خبر الإفراج عن آخر رهينتين جزائريتين من بين الرهائن المحتجزين في مالي، كان مفرحا ومحزنا في نفس الوقت، مفرح لعودة دبلوماسيين اثنين إلى أرض الوطن، وحضن عائلاتيهما سالمين معافين، ومحزن لفقدان الجزائر اثنين من أبنائها الدبلوماسيين أحدهما اغتالته أيادي الغدر والثاني توفي متأثرا بمرضه المزمن. والجزائر ظلت منذ حادثة الاختطاف تتابع تطوراتها بالتنسيق مع الأطراف التي كان يمكنها أن تساهم في إرغام المختطفين على الإفراج عن رهائنهم، دون أن تستجيب لمطالب الجماعة الارهابية التي تبنت عملية الاختطاف، مما يؤكد تمسك الجزائر بمواقفها الثابتة في التعامل مع مثل هذه القضايا، وفي مقدمتها مبدأ عدم دفع الفدية للجماعات الارهابية حتى لا تساهم في تنويع مصادر تمويلها، كما تفعل بعض البلدان التي دفعت أموالا مقابل الإفراج عن رعاياها المحتجزين. إن مبدأ تجريم دفع الفدية دافعت عنه الجزائر في المحافل الدولية، وقد سارت معها الكثير من الدول وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي ترفض دفع هذه الفدية للجماعات الإرهابية، حتى يتم تجفيف مصادر تمويل الارهاب في العالم وفي منطقة الساحل بالخصوص. فالجزائر رغم عدم دفعها الفدية، فإنها لم تتخل عن أبنائها وبذلت وزارة الخارجية كل الجهود على أكثر من صعيد، لتكلل هذه الجهود بعودة من بقي حيا من الدبلوماسيين السابقين بغاو إلى الجزائر دون قيد أو شرط، وهو موقف تحسد عليه الجزائر التي كانت السبّاقة إلى محاربة الإرهاب، واكتسبت تجربة باتت اليوم محل استقطاب الكثير من دول العالم للاستفادة منها في مطاردة الجماعات الإرهابية.