أصبحت فلسطين بدءا من يوم أمس، عضوا كامل الحقوق في محكمة الجنايات الدولية، في خطوة من شأنها ان تفتح الباب واسعا أمامها لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين منهم على جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية التي اقترفوها في حق أبناء الشعب الفلسطيني. وفي رد انتقامي على هذه الخطوة لم تنتظر إسرائيل طويلا للرد على هذا الانضمام بالإعلان عن مشروع استيطاني ضخم يضم ما لا يقل عن 2200 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية. وقالت مصادر إسرائيلية أن هذا المشروع يعد الأضخم من نوعه منذ عام 1967، تاريخ احتلال إسرائيل لأراضي الضفة الغربية، بما يؤكد النزعة الاستيطانية الإسرائيلية المصرة على ابتلاع كل الأرض الفلسطينيةالمحتلة. ولكن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، قال إن "فلسطين تبحث عن العدالة وليس عن الانتقام"، في إشارة واضحة إلى أن إصرار الفلسطينيين على الانضمام إلى محكمة لاهاي فرضه سعيهم للدفاع عن حقوقهم التي اغتصبها ولا يزال يغتصبها المحتل الصهيوني عنوة دون أن يتعرض لأدنى عقاب. من جانبه وصف صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ب"اليوم الوطني والتاريخي في حياة شعبنا". وقال إن هذا الانضمام يشكل "تحولا نوعيا في استراتيجية النضال الفلسطيني نحو الشرعية الدولية لتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وتأمين حمايته وإنجاز العدالة الإنسانية". وأكد عريقات أن "القيادة الفلسطينية لن تتراجع عن هذه الخطوة"، وقال إنه "من يخشى من العقاب والامتثال أمام العدالة عليه أن يتوقف فورا عن ارتكاب الجرائم". ودعا دول العالم إلى "الاعتراف بفلسطين ودعم حقها الطبيعي والقانوني في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف". وتوالت ردود الفعل الفلسطينية المرحبة بهذا الانضمام، حيث اعتبرته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" خطوة على طريق عزل إسرائيل دوليا، في وقت دعت فيه فصائل أخرى برفع ملف الأسرى إلى محكمة لاهاي. وأعلنت اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، أن دولة فلسطين أصبحت اعتبارا من يوم أمس، عضوا رسميا حيث يشكل انضمامها خطوة جديدة في حملة دبلوماسية وقضائية أطلقتها القيادة الفلسطينية منذ عام 2014. وتم تأسيس محكمة الجنايات الدولية في 2002 بغية منع ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية ومحاسبة كل من يرتكب مثل هذه الأعمال الوحشية. وتشير ديباجة نظام روما الأساسي، إلى عزم الدول الأطراف على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم.