سكتت أمس، أصوات الأسلحة ودوي المدفعية في اوستيا الجنوبية فاسحة المجال أمام تحركات دبلوماسية لاحتواء الأزمة العسكرية مباشرة بعد أن أعطى الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أوامره، بوقف كل العمليات العسكرية في اوسيتيا الجنوبية بعد ضغوط دولية. والملاحظ أن روسيا لم توقف عملياتها العسكرية ضد القوات الجورجية إلا بعدما بسطت كامل سيطرتها على الأراضي الاوسيتية الجنوبية ووصولها إلى الحدود الدولية مع جورجيا. وقال الرئيس الروسي إنني اتخذت القرار بوقف العمليات العسكرية الرامية إلى إرغام القوات الجورجية على قبول السلام. وأضاف الرئيس الروسي بعد اجتماع مع القادة العسكريين الروس بمقر الكريملين، أن الهدف من العملية قد تم تحقيقه وان امن وحداتنا لحفظ السلام في المنطقة قد تم ضمانها في نفس الوقت الذي تم فيه معاقبة المعتدي وتشتيت قواته". وجاءت تصريحات الرئيس الروسي بعد لقاء مع الرئيس الفرنسي نكولا ساركوزي الذي تحرك في مساعي وساطة بين البلدين المتصارعين حيث حل أمس بالعاصمة الروسية بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي. ورحب ساركوزي بموقف نظيره الروسي ووصف القرار ب "الخبر الجيد" وأكد على ضرورة بذل كل الجهود لعدم تضييع هذه الفرصة السانحة. وفي انقلاب على مواقف سابقة أكد الرئيس الفرنسي في تصريحات غير منتظرة، أن لروسيا الحق في حماية رعاياها خارج حدودها في تبرير مبطن للعملية العسكرية الروسية ضد القوات الجورجية في اوستيا الجنوبية. وبلغة فيها الكثير من التحدي قال اناتولي نوغوفيستين نائب القائد العام لهيئة أركان القوات الروسية، أن هدف العمليات العسكرية الروسية في جورجيا هو إضعاف القدرات العسكرية للمعتدي إلى مستوى لن يجعلها تفكر من الآن فصاعدا في تكرار تجربته باحتلال اوسيتيا الجنوبية. وقالت قيادة العمليات العسكرية الروسية أن القوات الروسية ستحتفظ بمواقعها التي سيطرت عليها ولن تنسحب منها. وفي ظل هذه التطورات تحركت عدة هيئات دولية في تحركات دبلوماسية لاحتواء الوضع في وقت أكدت فيه السلطات الروسية، أن أي حل نهائي للأزمة يجب أن يتم عبر انسحاب القوات الجورجية من اوسيتيا الجنوبية ونزع سلاح وحداتها العسكرية هناك وتوقيع تبيليسي على وثيقة تلتزم من خلالها بعدم اللجوء إلى استعمال القوة ضد الاوسيتيين" . وفي ذات السياق أكد الرئيس الاوسيتي الجنوبي ادوارد كويكوتي على ضرورة ضم أراضي اوسيتيا الجنوبية إلى اوسيتيا الشمالية بقناعة أن شعبي البلدين يشكلان في الواقع شعبا واحدا ويتعين ضمه في دولة واحدة هي جمهورية اوسيتيا الفاصلة جغرافيا بين قارتي أسيا وأوروبا. وكانت أوسيتيا الجنوبية قد أعلنت سنة 1991 استقلالها عن جورجيا عام بعد حرب بين الطرفين رفضته تبليسي مما دفع إلى نشر قوات حفظ سلام روسية وجورجية وأوسيتية لمنع وقوع أي انزلاق عسكري آخر بينهما. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ندوة صحفية عقدها أمس، أن الرئيس الجورجي ميخائيل شكاشفيلي لم يعد حليفا ومن الأحسن له الانسحاب من رئاسة جورجيا. وفي نفس الوقت الذي تصر فيه موسكو على رحيل الرئيس الجورجي تحركت عدة دول أخرى ممن كانت في المعسكر الشيوعي السابق في مسعى جماعي من اجل دعم الرئيس الجورجي ومساندته ضد روسيا. وتنقل رؤساء بولونيا واوكرانيا ودول البلطيق الثلاثة ليتوانيا وليتونيا واستونيا إلى العاصمة تبيليسى لدعم نظيرهم الجورجي في أزمته مع الجارة القوية روسيا. كما عقد دبلوماسيو الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي اجتماعا بمقر الحلف بالعاصمة البلجيكية لبحث الرد المناسب للحلف على الصراع في جورجيا مباشرة بعد إعلان الرئيس الروسي ديمترى ميدفيديف عن إنهاء العمليات العسكرية ضد القوات الجورجية. من جانبهم أكد مسؤولو الحلف انه لم يحدد بعد موعدا لعقد اجتماع آخر بين الناتو وروسيا بطلي من السفير الروسي لدى الحلف ديمترى روجوزين . ومن جهة أخرى أعلنت روسيا أمس أنها تعارض مشروع اللائحة التي تقدمت بها فرنسا إلى مجلس الأمن الدولي بشأن النزاع القائم بين جورجيا وروسيا حول إقليم اوسيتيا الجنوبية لأنه لا يشير إلى العدوان الجورجي على هذه الجمهورية. وقال فيتالي تشوركين مندوب روسيا لدى الأممالمتحدة أن "روسيا ترفض مشروع قرار لم يشر صراحة إلى أن القوات الجورجية قامت بالاعتداء على السكان في اوسيتيا الجنوبية" . وطالب مشروع اللائحة التي أعدتها فرنسا بوقف فوري للقتال وانسحاب قوات روسية من اوسيتيا الجنوبية والمحافظة على وحدة الأراضي الجورجية.