أكد وزير التشغيل والعمل والضمان الاجتماعي السيد محمد الغازي أمس، أن الإصلاحات الكبيرة التي باشرتها الجزائر في منظومة الضمان الاجتماعي، أثمرت نتائج معتبرة في مسعى تحسين نوعية أداءات هذه المنظمومة وعصرنتها والحفاظ على توازناتها المالية، مشيرا إلى أن عزم الجزائر على تقاسم تجربتها مع البلدان الشقيقة في هذا المجال، تجسّد في إنشاء المدرسة العليا للضمان الاجتماعي، لجعلها مؤسسة للتكوين بامتياز بالنسبة للموارد البشرية لبلدان المغرب العربي والبلدان الإفريقية. وأوضح الوزير في كلمته بمناسبة افتتاح الندوة التقنية التي نظمتها الهيئات الوطنية للضمان الاجتماعي بالتعاون مع الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي بفندق الجزائر، أن الجزائر التي توفرت دوما على منظومة ضمان اجتماعي إجبارية وشاملة ومرتكزة على مبدأي التضامن والتوزيع تضمن تغطية كل الأخطار، عملت خلال العشرية الأخيرة على تنفيذ إصلاحات كبيرة، شملت ثلاثة مجالات رئيسة، تتمثل في تحسين أداءات هذه المنظومة وعصرنتها والحفاظ على توازناتها المالية. وأوضح أن هذه الإصلاحات أثمرت نتائج معتبرة، مستعرضا أهم النتائج المحصلة من خلال هذا المسعى، حيث أشار إلى أنه في مجال تحسين نوعية خدمات الضمان الاجتماعي، واصلت الجزائر مسار تطوير الهياكل الجوارية لهيئات الضمان الاجتماعي، التي انتقل عددها من أقل من 900 في سنة 1999 إلى أكثر من 1500 في سنة 2014، كما واصلت مسار تطوير نظام الدفع من قبل الغير بالنسبة للعلاجات الصحية المقدَّمة في القطاع الخاص، وذلك تكملة لمجانية العلاج في المؤسسات العمومية. وذكر في هذا الصدد بأن هذا النشاط سمح بتحسين حصول الفئات السكانية على العلاجات الطبية، وتعميم نظام الدفع من قبل الغير بالنسبة للأدوية لدى 10325 صيدلية متعاقدة لفائدة أكثر من 33 مليون شخص مؤمَّن لهم اجتماعيا وذوي حقوقهم، وكذا تطويره وتعميمه بالنسبة لجراحة القلب والأعمال الطبية الخاصة بأمراض القلب والأوعية بفضل الاتفاقيات المبرمة بين هيئات الضمان الاجتماعي و14 مؤسسة استشفائية خاصة، علاوة على تطويره في مجال تصفية الدم من خلال الاتفاقيات المبرمة مع حوالي 130 مركزا خاصا لتصفية الدم، وتعميمه بالنسبة للنقل الصحي. كما تم تطوير نظام الدفع من قبل الغير، حسب عرض الوزير، ليشمل أيضا الأجهزة الاصطناعية والطبية لدى الديوان الوطني للأعضاء الاصطناعية للأشخاص المعوقين ولواحقها. وتم العمل به أيضا في مجال الفحوصات والأعمال الطبية من خلال جهاز التعاقد مع الطبيب المعالج لفائدة المتقاعدين وذوي حقوقهم، فضلا عن مباشرته في مجال النظارات الطبية لفائدة الأطفال في سن التمدرس وما قبل التمدرس، طبقا لاتفاقيات مبرمة مع 455 صانعا للنظارات. ولدى تطرقه لمجال تطوير الأعمال الصحية من طرف الضمان الاجتماعي، ذكّر السيد الغازي بالعمليات التي تمت مباشرتها في إطار المساهمة في نشاطات الوقاية من الأمراض المستعصية والمكلّفة، على غرار الكشف المبكر عن سرطان الثدي عند النساء البالغات 40 سنة وأكثر، مشيرا في هذا الخصوص إلى أنه تم إنجاز 4 مراكز جهوية طبية عصرية تابعة للصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، ووضعها في خدمة الفئات السكانية المحلية لدعم خدمات مؤسسات الصحة العمومية. وأبرز الوزير في سياق آخر، أهمية الإجراءات التي اتخذتها الدولة من أجل تحسين القدرة الشرائية للمتقاعدين، منها، على وجه الخصوص، التثمين الاستثنائي للمنح والمعاشات، ورفع المبلغ الأدنى للمعاش، فضلا عن إعادة التقييم السنوي لمعاشاتهم. أما بخصوص نشاطات عصرنة منظومة الضمان الاجتماعي، فذكّر السيد الغازي بالعمليات التي تم القيام بها في إطار عصرنة المنشآت القاعدية وسيرها، والتي أُدمجت بصفة كاملة في إطار برنامج إصلاح الخدمة العمومية للحكومة، مشيرا في هذا السياق، إلى تعميم نظام البطاقة الإلكترونية للمؤمَّن له اجتماعيا "الشفاء"، والتي تجاوز عدد الحاصلين عليها 10 ملايين شخص؛ ما يضمن تغطيتها لقرابة 34 مليون مستفيد من هذا النظام في 2014. وذكّر ممثل الحكومة في هذا الصدد، بإطلاق القطاع في أفريل 2014 لعملية التصريح عن بعد بالعمال، والأجور إلى الضمان الاجتماعي لفائدة أصحاب العمل، وكذا مباشرة المرحلة التجريبية النموذجية للتسيير الإلكتروني للوثائق على مستوى الصندوق الوطني للتقاعد. برنامج الحكومة ينص على استكمال تعميم برامج العصرنة والتطوير وذكّر الوزير بالمناسبة، بالمشاريع المسجلة في إطار برنامج الحكومة المصادق عليه من قبل البرلمان في ماي الماضي، والهادفة في مجملها إلى مواصلة تطوير الضمان الاجتماعي، مشيرا إلى أن هذه المشاريع تتضمن، على وجه الخصوص، توسيع مجال التغطية إلى فئات خاصة جديدة من الأشخاص، مواصلة تحسين نوعية الخدمات وعصرنة سير هيئات الضمان الاجتماعي، لا سيما عبر توسيع نظام الدفع من قبل الغير إلى الفحوصات والأعمال الطبية الأساسية، وإصلاح النظام التكميلي للتغطية الاجتماعية، مع إدراج التعاضديات الاجتماعية في نظام "الشفاء"، وإنشاء فرع التقاعد التكميلي، ومواصلة تطوير الخدمات الإلكترونية والإرسال عن بعد، وإدخال الوصفة الطبية الإلكترونية في نظام "الشفاء"، فضلا عن استكمال إصلاح تمويل المنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي لتحسين إيرادات الاشتراكات وتطوير الموارد الإضافية من دون الاشتراكات والتكييف التدريجي للنظام الوطني للتقاعد مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية والديمغرفية. وبخصوص هذه النقطة الأخيرة، أكد السيد الغازي توفر الجزائر على صندوق وطني لاحتياطات التقاعد ممول بحصة من منتوج الجباية النفطية، موضحا أن هذا الصندوق الذي تم إنشاؤه بقرار رئاسي، يهدف إلى تأمين نظام التقاعد للأجيال القادمة. من جانب آخر، أبرز وزير التشغيل والعمل والضمان الاجتماعي أمام الحضور، في الملتقى التقني الذي حضر افتتاحه هانس كولونسكي الأمين العام للجمعية الدولية للضمان الاجتماعي، وعبد المجيد سيدي السعيد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، وكذا ممثلون عن هيئات الضمان الاجتماعي بمنطقة شمال إفريقيا، أبرز الاهتمام الخاص الذي توليه الجزائر لمجال تبادل الخبرات مع الدول الشقيقة والصديقة، مشيرا إلى أن الجزائر جسّدت إرادتها في تقاسم خبراتها في هذا المجال؛ من خلال إنشاء المدرسة العليا للضمان الاجتماعي بالجزائر، التي كانت محل اتفاق مع منظمة العمل الدولية، لجعلها مؤسسة للتكوين بامتياز في مجال الحماية الاجتماعية بالنسبة للموارد البشرية لبلدان المغرب العربي والبلدان الإفريقية. وذكّر في الأخير بالافتتاح الرسمي لهذه المدرسة المتخصصة في التكوين والبحث بالنسبة للسنة الجامعية 2014 - 2015، وكذا فتح المقاعد البيداغوجية لترشيحات التسجيل الواردة من البلدان الشقيقة لاتحاد المغرب العربي والإفريقية. الجزائر تحتضن مكتب الارتباط للجمعية الدولية للضمان الاجتماعي لشمال إفريقيا وتم خلال الندوة التقنية لهيئات الضمان الاجتماعي والتي تهدف أشغالها إلى تبادل الخبرات بين هيئات دول منطقة شمال إفريقيا من أجل تحسين وتطوير أداء منظومة الضمان الاجتماعي في بلدان المنطقة، التوقيع على مذكرة اتفاق بين الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء والجمعية الدولية للضمان الاجتماعي، تقضي بفتح مقر مكتب الارتباط للجمعية الدولية للضمان الاجتماعي لمنطقة شمال إفريقيا بالجزائر، وتحدد كيفيات سيره. كما تم بالمناسبة، تنظيم زيارة إلى مقر المكتب الواقع بالمركز العائلي التابع لصندوق الضمان الاجتماعي ببن عكنون، وإطلاع الأمين العام للجمعية الدولية على مختلف مرافق هذا المكتب الجهوي، الذي تم تحويله من المغرب إلى الجزائر.