يرتبط حلول عيد الفطر المبارك سنويا بظاهرة شي النقانق أو "المرقاز" واللحم على قارعة الطريق وبالأرصفة دون مراعاة أدنى شروط النظافة وحفظ اللحوم. والغريب في الأمر أن الإقبال عليها وقت الغداء يكون كبيرا من قبل البالغين والأطفال الأمر الذي يعرض بعضهم إلى تسممات غذائية تدخلهم غرفة الاستعجالات الطبية وتنتزع فرحتهم بهذه المناسبة السعيدة. من منا لم يلاحظ صبيحة العيد بعد تبادل المواطنين للتهاني انتشار عدد من الطاولات التي يقوم أصحابها بشي اللحم و المرقاز بطريقة عشوائية، فيما يقبل البعض على تحديد طلبه قبل حلول موعد الإفطار حيث يرفق السندويش بمشروب غازي ضاربين بذلك عرض الحائط كل مقاييس النظافة والصحة، معرضين حياة المستهلك للخطر، هذا الأخير الذي يقف ضعيفا أمام رائحة الشواء القوية، خاصة لمن لم يتذوقه طيلة الشهر ليقع ضحية الإغراء وسيلان اللعاب وهو ما يفسر الإقبال عليه بطريقة مبالغ فيها، لا سيما وأن عددا كبيرا من ربات المنازل يعزفن عن الطبخ بحجة الاستمتاع بالعيد بعد الارتباط بالمطبخ 30 يوما كاملة. وحول خطورة ما يتم عرضه يوم العيد من لحوم مشوية لا يعرف حتى مصدرها تحدثت "المساء" إلى السيدة ليلى نايلي طبيبة عامة التي قالت: "حقيقة ظاهرة الشواء تعد من الظواهر السلبية التي نشهدها بعيد الفطر المبارك، وتلقى إقبالا واسعا، خاصة من طرف الأطفال وهنا تكمن الخطورة، فالمواطن الذي صام 30 يوما وتعودت معدته على نظام غذائي معين، بإقباله على هذه الأطعمة قد عرض نفسه لمخاطر صحية جمة يأتي في مقدمتها الإسهال المزمن والقيء، والشعور بالتخمة، وقد تصل في كثير من الأحيان إلى التسمم الغذائي بالنظر إلى غنى هذه اللحوم المشوية بالجراثيم بالنظر إلى الوسط الملوث الذي تعد فيه". وتواصل محدثتنا قائلة: "ينبغي على الصائم وهو يعيش فرحة العيد أن يحرص على سلامة جهازه الهضمي صبيحة العيد بحيث لا يقبل على أكل أي شيء، ويفترض مثلا أن يأكل بعض الأطباق الخفيفة كالحساء، والسلطة بكميات قليلة وأن يراعي في كل هذا التدريج ولا يأكل إلا عند الشعور طبعا بالجوع، وعليه تجنب كل ما هو مشوي وتحديدا أن كان مرفقا بمشروب غازي لأنه في هذه الحالة وكأنما يرمي البنزين على النار فتشتعل بذلك المعدة التي تكون غير مهيأة للأكل بعد". وفي ردها على سؤالنا حول ما إذا كانت المصالح الطبية تستقبل حالات لتسممات غذائية بعيد الفطر، أكدت محدثتنا أن الحالات التي يتم استقبالها بالمراكز الطبية الجوارية تتعلق بصعوبة الهضم والإسهال وبعض حالات الإفراط في وجبة الغذاء، كل هذا يحدث بالمعدة خللا ويجعل الشخص يشعر طيلة اليوم بعدم الراحة، مشيرة إلى أن الأشخاص يوم العيد مطالبين أيضا بأخذ الحيطة والحذر من حلويات العيد التي تشكل أيضا خطرا على المعدة وقد تدخل آكلها إلى مصلحة الاستعجالات الطبية إذا أفرط في تناولها لا سيما وأنها تحوي على نسب عالية من السكريات. ونحن نعيش فرحة العيد تنصح الطبيبة نايلي بتجنب الاقتراب من كل ما يتم بيعه بالأرصفة من لحوم مشوية لما فيها من خطورة، وتدعو في المقابل ربات البيوت إلى التفرغ لإعداد وجبة خفيفة لأفراد الأسرة مع التركيز على شرب الشاي والماء بعد تناول الحلويات. من جهته، يرى مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك أن ظاهرة الشواء لا تعد من الظواهر التي تقترن بعيد الفطر فقط، وإنما يعتبرها امتدادا للنشاط التجاري الفوضوي الذي عرف انتعاشا كبيرا بليالي رمضان، ويقول "لا يوجد مطلقا أي مانع في أكل اللحوم المشوية، ولكن في المقابل لابد أن تكون معدة بطريقة صحية، وهو ما لا نلمسه بما تم بيعه برمضان، وما سيتم بيعه بالعيد، حيث تستفحل هذه الظاهرة السلبية التي يكثر عليها الطلب، الأمر الذي يخلق جوا تنافسيا بين الباعة الذين يشكلون نقاط بيع غير مراقبة ويعدون لحوما مجهولة المصدر يتم بيعها بأثمان قليلة ما يعرض حياة المستهلك الذي تغريه رائحة الشواء للخطورة، وقد تجعله يرقد بالمستشفى لأيام نتيجة أكل لحوم مجمدة مشوية بطريقة عشوائية تفتقر إلى أدنى شروط الصحة.