تعيش الجزائر حالة من الانتعاش التكنولوجي الذي أثر على جميع فئات المجتمع، الذي تأثر وإلى حد بعيد، بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، التي وعلى الرغم من إيجابياتها الكبيرة على حياة المجتمع، إلا أنها اليوم تشكل تحديات كبيرة، خاصة من الجانب الأمني؛ مما يتطلب انتهاج سياسة صارمة لتأمين وحماية المواطنين من تكنولوجيا الاتصال، وجعل هذه الأخيرة في خدمة أمن المواطن؛ من خلال تبنّي ميكانيزمات استكشاف مبكرة للنوايا السيئة، ونشر نظام للمكافحة والوقاية من اللاأمن، وهو ما أكدت عليه وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال والمدير العام للأمن الوطني، لدى إشرافهما على افتتاح الأيام الإعلامية المنظمة بين الهيئتين حول موضوع دور تكنولوجيات الإعلام والاتصال في خدمة أمن المواطن. وأكدت الوزيرة زهرة دردوري لدى إشرافها أول أمس على افتتاح فعاليات الصالون رفقة اللواء عبد الغني هامل برياض الفتح، على الدور الكبير الذي تلعبه تكنولوجيات الاتصال في الحياة اليومية للمواطن والاقتصادية للبلد، بحيث أصبحت المحرك القوي للعديد من القطاعات ومصدر تطورها، مشيرة إلى عزم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة القوي، على إقحام الجزائر في سياق الاقتصاد الرقمي المبني على أسس معرفية، بالاستعانة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، التي يجب أن تعمَّم على جميع المستويات المعيشية للمواطن. وأدركت الجزائر منذ أزيد من عشرية كاملة - تقول الوزيرة - أهمية التحكم في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، ضمن مسعاها الرامي إلى تحقيق تنمية مستدامة، وعليه تم اللجوء إلى التكنولوجيات الحديثة، ووضعها في متناول جميع المواطنين الجزائريين والمؤسسات بدون استثناء. كما تم، في السياق، تحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي كبير على الرغم من العراقيل المنطقية التي يمكن أن تواجه أي اقتصاد، ورغم ذلك فلا يمكن لأحد أن ينكر المزايا التي حملتها التكنولوجيات الحديثة للمواطن، حتى أضحت مرادفا للحياة والتواصل. إلا أن الوضع الذي بلغته بلادنا من حيث تبنّي واعتماد تكنولوجيات الإعلام والاتصال، لا يخلو من المخاطر، خاصة المتعلقة منها بالجانب الأمني، الذي أصبح يشكل تهديدا للأطفال عبر استعمالهم للإنترنت، وصولا إلى السرقات والاعتداءات والتهديدات الممارسة عبر الوسائل التكنولوجية، بالإضافة إلى إرهاب الطرقات، تضيف الوزيرة، التي أكدت على نجاعة التكنولوجيات الحديثة في حل المشكلات الأمنية المرتبطة بها؛ من خلال تبنّي ميكانيزمات استكشاف مبكرة للنوايا السيئة، ونشر نظام للمكافحة والوقاية من اللاأمن التكنولوجي. وفي هذا السياق، أكد اللواء عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني، أن من منطلق انشغال مؤسسته بتأمين الأشخاص، انصب اهتمامها مؤخرا على استقطاب شريحة واسعة من المتخصصين في مجال تكنولوجيات الإعلام، وتم تكوين عدد معتبر من الإطارات داخل وخارج الوطن، إضافة إلى تأهيل الأعوان؛ في خطوة لتشكيل نواة أولى وقاعدة صلبة لاستيعاب الكم الهائل من التكنولوجيات المستعملة، بالإضافة إلى تشكيل مديرية مركزية، أوكلت لها مهام تطوير استخدام التقنيات التكنولوجية في المهام الأمنية. وسمحت جملة المكاسب التي تحققت في هذا المجال يضيف المدير العام للأمن الوطني بتوفير رؤية استشرافية هامة من حيث توفير قاعدة بيانات ومعطيات إحصائية موضوعية وتسيير عقلاني، بالإضافة إلى خارطة طريق بمنهجية علمية وموضوعية، تمكّن من استقراء الأحداث، ومن ثم اتخاذ القرار المناسب للإشكالات التي تقع على المستوى العملياتي، ومنه تم تجهيز دوريات المراقبة الأمنية بمختلف الآليات الحديثة لإضفاء فاعلية على عملها والشرعية على إجراءاتها المتخذة، وذلك في زمن قياسي بفضل تطبيقات الشبكة الوطنية لنقل البيانات، التي تم تطويرها بتوسيع شبكة الألياف البصرية، التي تدعمت مؤخرا ب 1000 كيلومتر؛ ضمانا للتغطية الشاملة لجميع المصالح، وتمكينها من كافة التطبيقات المعلوماتية. وذكّر اللواء بأبرز خدمات هذا النظام المؤمّن والخاص بالأمن الوطني، منها تفحّص قاعدة البيانات للأشخاص والمركبات محل بحث وتحرّ باستعمال أجهزة القراءة الآلية للوحات ترقيم المركبات، وكذا الحاسوب الجيبي، بالإضافة إلى تفحّص سجل السوابق القضائية للأشخاص محل متابعة، وكذا خدمة المحادثة المرئية عن بعد والهاتف الرقمي وتطوير تكنولوجية التعريف البيوميتري بتعميم التعريف الآلي للبصمة الرقمية... وأشار السيد عبد الغني هامل إلى مشاريع شراكة شرعت المديرية العامة للأمن الوطني في إنجازها مع مؤسسات عمومية ذات طابع علمي وتقني، على غرار "السيريست"؛ في خطوة للمساهمة في بعث مشاريع البحث العلمي في ميادين تقنية دقيقة جدا في إطار محاربة الجريمة بكل أشكالها، مضيفا أن القانون المتعلق بالإمضاء والتصديق الإلكترونيين الذي سيرى النور قريبا، سيمكّن المؤسسة الأمنية من وضع جسور معلوماتية مؤمَّنة مع مختلف الشركاء في الميدان، وخاصة الهيئات القضائية، بالاعتماد على التبادل الإلكتروني للملفات، بالإضافة إلى شبكة الجيل الثالث، التي ستوفر أرضية خصبة لمصالح الأمن؛ قصد تطوير برامج وتطبيقات أمنية تمكّن من ضمان حلول متنقلة وناجعة. للإشارة، افتتحت وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال رفقة المدير العام للأمن الوطني، صالون تكنولوجيات الإعلام والاتصال في خدمة أمن المواطن. ويتضمن الصالون الذي يدوم ثلاثة أيام، عدة أجنحة زاوجت بين ما توصل إليه التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات، وبين مختلف الوسائل التي تستعين بها الشرطة الجزائرية في مهامها المتعلقة بمكافحة الجريمة بجميع أشكالها، لا سيما في مجال التدخل والوقاية والمراقبة المرورية. ويؤكد الصالون التطور الذي بلغته مصالح الأمن في مواجهة جميع المستجدات، بالاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة، التي لا تخلو أية مصلحة من استعمالاتها.