جاؤوا من المسيلة.. وحطوا رحالهم بمدينة الرغاية.. صغار استجابوا لنداء العطلة فجمعهم المخيم الصيفي تحت سقف واحد.. وبين متعة السباحة وفكاهة السهرات ونشوة الجولات، شكلوا عالما خاصا يكسر رتابة الأيام الدراسية، ليظفروا أخيرا بذكريات صيفية مميزة امتدت من 09 إلى 24 أوت الجاري. كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة وربع عندما وصلنا إلى المخيم الصيفي، الذي احتضنته متوسطة سي لخضر بمدينة الرغاية.. مكان هادئ، أول ما يشد الانتباه إليه هو الإخضرار الذي أضفى عليه جمالا.. وحركات الأطفال الذين كانوا قد عادوا للتو من شاطئ الشط بالرغاية. وكانت ل"المساء" جلسة مع بعض المؤطرين وأطفال المخيم على مائدة الإفطار، حيث أصر مدير المخيم السيد جمال لشهب، على أن نشاركهم وجبة الإفطار قبل الإدلاء بأي تصريح! شعارات عدة كانت تقابلنا.." خلق الأطفال ليعيشوا سعداء، "طفل اليوم رجل الغد" و"من أجل رسم البسمة على شفاه الأطفال"، وهي باختلافها تعبر عن مبدأ العناية بالأطفال أجيال المستقبل. بداية الحديث كانت مع السيد رابح الأصقع، أحد المؤطرين، الذي عبر عن إعجابه بمتوسطة سي لخضر التي تتميز بوفرة الماء، 24 ساعة على 24 ساعة، مما يساعد على الحفاظ على شروط النظافة... والملفت أيضا هو الاتساع وكثرة النباتات بالإكمالية، وهي كلها أمور زادت من متعة التخييم الذي استهوى 180 فتى و 30 فتاة، قدم معظمهم من ولاية المسيلة ليخيموا تحت رعاية 32 مؤطرا ينتمون إلى مختلف ولايات الوطن، بعضهم مؤهلون يحملون شهادات التأطير والتنشيط، والبعض الآخر منهم متربصون جمعوا بين مسعى التربص ورغبة الاصطياف، وهم باجتماعهم مثلوا آخر دورة من دورات التخييم، التي أشرفت اللجنة الولائية للخدمات الاجتماعية للجزائر الشرقية، على تنظيمها لفائدة قطاع عمال التربية لولاية المسيلة. سباحة.. سياحة وأولمبياد أيضا وباعتبار المخيم الصيفي يركز بالأساس على مسعى تثقيف الأطفال وتسليتهم في إطار يحافظ على القيم التربوية، فقد تضمن البرنامج الألعاب على الشاطئ، السباحة، مقابلات رياضية، خرجات لشراء الحاجيات، سهرات تتنوع بين الفلكورية، الدينية والثقافية، وأخرى تراعي الميولات الفنية كالمسرح والسكاتش، وشمل البرنامج في رزنامته أيضا الأشغال اليدوية ومهرجان الألعاب الأولمبية الذي حاول الطاقم المؤطر تنظيمه على شاكلة أولمبياد بكين لتعزيز روح المنافسة الرياضية، إضافة إلى الاستفادة من زيارات سياحية إلى مقام الشهيد وحديقة الحيوانات بابن عكنون. والمميز كذلك في البرنامج، هو العرض السينمائي الذي تم بموجبه تشكيل ناد للصحافة الذي قام من خلاله الصغار برصد أخبار المخيم وإنجاز تحقيقات على الشاطئ تتماشى ومستواهم التعليمي، وذلك حتى يتسنى اكتشاف الأطفال الموهوبين في هذا المجال. وقام أبناء المسيلة بالنشاطات المتاحة تحت مراقبة الشرطي المخفي، الذي تكمن مهمته الأساسية في متابعة مدى الانضباط، لمكافأة أحسن بيت جميل وأحسن فوج ونشاط وإنجاز في نهاية المطاف... والجدير بالذكر في هذا السياق أن برنامج المخيم يسهر على إنجازه وتكييفه بالمتابعة، المدير البيداغوجي السيد إلياس حمودي، الذي يتولى منذ 32 سنة تكوين المنشطين المتربصين، حيث أشار في هذا الصدد، إلى أن المخيم الصيفي يمثل عائلته الثانية. وعن الوضع الصحي لأطفال المخيم، ذكر طبيب المخيم سعيد طاس، أنه لم تسجل أية حالة مرضية منذ انطلاق الدورة، إذ يتمتع كل الصغار بصحة جيدة. مضيفا أنه إلى جانب الفحوصات الطبية، يتكفل بإجراء تحاليل للماء والوجبات المقدمة لتفادي مخاطر التسمم، علاوة على حرصه على توازن الوجبات الغذائية، من خلال الإشراف على وضع قائمة الطعام، وبصيغة طريفة، أشار أحد عمال المخيم إلى أن أطفال المخيم يحبون أكل الخبز إلى درجة تثير الاستغراب! بين التعلق بالمنشطين والاشتياق إلى الأهل ومن ناحية أخرى، كانت لنا دردشة مع بعض أطفال المخيم الذين اصطفوا أمامنا، رغبة في ذكر أسمائهم على صفحات الجريدة، ومن ضمنهم أكرم مكي (10 سنوات)، عبد الناصر كحول (12 سنة)، الذي غنى لنا أغنية " يا ماما ويا بابا نروح للرغاية للمخيم"، علاء الدين فايد (11 سنة)، قيس شرحابيل (12 سنة)، عبد الرؤوف لونيس (12 سنة)، هارون مسلم (12سنة)، رامي (10 سنوات)، عبد الرؤوف بركاتي(9 سنوات) وكذا محمد لامين بتقة (12 سنة).. وقد أكدوا جميعا أنهم تعلقوا بالمنشطين وأعجبوا بالسهرات والجولات والسباحة، لاسيما وأن بعضهم كانوا يقضون العطلة في أجواء يميزها الفراغ، إلا أن هذا لا ينفي اشتياقهم إلى الأهل.. فيما عبرت إكرام (9 سنوات) عن رغبتها في البقاء في المخيم، الذي سمح لها بعقد عدة صداقات.. وأبدت أحلام ضيف (11 سنة)، إعجابها بكافة النشاطات التي تعلمتها في المخيم. تربية وتوعية وعن انطباعها، ذكرت المنشطة المتربصة ليندة من تيزي وزو، أن التربية دور أساسي بالنسبة للمنشط، وهي مهمة حساسة عندما يتعلق الأمر بالأطفال اليتامى الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة، وفي النهاية كم يصعب فراقهم! ومن جانبه يرى المنشط حسان سعيداني من البويرة، أن المنشط مطالب بالحفاظ على صحة ونظافة الطفل وتوعيته لغرس الروح الوطنية فيه، إضافة إلى تسليته من خلال أنشطة تربوية ذات طابع ترفيهي لكسر الرتابة ورفع معنويات الصغار. الذين ينبغي أن يشعروا بتغيير الجو السائد في محيطهم. أما مدير المخيم السيد جمال لشهب، مدير إكمالية، الذي يتولى إدارة المخيمات الصيفية منذ 25 سنة، فصرح بأن تسيير المخيم مهمة أصعب من تسيير إكمالية، لأنها تضع المعني بالأمر أمام مسؤولية كبيرة، نظرا لصغر سن الأطفال وشعورهم بالبعد عن أهلهم، زيادة على صعوبة تكيفهم مع النظام الداخلي والوسط التخييمي الذي يتطلب كفاءة المنشطين. واغتنم محدثنا فرصة تواجدنا بالمخيم ليقدم تشكراته الخالصة للجنة الخدمات الاجتماعية للجزائر الشرقية، خاصة وأنها اكتشفت لأول مرة هذه المتوسطة، التي تتوفر على جميع شروط التخييم التي تبعث على الراحة. للإشارة، نظمت اللجنة الولائية للخدمات الاجتماعية للجزائر الشرقية، ثلاثة مخيمات صيفية خلال الفترة الممتدة من 25 جويلية إلى 24 أوت من السنة الجارية، الأول بمتوسطة سي لخضر بالرغاية والثاني بثانوية برحال بالرغاية، أيضا أما الثالث فكان بثانوية عبد المؤمن بالرويبة.