يقوم الرئيس المالي السيد ابراهيم بوبكر كايتا ابتداء من اليوم بزيارة دولة إلى الجزائر تدوم ثلاثة أيام بدعوة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. وتندرج هذه الزيارة "في إطار علاقات الأخوة والتضامن وحسن الجوار العريقة القائمة بين الشعبين الجزائريوالمالي". وحسب بيان لرئاسة الجمهورية، فإن الزيارة تشكل أيضا فرصة لرئيسي البلدين "للتشاور حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، على غرار السلم والأمن والتعاون في منطقة الساحل الصحراوي، لاسيما نجاح الوساطة بقيادة الجزائر من أجل عودة السلم في شمال مالي". وأضاف المصدر أن هذه الزيارة تمثل فرصة سانحة لأعضاء الوفدين "لبعث التعاون والمبادلات بين البلدين في شتى المجالات". وتأتي زيارة كايتا للجزائر بعد توقيع الحكومة المالية والجماعات المسلحة السياسية العسكرية لشمال مالي بالأحرف الأولى في الفاتح من مارس الفارط بالجزائر العاصمة، على اتفاق سلام ومصالحة تحت إشراف الوساطة الدولية بقيادة الجزائر. ويجسد الاتفاق الالتزام الصارم بوضع حد للأزمة في مالي، من خلال الحوار وتكريس المصالحة الوطنية، على ضوء الاحترام التام للسلامة الترابية والوحدة الوطنية والطابع اللائكي والجمهوري لمالي. في حين لم توقع تنسيقية حركات الأزواد بالأحرف الأولى على هذا الاتفاق حيث طلبت في هذا الصدد مهلة "لاستشارة القاعدة". وقد حظي هذا الاتفاق بارتياح الأطراف المالية الفاعلة، على رأسها الرئيس كايتا الذي عبر في مداخلة له خلال المؤتمر الاقتصادي الدولي المنعقد بشرم الشيخ في مصر الأسبوع الماضي، عن تقديره القوي لمجهودات المجتمع الدولي عموما والجزائر على وجه الخصوص، في التوصل إلى اتفاق للسلام والمصالحة في مالي. وجدد الرئيس كايتا في مداخلته أمام القادة المشاركين في هذا المؤتمر، أسمى عبارات التقدير للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي "وقف ومنذ البداية إلى جانب مالي، البلد الشقيق والجار من أجل أن يستعيد أمنه واستقراره". وقبل ذلك، كانت باماكو قد ثمنت عشية انطلاق الجولة الخامسة والأخيرة، على لسان رئيس الوزراء موديبو كايتا، رعاية الجزائر للحوار المالي - المالي، مشيرا إلى أنها تسير في الطريق الصحيح. وجاء تصريح موديبو كايتا عقب الاستقبال الذي خصه به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، حيث أوضح أنه تم اختيار الجزائر للإشراف على الحوار بين الماليين، قائلا في هذا الصدد "لقد لجأنا مرة أخرى إلى دعم الجزائر من أجل التوصل إلى حل نهائي للأزمة في مالي". كما شدد كايتا في كلمته خلال اجتماع تحضيري بين الحكومة المالية وفريق الوساطة الدولية بالجزائر، قبل انطلاق الجولة الخامسة من الحوار المالي، أنه "بقوة الإقناع التي يحظى بها فريق الوساطة وجهود الاستماع التي تم بذلها، تم التوصل إلى وثيقة مشروع اتفاق السلم والمصالحة"، مؤكدا أن هذه الوثيقة تحظى "بأهمية بالغة" لدى حكومته. وكانت الجزائر قد دعت مختلف الأطراف المشاركة في الحوار إلى جعل مسار الجزائر "منهجا للسلم والمصالحة الوطنية" من أجل التوصل إلى اتفاق سلام والقضاء على الإرهاب، مشيرة إلى أن التسوية السلمية للوضع في مالي "تفرض على الأطراف التحلي بروح المسؤولية وأن تكون جاهزة لتحقيق حلول توافقية تبعث إحساسا بالتنازل". كما عبرت الجزائر عن قناعتها بان التوصل إلى اتفاق سلام سيكون الإرهاب هو الخاسر، وفي غياب هذا الاتفاق، فسيواصل الإرهاب تسجيل نقاط وتهديد أمن المنطقة، مما يستدعي القضاء على الظاهرة بكل الطرق والوسائل المشروعة. وتنص الوثيقة الموقعة بالجزائرعلى ترقية مصالحة وطنية حقيقية وإعادة بناء الوحدة الوطنية لمالي على أسس مبتكرة تحترم سلامته الترابية وتأخذ بعين الاعتبار التنوع العرقي والثقافي، بالإضافة إلى خصوصياته الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية حسب فحوى الاتفاق. كما تركز الوثيقة على ضرورة التعجيل في تحقيق التنمية الاقتصادية مع ضرورة إعادة استتباب الأمن في أقرب الآجال. كما تدعو الوثيقة إلى ترقية مستدامة للسلم والاستقرار في مالي وتطبيق قواعد الحكامة الرشيدة على أرض الواقع والشفافية في التسيير واحترام حقوق الإنسان والعدالة ومكافحة اللاعقاب، و يعترف بضرورة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان. للإشارة، وقع أطراف النزاع في 19 فيفري الماضي برعاية الجزائر والأمم المتحدة على إعلان وقف كل أشكال العنف.