مع قدوم كل صيف تفتح المخيمات الصيفية أبوابها للأطفال من ختلاف الولايات التي ينتمون اليها للاستراحة من عناء الدراسة... وللاستطلاع أجواء المخيمات الصيفية عن قرب، زارت "المساء" مجموعة أطفال قدموا من الأغواط، تلمسان والعاصمة ليخيموا بالرويبة، وذلك في اليوم الختامي للدورة التي دامت من 25 جويلية الى 9 أوت، فرصدت أجواء التخييم التي تفتح مجالات التسلية والمرح في قالب من القيم التربوية والتثقيفية الهادفة. فتح المخيم الصيفي الذي حط رحاله بثانوية عبد المؤمن بالرويبة، أبوابه للأطفال، تحت شعار " أطفانا أكبادنا تمشي على الأرض"، ووضع المشرفون على تسييره نصب أعينهم، هدف" غرس روح المواطنة والمحافظة على البيئة"، ولتحقيق هذا المسعى تضافرت جهود 24 مؤطرا معظمهم من السلك التعليمي، قدموا من مختلف ولايات الوطن ليصنعوا سعادة 173 فتى و36 فتاة تتراوح أعمارهم بين 8 و13 سنة، حيث دشنوا أول دورة من دورات التخييم الصيفي بثانوية عبد المؤمن بالرويبة، وذلك تحت إشراف اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية لعمال التربية، التي أخذت على عاتقها مسؤولية التحضير لهذه التظاهرة وتوفير الشروط اللازمة. ولأن هدف المخيم يكمن أساسا في تنمية قدرات الأطفال وبعث روح المواطنة والقيم التربوية، كان لابد من تسطير برنامج هادف، لكن ميزته أنه محشو بالتسلية. استجمام، جولات وسهرات وبخصوص البرنامج، أوضح لنا السيد رمضان دروني مدير المخيم، أنه يشمل في رزنامته سهرات تتنوع بين الفلكورية، الدينية والتثقيفية، إضافة الى سهرات عيد الميلاد، وفتح المجال لممارسة النشاطات الرياضية والألعاب الأولمبية والنشاطات المسرحية، والمجموعات الصوتية تحت إشراف المنشطين، وفي آخر المطاف توجت الدورة بسهرة الختام التي تميزت بعرض نشاطات الأفواج وتوزيع جوائز وشهادات على الناجحين في المسابقات. ولم تتوقف متعة أطفال المخيم عند هذا الحد، بل امتدت إلى الاستفادة من زيارات سياحية إلى مقام الشهيد وجولات في الهواء الطلق بسيدي فرج والقرية الإفريقية. وكانت يوميات الأطفال بالمخيم حسب البرنامج المسطر، فرصة لاكتساب الروح الوطنية من خلال أداء أغان وطنية، ولتنمية الذوق الجمالي من خلال مسابقة البيت الجميل، الذي يعلم الطفل الترتيب والنظام،. فيما يتعلم الأطفال بعض الحكم والأحاديث النبوية الشريفة من خلال " كلمة اليوم" التي تمثلت يوم زيارتنا للمخيم، في قوله (صلى الله عليه وسلم) : "الابتسامة في وجه أخيك صدقة".. ويتسنى للطفل كذلك أن يتعلم دقة الملاحظة من خلال بعض النشاطات، وأن يطلق العنان لميولاته الفنية من خلال الأشغال اليدوية، فضلا عن الانتعاش بالسياحة في شاطئ القادوس طيلة أيام الدورة. وفيما يتعلق بالجانب الصحي، أشار طبيب المخيم السيد محمد بتيل، إلى أنه لم تسجل أية حالة مرض في وسط الأطفال منذ انطلاق الدورة.. موضحا أن التهاب اللوزتين من أهم المتاعب الصحية التي تصيب الأطفال عند تغير الطقس، إضافة إلى الإصابة بالجروح جراء السقوط أو الاصطدام بجسم صلب. وحسب المشرف على مطبخ المخيم، فإن البطاطس المقلية والسمك والكسكسي والدجاج، هي من أكثر الأكلات التي يحبها أطفال المخيم.. وبلغة الأرقام ذكر مقتصد المخيم، أن متوسط التكلفة النقدية للوجبة الغذائية يقدر ب 220 دج لكل فرد يوميا. وفي هذا الصدد أضاف مدير المخيم، أن عمال المطبخ مجندون يوميا لإعداد وجبات متوازنة تخضع لمعاينة الطبيب، وقد كشفت السجلات الطبية، أن معظم أطفال المخيم سجلوا زيادة في الوزن تقدر بكيلوغرام واحد أو أكثر بالنسبة للبعض، وهو ما اطلعنا عليه أثناء تواجدنا به. تفاصيل أخرى عن الأجواء السائدة داخل المخيم، تعرفنا عليها من خلال إعطاء الكلمة لبعض المنشطين والمنشطات باعتبارهم الفئة الأكثر احتكاكا بالأطفال... تسلية في إطار تربوي يقول المنشط رضا خامسة من وادي سوف، أن مهمة المنشط في المخيم تفرض توفير سبل الترفيه والتسلية، وذلك في إطار تربوي هادف، علاوة على تكيفهم مع محيط المخيم، لاسيما وأن معظمهم يبكون في اليوم الأول من وصولهم تعبيرا عن افتقاد الوسط العائلي، وتنهمر دموعهم مرة أخرى في يوم العودة حزنا على مفارقة الوسط التخييمي الذي ألفوه. واستطرد محدثنا، تتميز غرف نوم الأطفال باحتوائها على معارض صغيرة لقصص وكتب علمية وتثقيفية، تبحر بهم في عالم السياحة والتراث، حيث تحل المطالعة محل القيلولة التي ينفر منها بعض الأطفال. وتضيف زميلته المنشطة فاطمة بالشيخ من تيارت، أن دور المنشط هو توفير الرعاية الجيدة التي تكفل تعليم الأطفال الانضباط والنظافة، والملاحظ أنه لا تكاد تنتهي مدة الدورة إلا وتتوطد العلاقة بين المنشطين والصغار، الذين نفتقدهم كثيرا عندما يغادرون المخيم، تقول نفس المتحدثة. نريد البقاء في المخيم! وكان لنا حديث أيضا مع بعض أطفال المخيم الذين عبروا عن انطباعاتهم، خاصة وأن أغلبهم استفادوا من الدورة التخييمية لأول مرة، فكان الانطباع المشترك، هو أنهم لا يريدون مغادرة المخيم الذي أعجبهم كثيرا. وبصوت خافت أشار مصطفى حاج نوار (10 سنوات) الذي قدم من الأغواط الى المخيم لأول مرة، إلى أن متعة السباحة استهوته كثيرا وأنه تعلم أداء الصلاة وبعض الأناشيد منها: "بلادي، يا أرض اللغة العربية". كما أبدى سروره لتمكنه من عقد عدة صداقات. وتشاطره الرأي الفتيات اللواتي سعدن بتواجدهن في المخيم، حيث عبرت كل من إكرام بن عائشة (11 سنة) من باش جراح، فوزية علي صوشة (12سنة) من عين طاية، سعاد حدوارة (9 سنوات) من أفلو، أميرة ودناني (12سنة) من تلمسان، سارة معاش (12سنة) وروميساء بومدين (12سنة) من الأغواط، عن إعجابهن بكل الخدمات والنشاطات المسطرة في البرنامج، وأجمعن على أنهن وجدن راحتهن التامة في المخيم، لاسيما وأنهن تعلقن بالمدير والمنشطين وتعلمن أشياء كثيرة. ونحن بصدد إنجاز الموضوع، اطلعنا على السجل الذهبي الذي سجل فيه بعض الأولياء الذين زاروا المخيم انطباعاتهم، فوجدنا فيه عبارات شكر موجهة إلى المدير والطاقم المؤطر على حسن الاستقبال المعاملة، التنظيم، والخدمات المقدمة. وتزامن تواجدنا في المخيم مع عملية توزيع الهدايا على الأطفال، مقدمة من طرف اللجنة المنظمة، وهي عبارة عن بدلات رياضية، قبعات شمسية، تبابين وقمصان، واغتنم مدير المخيم الفرصة ليقدم خالص عبارات الشكر والتقدير لكل من رئيس اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية ورئيس لجنة الخدمات الاجتماعية للرويبة، وكذا رئيس بلدية هذه الأخيرة، على التسهيلات التي قدموها.. معبرا عن امتنانه أيضا لسكان مدينة الرويبة المضيافين، والذين لم يتوانوا عن مشاركتهم أجواء السهر بالمخيم، الأمر الذي جنب مؤطريه الشعور بالغربة.