كشف إلياس الصغير منسق النشاطات شبه الطبية بالعيادة المركزية المتخصصة في الحروق بالعاصمة وعضو بالجمعية الوطنية للتوعية والوقاية ضد الحروق، عن استقبال المركز لأعداد كبيرة من المحروقين في الآونة الأخيرة التي تزامنت وتهاطل الأمطار؛ الأمر الذي دفعه إلى دق ناقوس الخطر. يقول محدثنا بأن العيادة المتخصصة في الحروق استقبلت في الآونة الأخيرة أعدادا كبيرة من الأطفال ضحايا حوادث الحروق وبدرجات متفاوتة. والملاحَظ أن الحالات التي يجري استقبالها تأتي من خارج العاصمة. "فمن خلال تجربتنا الميدانية تَبين أنه ما إن يبرد الطقس حتى نستقبل ضحايا الحروق. والمؤسف أن الأسباب هي نفسها، وتتكرر بصورة دورية، ويأتي على رأسها تدنّي المستوى المعيشي، الذي يدفع ببعض العائلات المقيمة بالأرياف، إلى الاعتماد على الأساليب التقليدية في التدفئة على الأرض، إلى جانب تسخين المياه للطبخ أو الاستحمام. وما أسهم أيضا في ارتفاع معدلات ضحايا الحروق الاعتماد على بعض أجهزة الطبخ أو التدفئة المقلَّدة، التي أصبحت هي الأخرى من العوامل الأولى التي تتسبب في إحداث الحروق؛ لافتقارها لمعايير السلامة". وإذا كانت العاصمة تسجل تراجعا في عدد ضحايا حوادث الحروق فقد لاحظنا أن ولاية تيسمسيلت حاضرة بقوة بالمركز في السنوات الأخيرة؛ يقول محدثنا: "نستقبل على مستوى المصلحة الكثير من الأطفال ضحايا حوادث الحروق، وفي حالات متقدمة من الخطورة، الأمر الذي جعلنا نتساءل عن أسباب تنامي حوادث الحروق بولاية تيسمسيلت. وكجمعية، قررنا أن نقوم بدراسة ميدانية في المنطقة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء تسجيل ارتفاع عدد حوادث الحروق؛ بالنظر إلى كونها الطريقة الوحيدة للحد من الظاهرة عن طريق التسريع في تشخيص الأسباب، ومن ثمة التعجيل في تسطير استراتيجية، سنعمل وفقها بالتنسيق مع الجهات الوصية. ويدخل هذا ضمن خطة العمل التي ستتبناها الجمعية مطلع سنة 2015، من خلال حمل شعار "اتجه إلى الماء مباشرة بعد التعرض للحروق"؛ لأن هذه الآلية من شأنها أن تحد من عمق الحروق، كما أنها، من ناحية أخرى، تحد من شدة الألم، وبالتالي نتطلع، من خلال نشاط الجمعية، لتغيير ذهنيات الأسر في التعامل مع الحروق؛ بتجنب الأساليب التقليدية في العلاج، وتحديدا الملونات التي تصعّب التشخيص". ومن بين الولايات التي ترتفع فيها معدلات حوادث الحروق التي تصيب الأطفال، حسب محدثنا، نذكر ولاية سطيف، تليها الشلف وعين الدفلى والمدية، ويعلق بالقول: "هي عموما ولايات تُعرف ببرودتها الشديدة، غير أن المؤسف كون الضحايا أطفالا تقل أعمارهم عن 14 سنة، وهذا يدعونا إلى ضرورة تفعيل العمل الجواري لمزيد من التحسيس". ويعتقد منسق النشاطات شبه الطبية أن المسؤول الأول عن حوادث الحروق الأمهات؛ لذا هن معنيات بأخذ الكثير من الحيطة والحذر، خاصة إن كن يستعملن الطابونة، "وبالتالي نطالب كجمعية، أن ينظرن إليها على أنها مصدر خطر، وأن يقتنعن بأن الحروق ليست بمرض وإنما حوادث يمكن تفادي وقوعها بالتحلي بالقليل من الوعي". وقد أثبتت الوقائع التي ترويها الأمهات اللواتي يأتين رفقة أبنائهن المحروقين من الدرجة الأولى، أن السبب في الحادث هو السهو لثانية من الزمن، هذه الثانية التي تغيّر مستقبل الأطفال، وتؤثر في نفسيتهم بالنظر إلى التشوهات التي تُحدثها الحروق. وإذا كانت الطابونة، حسب إلياس، مصدر خطر كبير ولا يمكن التخلص منها لأنها أصبحت جزءا من ثقافتنا في المطبخ، فإن الإحصائيات المسجلة على مستوى المركز تشير إلى أن الحروق الناجمة عن التكهرب هي الأخرى أصبحت تحصد الكثير من الضحايا... ولا نغفل أبدا عن مراقبة أبنائنا من خطر المفرقعات والألعاب النارية التي تُستعمل بقوة عند الاحتفال بالمولد النبوي، وهو على الأبواب.