دعا التجمع الوطني الديمقراطي "أرندي" أمس، كل القوى الوطنية إلى الالتفاف حول مشروع تعديل الدستور، الهادف، حسبه، إلى تثبيت أركان الديمقراطية ومقومات الدولة الحديثة وحماية ثوابت الأمة، فيما جدّد أمينه العام عبد القادر بن صالح، استعداد الحزب للعمل مع كل الشركاء، مبرزا ضرورة التلاحم والدفاع عن المكاسب وصيانة الوحدة الوطنية. وثمّن الأرندي في البيان الختامي للدورة العادية الثالثة لمجلسه الوطني، المشاورات السياسية التي جرت حول مشروع تعديل الدستور، والتي عكست "عزم رئيس الجمهورية على إبقاء الأبواب مفتوحة أمام جميع القوى السياسية والاجتماعية"، معربا عن دعمه للإرادة الواضحة، والحريصة على توافق وطني حول هذا المشروع. كما رحّب التجمع بالحوار والتشاور مع الأحزاب بمختلف طروحاتها ومبادراتها، "والتي تنأى عن المساس بالشرعية ومؤسسات الجمهورية"، مؤكدا أن الوحدة الوطنية هي الثوابت الراسخة في عقيدة الشعب الجزائري. وإذ عبّر عن رفضه للتهاون والتلاعب بثوابت الأمة و«للنوايا المبيَّتة التي تتحين الفرص لاستغلال بعض مطالب المواطنين خاصة في الجنوب لإذكاء نار الفتنة"، ثمّن الحزب القرارات التي اتخذتها الحكومة بتوجيهات من رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن مسلك التهويل المعتمد والتخويف، لا يجد صدى له لدى الرأي العام الوطني. وفي نفس السياق، أكد التجمع أن الشعب الجزائري يدرك أن "هذه الظروف التي تحمل معها صعوبات يمكن تجاوزها من خلال تفعيل الأدوات الناجعة للحكامة واستحداث آليات التحكم في الموارد المالية، للتخفيف من مظاهر تأثير انهيار أسعار النفط"، معربا، من جانب آخر، عن ارتياحه وتقديره للجهود التي تبذلها الجزائر على المستوى الدبلوماسي تحت قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مشيرا إلى أن هذه الجهود مكّنت الجزائر من تحقيق ديناميكية إيجابية، يعكسها الدور الكبير الذي تضطلع به في منطقة الساحل الإفريقي، ومساعيها المتواصلة من أجل استعادة الاستقرار في شمال مالي، وتجنيب ليبيا دوامة العنف والتشتت. كما حيّا التجمع الوطني الديمقراطي الجهود المبذولة من قبل أفراد الجيش الوطني الشعبي، من أجل الحفاظ على أمن واستقرار البلاد. ودعا، من جانب آخر، الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى إيجاد حل عادل لقضية الصحراء الغربية؛ باعتبارها قضية تصفية استعمار، مناشدا المغرب "الكف عن محاولات إقحام الجزائر في ملف هو من تخصص هيئة الأممالمتحدة". وبخصوص القضية الفلسطينية، أكد التجمع الوطني الديمقراطي أن موقف الجزائر الثابث إزاء هذه القضية، سيظل "داعما وراسخا إلى أن تتحقق الأهداف المشروعة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشريف"، فيما جدّد الحزب "إدانته القوية" للاعتداء الإرهابي الذي استهدف المجلة الفرنسية "شارلي إيبدو" الأربعاء الفارط، مشيرا إلى أن "هذا الاعتداء الجبان لا يمكن أبدا إلصاقه بالإسلام، ولا يجب أن يكون ذريعة تغذّي نزعة العداء لدين الإسلام". وفي كلمة ألقاها في اختتام أشغال المجلس الوطني للتجمع، جدّد الأمين العام للأرندي عبد القادر بن صالح، استعداد الحزب للعمل مع كل الشركاء، لدعم الإصلاحات التي وضعها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؛ بدءا بالقوانين الجوهرية محل التنفيذ، وصولا إلى مسار تعديل الدستور، قائلا في هذا الصدد بأن "الحزب سيعمل مع الجميع ضمن مقاربة الرؤية مع الرأي، ليبقى الجامع المشترك هو أن الجزائر هي وطن الجميع". وبالمناسبة، دعا بن صالح إطارات ومناضلي حزبه إلى الالتحام بالمواطنين، وتحسيسهم بضرورة الدفاع عن المكاسب المحققة، والتجند من أجل صيانة الوحدة الوطنية، "والتي تسعى جهات غير واعية - على حد تعبيره - إلى المساس بها". كما شدّد على ضرورة المساهمة في حل المشاكل التي تعترض مسار التنمية، على غرار الاحتجاجات والمطالب، التي تحتاج، حسبه، إلى تفهّم ومساعدة لإيجاد حلول لها بالتنسيق مع المجالس المنتخبة والجهات المعنية. وفي الأخير، أكد السيد بن صالح أن رسالة التجمع الوطني الديمقراطي هي إعطاء المثل في الممارسة الديمقراطية، والبحث عن المصداقية المنشودة في الأوساط الشعبية، مشيرا إلى أن هذه المصداقية "لا يمكن الوصول إليها إلا بالواقعية والإنصات إلى انشغالات المواطنين، والتفاعل مع التحولات التي يشهدها المجتمع الجزائري". وكان الأمين العام للأرندي دعا في افتتاح أشغال الدورة أول أمس، إلى الاحتكام للحوار في كل القضايا الوطنية؛ من أجل الحفاظ على ما تحقق للبلاد من مكاسب في جميع المجالات. وبعد أن جدّد تمسّك الأرندي بدعم الإصلاحات التي يقوم بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة منذ سنة 1999، اعتبر بن صالح بأن أزمة انهيار أسعار البترول في السوق الدولية، قد تكون فرصة وامتحانا للمؤسسات الوطنية لمراجعة سياساتها التسييرية، وبحث صيغ ملائمة لحماية القدرة الشرائية، وترقية الاستثمارات، وتنويع موارد الدخل وكذا التفكير بجدية في مرحلة ما بعد النفط. ولم يفوّت الأمين العام للأرندي الفرصة للتطرق إلى التصريحات الأخيرة للرئيس السابق ل"الأرسيدي" سعيد سعدي، قائلا في هذا الصدد، بأن حزبه يؤمن بحق التعبير والاختلاف، "غير أن انزلاق الرأي إلى إشاعة الفوضى لا هو من السياسة ولا هو من الديمقراطية"، مضيفا أن "المجاهرة بالإساءة للدولة ورموزها وقادتها التاريخيين تُعد سلوكا خارج المعايير السياسية، وانزلاقا سياسيا خطيرا". وقد تميزت أشغال دورة المجلس الوطني للتجمع الوطني الديمقراطي بحضور الأمين العام السابق أحمد أويحيى، الذي عبّر في تصريح للصحافه عن دعمه للأمانة الحالية للحزب، مرجعا غيابه عن حضور الدورات السابقة للحزب، إلى التزامات مهنية، ومنها تكليفه من طرف الرئيس بوتفليقة بإدارة المشاورات السياسية حول مشروع تعديل الدستور.