عرض أول أمس بالمكتبة الوطنية فيلم وثائقي بعنوانسانت أوغوستين، ابن تاغست ونوميديا لجديات محمد، العرض يدخل في اطارحوار الحضارات والثقافات والذي دعا إليه منذ قرون غابرة هذا المفكر الجزائري الذي تجاوز بتراثه الإنساني حدود زمنه وبلاده· يستحضر هذا الفيلم الوثائقي حياة هذا الفيلسوف الذي عاش يبحث عن الحقيقة حيث ولد وترعرع في مدينة سوق أهراس، اذ يقدم مشهدا عاما لهذه المدينة سواء الحديثة منها أو الأثرية· ينحدر أوغوستين من أب وثني ومن أم مسيحية نبغ منذ طفولته في التحصيل العلمي الى درجة أنه التحق بالجامعة وسنه لا يتعدى ال 13 سنة وفيها درس عند الفيلسوف الشهير أبوليوس لقد تعلم البلاغة والفصاحة وتتلمذ على يد عالم النحو ماكسيم لذلك نبغ تحديدا في اللغتين الاغريقية واللاتينية والبونيقية· بعد سن ال 16 سنة عاش أوغوستين حالة بطالة وفراغ لمدة سنة لذلك تكفل حاكم سوق أهراس بتعليمه من خلال بعثة علمية قادته لمدة 5 سنوات الى قرطاج ليكتشف عالم الميتافيزيقا لكنه في هذه الفترة من حياته دخل الى مذهب المالاوية ليعاني من التشويش العقائدي· تضمن الفيلم شهادات لبعض رجال الدين المسيحيين خاصة ب بافي الايطالية وكذا شهادات الباحثين والمؤرخين الجزائريين· من بين هذه الشهادات رصدت شهادات بعض الأساقفة بجامعة اوغوستينيوم بروما والتي تضم مركز أبحاث ديني مختص في فكر أوغوستين، أغلبهم تناول حياة هذا المفكر وارتباطه بأرضه الجزائر، وتناول آخرون مؤلفاته التي تجاوزت ال 5 آلاف كلمة باللاتينية، علما أن اغلب دراساته تناولت عمق الانسان لذلك عاش هذا الفكر ذو البعد الانساني حتى اليوم والذي تجاوز فيه أوغوستين حدود المعتقدات والايديولوجيا وجعل حتى الملحدين يكتشفونه، اذ نجح هذا المفكر في أن يوحّد بين شعوب حوض المتوسط· بنيما ركزت شهادات المؤرخين والمفكرين الجزائريين على خصوصية هذا المفكر الجزائري الذي يعتبر رمزا ثقافيا وطنيا لفترة ما قبل الإسلام، مؤكدين أن أمثاله كثيرون في تاريخ الجزائر القديم· إختار الفيلم لقطات من خطاب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي ألقاه في ملتقى ريميني بايطاليا سنة 1999 اذ تحدث فيه بإسهاب عن شخصية أوغوستين، واصفا إياه بالشخصية الكاثوليكية اللامعة، وبرمز توحيد شعوب المنطقة وإرساء ثقافة الحوار والتعايش· توقف الفيلم عند أهم مؤلفين لأوغوستين الفهما عند اقامته بعنابة (هيبون) وهما مدينة الربّ واعترافات · أما أسقف الجزائر هنري تيسيي فأشاد بالعلاقة المتميزة بين المسيحيين والمسلمين في ا لجزائر على الرغم من الحضور الاستعماري بهذا البلد، كما وصف الإهتمام بشخصية أوغوستين بأنها اكتشاف للتراث الوطني الجزائري· للتذكير فإن مخرج وكاتب نص الفيلم هو جديات محمد الذي يتمتع بمسار فني وتقني مهم سواء على الصعيد الوطني أو الأجنبي حيث تعامل مع الراحل مصطفى العقاد في الرسالة وعمر المختار· وقد صرح جديات بالمناسبة أنه بصدد تحضير فيلم عن حياة أوغوستين خلال سنة 2008 ويفكر في إعطاء دور البطولة للممثل العالمي عمر الشريف، كما يفكر في انجاز فيلم عن العلامة العربي التبسي·