بعد يومين تحل ذكرى مجازر 8 ماي 1945، التي تبقى وصمة عار على جبين فرنسا الاستعمارية. جرائم لم تكن وليدة يوم 8 ماي فحسب، بل طالت الجزائريين منذ أن وطئت أقدام جيوش فرنسا الاستعمارية أرض الجزائر الطاهرة عام 1830 واستمرت إلى غاية الاستقلال في 1962، فجرائم الاستعمار في هذا اليوم التي خلّفت مالا يقل عن 45 ألف شهيد في يوم واحد بكل من خراطة وسطيف وقالمة والعاصمة وغيرها من المدن الجزائرية، هي جزء من الجرائم المقترفة طيلة أكثر من قرن ونصف من الاحتلال، وما ميّز هذه الفترة الطويلة من ممارسات قمعية تفنن خلالها جلادو فرنسا في أبشع أشكال التعذيب. ولم تترك فظائع المجازر والجرائم في حق الجزائريين أية ذريعة للذين يحاولون تبرئة فرنسا الاستعمارية من جرائمها، لأن الدليل لا يزال يحمله الملايين أو الآلاف من الجزائريين على أجسادهم وفي مذكراتهم. فآثار التعذيب الجسدية لا تزال واضحة للعيان، وعدد الشهداء الأبرار أكبر دليل على وحشية الاستعمار والجرائم ضد الإنسانية التي اقترفها ضد الجزائريين، وختمها بمجازر 8 ماي 1945، الأمر الذي يحتم تسليط الكثير من الضوء على هذه الجرائم، وكذا تضحيات مختلف فئات الشعب التي لم تستسلم رغم فظاعة المجازر وواصلت النضال بكل الأساليب المتاحة لتحيا الجزائر حرّة مستقلة. وتبقى هذه الجرائم منقوشة في الذاكرة، قد تطوى الصفحة، لكن لا تمحى، بل تبقى للتاريخ لتدرك الأجيال القادمة مدى فظاعة الاستعمار ومدى معاناة أجدادهم وما تحمّلوه من ممارسات قمع وتعذيب ليحرروا أرض الجزائر من براثن الاستعمار، وحتى يحافظوا على الوطن من مخاطر الفتن ومما يحيكه الأعداء.