أقامت روسيا، أمس، علاقات دبلوماسية مع جمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا اللتين أعلنتا استقلالهما من جانب واحد قبل أيام قليلة عن جورجيا ضمن خطوة أخرى في اتجاه فرض الروس لمنطقهم في منطقة القوقاز. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ختام مباحثاته مع وزيري خارجية الجمهوريتين الانفصاليتين إن روسيا قررت إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا وبلورة اتفاقيات ثنائية معهما حول الصداقة والتعاون. وأضاف لقد "تبادلنا مذكرات حول إقامة علاقات دبلوماسية وهذه العلاقات أقيمت على مستوى السفارات". وكانت موسكو قد اعترفت رسميا بأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا كدولتين مستقلتين بعد أن خاضت القوات الروسية حربا قصيرة مع جورجيا الشهر الماضي ولم تعترف باستقلال المنطقتين أية دولة أخرى سوى نيكاراغوا. ولكن موسكو تصر على أنه لن تكون هناك أي مفاوضات لتسوية الأزمة في منطقة القوقاز من دون أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الإقليمين الانفصاليين عن جورجيا. وهو ما جعل رئيس الدبلوماسية الروسي يؤكد أن مجلس الأمن الدولي لن يناقش النزاع الجورجي مع أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا دون الاستماع إلى وجهات نظر ممثلي هاتين الجمهوريتين مما يعني اعتراف ضمني من تبليسي في حال جلوسها إلى نفس طاولة المفاوضات باستقلال هاتين الجمهوريتين. وفي الوقت الذي يطالب فيه الاتحاد الأوروبي بتراجع القوات الروسية من الأراضي الجورجية والإقليمين الانفصاليين، أعلنت موسكو أن قواتها ستبقى في كل من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا لفترة طويلة بهدف ضمان أمن السكان المدنيين. وجاء هذا الإعلان على لسان وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف خلال لقائه نظيرته النمساوية أورسولا بلاسنيك التي حلت في زيارة إلى موسكو في إطار المساعي الأوروبية لتسوية الأزمة في القوقاز. وقال رئيس الدبلوماسية الروسي إنه سيتم نشر حوالي 8 آلاف جندي في المنطقتين الانفصاليتين لوقت طويل وأكد أنها ستكون قوات عسكرية وليس قوات لحفظ الأمن في إشارة واضحة إلى استمرار التواجد العسكري الروسي في المنطقتين بالرغم من الضغوطات الغربية لإرغام موسكو عن سحب قواتها. والواضح أن روسيا مصرة على الاحتفاظ بالمكاسب التي حققتها من الهجوم الذي شنته ضد القوات الجورجية الشهر الماضي، حيث أعلنت عن توقيعها في الأيام القليلة المقبلة على اتفاقيات تعاون عسكرية تسمح بإنشاء قاعدة قانونية دولية للتواجد العسكري الروسي في أراضي الجمهوريتين الانفصاليتين. وقد أعربت سلطات الإقليمين الانفصاليين عن استعدادهما لاستقبال قواعد عسكرية روسية فوق أراضيهما وهو ما يعني أن موسكو ستحقق هدفها في بسط نفوذها على هذه المنطقة الاستراتيجية القريبة من البحر الأسود والتي تربط روسيا بالشرق الأوسط وأوروبا بآسيا. للإشارة، فإن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف كان قبل خلال لقائه، أول أمس، بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بسحب قوات بلاده من الأراضي الجورجية إلى غاية ال 10 أكتوبر المقبل وإجراء مفاوضات دولية حول وضعية الإقليمين الانفصاليين في حدود منتصف الشهر القادم. وكانت السلطات الروسية استبقت زيارة الرئيس الفرنسي إلى موسكو بإعلان رفضها إرسال بعثة مستقلة عن الاتحاد الأوروبي إلى جورجيا بعدما شعرت أنها في موقف قوة في ظل تضارب مواقف العواصمالغربية في التعامل مع مستجدات الوضع في منطقة القوقاز.