جدد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أول أمس موقف الجزائر الثابت، المعارض لعمليات تغيير السلطة بطرق مخالفة للقواعد الدستورية، مؤكدا في تصريح إذاعي أن موقفها من الانقلاب العسكري في موريتانيا، تم التعبير عنه من خلال بيان وزارة الشؤون الخارجية الذي جاء على أساس مبادئ واضحة. وذكر السيد مدلسي بمناسبة استضافته في حصة للإذاعة الدولية أن الموقف الرسمي للجزائر من هذه القضية تم التعبير عنه من قبل الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل، خلال لقائه يوم الأربعاء الفارط بالمبعوث الخاص الموريتاني العميد محمد ولد الشيخ محمد احمد، وأشار في الإطار نفسه إلى أن موقف الجزائر من هذا الانقلاب كان واضحا، "ولاسيما من خلال بيان وزارة الشؤون الخارجية الذي جاء على أساس مبادئ واضحة". كما أكد بأن اتحاد المغرب العربي شديد الحرص على الحفاظ على الديمقراطية في موريتانيا، وأنة يواصل العمل في اتجاه تدعيم الحوار في هذا البلد الشقيق، مذكرا بأن قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي بصفته رئيسا لاتحاد المغرب العربي أوفد أمينه العام الذي اتصل بمسؤولين موريتانيين وقام بإعداد تقريره في هذا الشأن. وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر أبلغت مبعوث رئيس المجلس الأعلى للدولة في موريتانيا بموقفها الذي يدين عمليات تغيير السلطة بطرق مخالفة للقواعد الدستورية، مذكرة بأن موقفها الثابت يتطابق مع موقف المنظمات الدولية ولاسيما منها الاتحاد الأفريقي. وحثت في المقابل على ضرورة عودة موريتانيا إلى النظام الدستوري من خلال إعادة المهام والصلاحيات لمؤسسات البلاد. من جهة أخرى عاد رئيس الدبلوماسية الجزائرية في حديثه الإذاعي إلى الزيارة الأخيرة التى قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى إيران، وما حملته من مباحثات ثرية ومتنوعة في مختلف المجالات، وذكر أن سلطات البلدين استعرضت بمناسبة هذه الزيارة العلاقات الثنائية وسبل توسيعها لتشمل مجالات جديدة، على غرار السياحة والثقافة. وفيما جدد موقف الجزائر الداعم لتطوير الطاقة النووية لاغراض سلمية، عبر السيد مدلسي عن أسفه إزاء سياسة الكيل بمكيالين المنتهجة في هذا المجال، والتي تعطي برأيه، لبعض البلدان إمكانيات ودرجات من الحرية، بينما تقصي البعض الأخر. واعتبر في ذات الصدد ان الحوار حول الملف النووي الإيراني بين بلدان 5+1، بحضور ممثل عن الحكومة الأمريكية، يشكل عنصر أمل يتعين تعزيزه من اجل استرجاع علاقات الثقة، والوصول إلى حل سياسي مقبول لدى مختلف الأطراف. من جانب آخر وفيما أكد بخصوص تسوية ملف السجناء بين الجزائر وليبيا أن الجزائر ستشرع خلال الأسابيع المقبلة في التطبيق التدريجي للاتفاق الذي وقعه البلدان في ماي الفارط، كما أعرب الوزير عن أمله في استمرار المفاوضات التي شرع فيها منذ سنة بين المغرب وجبهة البوليزاريو حول قضية الصحراء الغربية، مشيرا إلى أن الجزائر تنتظر قرار الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بإعداد أجندة المفاوضات الخاصة بالجولة الخامسة وتعيين من يمثله فيها. كما تطرق السيد مدلسي إلى التعاون الأمني بين بلدان المنطقة الواقعة جنوب الصحراء، مؤكدا بأن الجزائر تعد طرفا فاعلا على مستوى منطقة الساحل في هذا المجال. وفي ذات الصدد ذكر الوزير بموافقة الرئيس بوتفليقة لعقد ندوة جهوية في أكتوبر القادم حول السلم والأمن بالمنطقة، وهي الندوة التي ستشكل برأيه فرصة لتقييم نظام التعاون بين دول المنطقة والبحث عن السبل الكفيلة بتعزيزه وتحسينه، وذلك من خلال إرساء دعائم عمل تنسيقي دائم، وتطويره للتوصل إلى حلول لمشاكل السكان وحمايتهم بشكل أكبر من الإرهاب والمحاولات التي تستوجب الإدانة. أما فيما يتعلق بالاتحاد من أجل المتوسط، والذي تعتبر الجزائر عنصرا فاعلا فيه، أوضح الوزير بأن هذا الفضاء المتوسطي الجديد يجعل من مبدأ التكافؤ الذي لم يراعيه مسار برشلونة، أحد أبرز أولوياته، مشيرا إلى أن تكريس هذا المبدأ سيتم التعبير عنه على مستويين، يتمثل الأول في المستوى الرئاسي، حيث يشارك رئيس دولة من بلدان جنوب المتوسط في رئاسة الاتحاد لمدة سنتين والثاني في مستوى الأمانة التي ستتكفل بالمشاريع. وذكر في ذات الخصوص بأن قمة باريس، التي أسست للإتحاد من اجل المتوسط قررت بأن تكون كيفيات تسيير الأمانة، محل نقاش على مستوى المسؤولين السامين الذين يقدمون اقتراحات لوزراء الشؤون الخارجية لمناقشتها في الاجتماع المزمع عقده بمرسيليا في شهر نوفمبر المقبل. على صعيد آخر وفي حديثه عن التعاون الجزائري الألماني، أكد السيد مدلسي بأن الجزائر بذلت منذ سنوات جهودا كبيرة لتجعل من مجالها الطاقوي عنصرا هاما في تموين السوق الأوروبية، ولاسيما منها الألمانية التي تعتبر بلدا حيويا على المستوى الاقتصادي، موضحا بأن ألمانيا التي اتخذت إجراءات لتنويع مواردها الطاقوية، أبدت رغبتها في العمل مع الجزائر في مجال ترقية الطاقات المتجددة. وفي الأخير وفي تعقيبه عن الأمر بالتوقيف الذي صدر ضد الرئيس السوداني السيد عمر حسن البشير، وصف الوزير هذه الوضعية بالمؤسفة للغاية، وأعرب عن أمله في أن لا يطول أمدها، مذكرا بأن الرئيس البشير ومجموع الهيئات بصدد بذل جهود تستحق التقدير من أجل التوصل إلى معالجة فعالة لمسألة إقليم دارفور.