أفضى المنتدى التحضيري لدراسة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الذي اختتم، أول أمس بالجزائر إلى إرساء رؤية مشتركة بخصوص إنجاح الندوة المرتقبة في نيويورك، والتي ينتظر أن تترأسها الجزائر من 27 أفريل الجاري إلى غاية 22 ماي الداخل. كما أجمع المشاركون على الأهمية التي يشكلها هذا اللقاء من خلال توفير الأجواء الملائمة لدراسة أبرز عناصر الندوة المقبلة التي تعقد كل خمس سنوات. وفي هذا الصدد، أكدت السفيرة المستشارة، طاوس فروخي التي ستترأس الندوة المقبلة، أن لقاء الجزائر كان مناسبة لمناقشة إجراءات ومحتوى عملية دراسة المعاهدة، بالإضافة إلى تقريب وجهات النظر من أجل فهم أفضل للمسائل المتعلقة بالسلام والأمن والترسانات النووية والإختلالات الأمنية على المستويين الجهوي والدولي. وأوضحت سفيرة الجزائر السابقة بالنمسا خلال لقاء صحفي نشطته مع المبعوث الخاص للإتحاد الأوروبي، جاسيك بيليكا، عقب اختتام أشغال المنتدى أن هذا الأخير، ساهم في توفير مناخ أفضل و بناء بين المشاركين، من خلال إضفاء "روح الجزائر" التي من المهم أن تلقي بظلالها على الندوة المقبلة. كما أشارت فروخي إلى أن إقناع القوات العظمى بضرورة نزع السلاح النووي التام يعد تحديا كبيرا، مضيفة أن خطة العمل لندوة الدراسة الثامنة التي عقدت في سنة 2000، شددت على العمود الثالث للمعاهدة المتمثل في نزع السلاح النووي، غير أنه لم يتم تسجيل أي تقدم في الميدان حول هذا الموضوع. وأكدت السفيرة السابقة بفيينا في تصريح ل"المساء" أن اختيار الجزائر لترؤس الندوة، يؤكد الثقة الكبيرة التي تحظى بها من قبل الجماعات الإقليمية والدول الأطراف في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، مذكرة بأنه سبق للجزائر أن ترأست الندوة المخصصة للدراسة سنة 2000. وأوضحت أن منتدى الجزائر ضم أهم الدول الأطراف في المعاهدة على غرار جنوب إفريقيا، نيجيريا، تونس، المغرب وإيران باعتبار أن هذه الأخيرة رئيسة مجموعة الدول غير المنظمة للمعاهدة، إضافة إلى العديد من الدول الأوروبية. وأشارت إلى وجود ضغوط كبيرة على البلدان الأعضاء في المعاهدة التي لا تحترم أحكام هذه الأخيرة من قبل البلدان التي لا تملك الأسلحة النووية لدفعها للتخلي عن ترسانتها النووية، مؤكدة في هذا الصدد ضرورة التعاون بين الأطراف المالكة للسلاح النووي وغير المالكة له في ظل احترام الالتزامات. وفي هذا السياق، قالت فروخي إن الندوة المقبلة ستجري في مناخ يتميز بتوتر في العلاقات بين قوتين كبيرتين وهما الولاياتالمتحدة و روسيا ودعوات بضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية بالشرق الأوسط، لتمضي مستطردة في هذا السياق "هناك حساسية كبيرة في المسائل التي تخص الترسانات النووية، كون الأمر يتعلق بخيارات أمنية للدول وهي مواضيع حساسة، كما أنه من الصعب التوصل بسهولة إلى اتفاق". وأشارت السيدة فروخي إلى أنه في إطار المعاهدة التي تلزم الدول التي تملك الأسلحة النووية إلى تدمير الأسلحة النووية، تريد الدول غير النووية في أن يعمل الآخرون على تعجيل وتيرتهم بسبب وجود هامش لفعل المزيد. وبخصوص الاتفاق الإطار المبرم بين إيران والقوى الكبرى حول الملف النووي، أكدت السفيرة فروخي أن الجميع رحب بهذا الاتفاق باعتباره خطوة إيجابية نحو إنجاح الندوة. من جانبه، أشاد المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي، جاسيك بيليكا في الندوة الصحافية، بالتزام الجزائر من أجل إنجاح الندوة، داعيا كل الأطراف في المعاهدة إلى العمل من أجل تحقيق نتائج إيجابية. كما أشار إلى أن اللقاء سمح بإجراء محادثات مكثفة حول مواضيع هامة، على غرار الحفاظ على السلام ورفاهية البشرية. في حين استطرد بالقول "سنستمر بنفس الايجابية التي طبعت لقاء الجزائر، وبهذه الهبة البناءة من أجل إنجاح الندوة المقبلة". وكانت الجزائر قد دعت خلال افتتاح الأشغال إلى إقامة تعاون بين الدول الأعضاء في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية قصد التخفيف من النزاعات والضغوطات الجديدة، حيث أشار السفير السابق للجزائر بواشنطن، عبد الله بعلي في تدخل له نيابة عن وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمارة، إلى أن إرادة العمل على تحقيق أهداف المعاهدة تستدعي تعزيز الثقة والتعاون لتخفيف الضغوطات الجديدة الناجمة عن المسائل الإقليمية والنزاعات التي لم يتم تسويتها والتي تهدد بتقويض نظام معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. ويهدف المنتدى الذي يجمع ممثلو الدول النووية وغير النووية في معاهدة حظر انتشار السلاح النووي وخبراء بارزين وباحثين، إلى تعميق الحوار حول سبل ووسائل الحفاظ على سلطة وتكامل المعاهدة. للإشارة، ينتظر أن تقدم الندوة المقبلة المزمع عقدها بنيويورك حصيلة تطبيق توصيات الندوة السابقة واحترام أحكام معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، مع العمل على إصدار توصيات جديدة للسنوات الخمس المقبلة. وتتمثل أهم أحكام معاهدة حظر انتشار السلاح النووي في نزع السلاح وحظر انتشاره والاستعمال السلمي للذرة أو الطاقة النووية.