أكدت الرئاسة الفلسطينية أمس، على مواصلة مساعيها لإصدار قرار عبر مجلس الأمن الدولي ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويعترف بالدولة الفلسطينية القائمة على حدود الرابع جوان 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وجاء تأكيد الرئاسية الفلسطينية في بيان أصدرته غداة فشل المبادرة الفلسطينية المدعومة عربيا، والمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في ظرف ثلاث سنوات في الحصول على الأصوات التسع المطلوبة لطرحها للنقاش على مجلس الأمن الدولي. ودفع ذلك بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى تنفيذ الخطوة الموالية بالتوقيع على 20 معاهدة واتفاقية من بينها ميثاق روما الذي يسمح للطرف الفلسطيني بالانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، وبالتالي إمكانية متابعة المسؤولين الإسرائيليين سواء السياسيين أو العسكريين المتورطين في جرائم ضد الفلسطينيين. ولم يحصل مشروع القرار الفلسطيني سوى على ثمانية أصوات ويتعلق الأمر بكل من الأردنوفرنسا ولكسمبورغ وروسيا والصين والشيلي والأرجنتين والتشاد، بينما صوتت الولاياتالمتحدةالأمريكية وأستراليا ضد نص الوثيقة وامتنعت كل من بريطانيا وليتوانيا وكوريا الجنوبية ورواندا ونيجيريا عن التصويت. وهو ما دفع بالقيادة الفلسطينية إلى الاتصال بالدول الرافضة والممتنعة لاستفسار عن سبب اتخاذها مثل تلك المواقف. وكانت المؤشرات الأولية تشير إلى إمكانية حصول المبادرة الفلسطينية على الأصوات التسعة الضرورية لطرحها للنقاش على طاولة مجلس الأمن، خاصة وان فرنسا صوتت لصالح المسعى الفلسطيني. غير أن امتناع بعض البلدان عن التصويت لصالحها على غرار نيجيريا ورواندا حال دون تمكن الفلسطينيين من الذهاب بعيدا داخل مجلس الأمن وحتى دون الوصول إلى مرحلة التصويت التي تضطر فيها الولاياتالمتحدة إلى استخدام حق الفيتو. ورغم هذا الفشل فإن إسرائيل لم تهضم قرار فرنسا التصويت لصالح مشروع القرار الفلسطيني الذي يطالب بإنهاء الاحتلال في ظرف زمني محدد، وذهبت إلى حد استدعاء السفير الفرنسي في تال أبيب لتعبّر له عن خيبة أملها من الموقف الفرنسي. ولم تكتف حكومة الاحتلال بمعاتبة فرنسا بل شرع رئيسها بنيامين نتانياهو، في ممارسة ضغوط على محكمة الجنايات الدولية لرفض انضمام فلسطين إلى ميثاقها بحجة أن الأمر لا يتعلق بدولة بل ب"كيان" زعم انه مرتبط بمنظمة "إرهابية" في إشارة إلى حركة المقاومة الإسلامية "حماس. وتناسى نتانياهو عن قصد أن إسرائيل هي التي تعد كيانا وليست دولة لأنها احتلت أرضا غير أرضها وشردت شعبا فلسطينيا أنكرت عليه حقه في إقامة دولته المستقلة. وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، سلّم أول أمس، لجيمس راولي منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في فلسطين حوالي 20 معاهدة واتفاقية دولية كان الرئيس محمود عباس، وقّع على وثائق الانضمام إليها مساء الأربعاء. وتشمل الاتفاقيات نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، واتفاق امتيازات وحصانات المحكمة الجنائية الدولية، والإعلان بموجب معاهدة روما واتفاقية نيويورك لعام 1958، بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية. كما تشمل صكوك اتفاقيات الحقوق السياسية للمرأة واتفاقية بشأن سلامة موظفي الأممالمتحدة والأفراد المرتبطين بها واتفاقية منع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون والمعاقبة عليها واتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. وتضم الصكوك أيضا اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، واتفاقية بازل بشأن التحكم بنقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود. واتفاقية قانون البحار واتفاقية التنوع البيولوجي والاتفاقية المتعلقة بقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية 1997، والبروتوكول الثاني الإضافي لاتفاقية جنيف والخاص بحماية ضحايا النزاعات المسلحة ذات طابع غير دولي، والبروتوكول الثالث لاتفاقيات جنيف الملحق الإضافي الخاص بتبني إشارة مميزة. وتضم أيضا معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية واتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر، وبروتوكولات الشظايا الخفية والأسلحة الحارقة والمتفجرات من مخلّفات الحرب واتفاقية بشأن الذخائر العنقودية. ورحبت مختلف الفصائل الفلسطينية بقرار القيادة الفلسطينية الانضمام إلى هذه المعاهدات والمنظمات وخاصة محكمة الجنايات الدولية، بما يسمح بملاحقة المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في ارتكاب جرائم في حق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عبر القضاء الدولي وبالتالي الاقتصاص منهم. وفي هذا السياق أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" أن توقيع رئيس دولة فلسطين محمود عباس، على ميثاق روما يعد "مدخلا أساسيا ووحيدا" لفتح تحقيقات دولية بوقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية في الدولة العضو أي دولة فلسطين. من جانبها اعتبرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن "هذه الخطوة تعد استجابة للإرادة الوطنية الفلسطينية ولمواقف الإجماع الوطني التي تبلورت منذ 29 نوفمبر 2012، تاريخ قبول عضوية فلسطين كدولة مراقبة في الجمعية العامة الأممية والاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لها بحدود الرابع جوان 67، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام 1948، باعتباره الحق المشروع والثابت والحل العادل الذي أقره وكفله القرار الأممي 194". وقالت إنه "كان لزاما على القيادة السياسية الفلسطينية إتباع خيار تدويل القضية الفلسطينية والانتساب إلى المؤسسات الدولية منذ أن انضمت دولة فلسطين للجمعية العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي أضاع سنتين من عمر الشعب والقضية الفلسطينية شكلتا فرصة إضافية استغلتها إسرائيل في سياسة توسيع المشاريع الاستيطانية وتهويد القدس والأسر والقتل والاعتقالات وشن الحروب الهمجية ضد الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة".