية بسبب التباين الكبير في موقف الدول الأعضاء حيال الموقف في الإقليم الذي أعلن انفصاله عن جورجيا من جانب واحد مطلع التسعينيات من القرن الماضي. من جهتها اتهمت جورجيا الطيران الحربي الروسي بقصف مطار عسكري أمس قرب العاصمة تبليسي دون أن يسفر القصف عن وقوع خسائر في الأرواح كما أفاد به رئيس مجلس الأمن الجورجي ألكساندر لوميا.وقال لوميا أن "طائرات روسية ألقت عدة قنابل على مطار عسكري بالقرب من مطار تبيليسي الدولي لكن لم تكن هناك أي طائرة موجودة في المطار"، مشيرا إلى أن الطائرات الروسية لم تنجح في مسعاها لتدمير المدرج، وأضاف أن سفينتين حربيتين روسيتين وصلتا أول أمس إلى مرفأ أوتشامتشيرا في إقليم أبخازيا الذي يقع على بعد ثلاثين كيلومترا عن الحدود الأبخازية الجورجية قادمتين من مرفأ سيباستوبول الأوكراني الذي يستخدم قاعدة للأسطول الروسي في البحر الأسود.كما اتهم لوميا الجانب الروسي بإرسال أكثر من مائة قطعة مدفعية وأرتالا من المدرعات إلى المناطق الحدودية بين جورجيا وروسيا على بعد نحو 35 كلم من أوسيتيا الجنوبية، في هذه الأثناء عاد الهدوء إلى تسخينفالي عاصمة إقليم أوسيتيا الجنوبية بعد إطلاق كثيف لنيران المدفعية، كما ذكرت الناطقة باسم الحكومة الانفصالية إيرينا غاغلوييفا التي أشارت إلى أن القصف المدفعي الجورجي أوقع عشرين قتيلا و150 جريحا.كما أعلنت الحكومة الانفصالية في أوسيتيا الجنوبية على موقعها الإلكتروني أن العاصمة تسخينفالي باتت مدمرة بالكامل تقريبا وأن غالبية سكانها يقيمون في الملاجئ وسط نقص حاد في المواد الغذائية ومواد الطاقة.