غادر الرئيس الكيني أوهورو كينياتا أول أمس الجزائر، بعد زيارة دولة دامت ثلاثة أيام بدعوة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. وكان في توديع الرئيس الكيني بمطار هواري بومدين الدولي، رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، والوزير الأول عبد المالك سلال، ووزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، ووزير الطاقة يوسف يوسفي. وتُوّجت الزيارة بإصدار بيان مشترك، تم فيه التأكيد على اهتمام رئيسي البلدين بتعزيز أواصر الصداقة والتضامن والتعاون التي تربط البلدين، وتجسيد إرادة قيادتيهما المشتركة لإعطاء دفع جديد للعلاقات الجزائرية - الكينية. كما تضمّن مواقف البلدين بخصوص مسائل ثنائية وجهوية ودولية. ففي الجانب الثنائي أكد البيان أن الزيارة كانت فرصة لرئيسي الدولتين لاستعراض وضع التعاون في عدة مجالات، وتأكيد عزمهما على تعزيزها؛ من خلال وضع برامج تعاون تعود بالمنفعة المتبادَلة؛ "بما يشمل المشاورات الاستراتيجية، وإقامة شراكات متينة في المجال الاقتصادي والأمني ومجال الدفاع، بما يخدم المصالح المتبادَلة للشعبين الشقيقين". اجتماع اللجنة المشتركة هذه السنة بكينيا وجاء في البيان أن الرئيسين تبادلا المعلومات حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي بادر بها البلدان، وأكدا التطابق التام في مواقف البلدين وتحليلهما السياسي للمسائل ذات الاهتمام المشترك، وقررا عقد اجتماع اللجنة المشتركة للتعاون الثنائي في بحر السنة الجارية، وعرضت كينيا احتضانها. من جهة أخرى، أعرب الرئيس كينياتا عن امتنانه للرئيس بوتفليقة على دعم الجزائر الثابت لبلده، لاسيما في مجالات منح التكوين ومكافحة الجراد ومكافحة وفيات الأمهات والأطفال. للإشارة، سمح لقاء رجال الأعمال الجزائري الكيني الذي نُظم أول أمس، باستعراض فرص الشراكة الاقتصادية بين البلدين. وتم بالمناسبة اقتراح إنشاء مجلس أعمال جزائري - كيني لتقوية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، التي توصف حاليا ب "المحدودة"؛ إذ لم تتعد المبادلات التجارية بينهما 4ر7 ملايين دولار خلال 2014، منها 4ر6 ملايين دولار من الواردات، و953 ألف دولار فقط من الصادرات الجزائرية نحو هذا البلد. ويسعى الطرف الكيني للتعرف على السوق الجزائرية والشركاء الممكنين، بالإضافة إلى دعوة رجال الأعمال الجزائريين لزيارة كينيا من أجل بحث فرص الأعمال. كما يطالبون بالتعاون التام لتسهيل التجارة وحركة رجال الأعمال، خاصة عبر إنشاء خط جوي مباشر بين البلدين. وتحذو الجانب الجزائري إرادة في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع كينيا من خلال استغلال الفرص الهامة للاستثمار به. وتحضر الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة لإرسال بعثة من رجال الأعمال الجزائريين إلى كينيا، لاستكشاف هذه السوق وبناء علاقات أعمال. وكانت قد وقّعت مع نظيرتها الكينية خلال هذا اللقاء، مذكرة تفاهم تتعلق خصوصا بتوسيع التعاون بين الهيئتين. وإذا كان التزام البلدين واضحا في تدعيم تعاونهما الاقتصادي، فإنه أقوى في مسألة تعزيز وتعميق التعاون في مجال الأمن ومكافحة كل أنواع التهديدات الإرهابية؛ قصد تعزيز أمن مواطنيهما وإفريقيا عموما. إدانة ثابتة للإرهاب ولدفع الفدية ذلك ما أكد عليه البيان المشترك، الذي جدّد فيه البلدان إدانتهما الثابتة للإرهاب بكل أشكاله وتجلياته، ودعيا إلى ضرورة بذل جهود مشتركة منسقة؛ من أجل مكافحة الإرهاب العابر للأوطان. كما ذكّرا بقرارات الاتحاد الإفريقي، الصائبة حول منع دفع الفدية مقابل تحرير الرهائن، وأدانا هذه الممارسة التي تساهم في تمويله. وذكر البيان أن وجهات نظر الرئيسين الجزائري والكيني كانت متطابقة بشأن عدة مسائل إقليمية ودولية، وأنهما أقرا بالدور الهام الذي يلعبه البلدان في ترقية السلم والاستقرار والأمن في منطقتيهما وفي إفريقيا. وجدّدا التزامهما بالتشاور حول المسائل الشاملة والإقليمية الهامة. وكانت الأوضاع الإفريقية في طليعة اهتمامات البلدين، حسبما أوضحه البيان المشترك، الذي أكد من خلاله البلدان على تمسّكهما بمبادئ وأهداف الاتحاد الإفريقي، والتزامهما بتنسيق جهودهما من أجل ترقية السلم والأمن والاستقرار والتنمية على مستوى القارة. وجدّدا دعمهما لجهوده في البحث عن حلول سياسية للأزمات والنزاعات في إفريقيا. وأعربا عن ارتياحهما لدوره في التسوية السلمية للنزاعات على مستوى القارة، وعبّرا عن انشغالهما باستفحال بعض بؤر التوتر والأزمات في إفريقيا، التي تؤثر سلبا على مسار تنميتها الاقتصادية والاجتماعية. وأطلع الرئيس بوتفليقة الرئيس كينياتا على التعاون الواعد الذي يتطور ويتعزز في المجال الأمني في منطقة الساحل، وعلى وجه الخصوص مسار نواقشط، الهادف إلى تفعيل هندسة السلم والأمن. تقدير لجهود الوساطة الجزائريةبمالي وانشغال بشأن ليبيا من جانبه، عبّر السيد كينياتا عن تقديره لجهود الوساطة الدولية التي تمت بقيادة الجزائر؛ بغية التوصل إلى تسوية نهائية ومستديمة للأزمة في مالي. وأشاد بالتوقيع على إعلان الأطراف المشاركة في مسار الجزائر. واتفق الرئيسان على ضرورة حفظ وحدة هذا البلد وسلامته الترابية، ودعيا المجتمع الدولي إلى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مالي. وبخصوص الوضع في ليبيا، عبّر الرئيسان عن انشغالهما العميق حيال التحديات السياسية والأمنية التي يواجهها هذا البلد، وانعكاساتها في شمال إفريقيا وفي منطقة الساحل. وتمت دعوة كافة الأطراف الليبية باستثناء الجماعات الإرهابية المعرفة بهذه الصفة من قبل الأممالمتحدة، إلى مباشرة الحوار الذي بادر به الممثل الخاص للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة المكلف بليبيا برناردينو ليون، بحسن نية؛ بغية التوصل إلى حل سياسي يصون وحدة ليبيا وسلامتها الترابية واستقرارها. دعم تقرير المصير في الصحراء الغربية وبخصوص مسألة الصحراء الغربية، جدّد رئيسا البلدين دعمهما لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي كريستوفر روس، الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي يقبله الطرفان، ويفضي إلى تقرير مصير شعب الصحراء الغربية، طبقا للوائح مجلس الأمن الأممي والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة. وجدّدا تضامنهما مع الشعب الصحراوي في جهوده الرامية إلى تحقيق طموحاته الوطنية. وفي موضوع آخر، أطلع الرئيس كينياتا الرئيس بوتفليقة على الوضع في جنوب السودان ومستجدات الوضع في الصومال، والتقدم الذي حققته مجموعة إفريقيا الشرقية؛ من أجل تطوير مشاريع البنى التحتية العابرة للقارات، وترشيد التجارة بين الدول الأعضاء. من جهة أخرى، دعا الرئيسان إلى إصلاح عميق لمنظمة الأممالمتحدة. وجدّدا تمسّكهما باتفاق إيزولويني من أجل مشاركة أوسع وفعالة للبلدان الإفريقية في مسار اتخاذ القرار على مستوى هذه المنظمة. كما جدّدا دعمهما لتسوية عادلة ودائمة للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، تكرّس حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة. وحسب البيان، فإن الرئيس الكيني وجّه دعوة للرئيس بوتفليقة للقيام بزيارة دولة لكينيا في تاريخ يحدد عبر القنوات الدبلوماسية، وقد تم قبول الدعوة. تدشين المقر الجديد للسفارة الكينية بالجزائر للإشارة، دشن الرئيس الكيني يوم الأربعاء، المقر الجديد لسفارة كينيابالجزائر العاصمة. وفي كلمة وجيزة ألقاها أمام طلبة كينيين، قال إنه "من الضروري أن نعتمد على الأجيال الصاعدة تحسبا للسنوات المقبلة. نحن ننتمي لأمتين مستقلتين سياسيا، لكن علينا العمل سوية من أجل ضمان استقلالنا الاقتصادي حتى يتسنى لشعبينا رفع التحديات التي نواجهها، لا سيما الفقر والأمن والصحة". وأقام رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح مساء الأربعاء بإقامة الميثاق، مأدبة عشاء على شرف الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، بحضور أعضاء من الحكومة ومسؤولين سامين في الدولة وأعضاء عن السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر.