اتخذت السلطات العمومية تحسبا لشهر رمضان الكريم إجراءات لمواجهة المتاعب التي يواجهها المواطنون عادة في مثل هذا الشهر، واختارت هذه المرة تجميع جهود عدة قطاعات في استراتيجية وطنية لاحتواء كل مظاهر الغلاء الفاحش في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، من خلال تخصيص 2,5 مليار دولار لدعم هذه المواد، و3 ملايير دينار للعمليات التضامنية التي تشمل توزيع 1,5 مليون قفة رمضان. وتتميز التحضيرات لشهر رمضان هذا العام بضم جهود عدة قطاعات ومنظمات معنية من أجل إنجاح الإجراءات الحكومية الرامية بالأساس إلى ضمان وفرة المواد الأساسية من جهة وفرض رقابة الدولة على المضاربين من جهة أخرى، حيث تشترك في تنفيذ هذه العملية إلى جانب وزارة التجارة وزارات التضامن الوطني، الشؤون الدينية والفلاحة والاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين والاتحاد العام للتجار والحرفيين. ومن أبرز الإجراءات العملية التي اتخذتها الدولة من اجل مجابهة الغلاء الفاحش في المواد الاستهلاكية أمام الضغط العالمي على المواد الأساسية، واستغلال المضاربين لهذا الوضع لإثقال كاهل المواطن، تخصيص 160 مليار دينار أي مايعادل 2,5 مليار دولار لدعم أسعار المواد الغذائية، ولاسيما منها الخبز والحليب والزيت والبقول الجافة، علاوة على إجراء إلغاء الرسم المفروض على القيمة المضافة على أغذية الدواجن والمقدر ب17 بالمائة، وهو ما يؤدي حسب التوقعات إلى انخفاض أسعار اللحوم البيضاء بنحو 10 بالمائة، خلال شهر رمضان الكريم. وتحرص الدولة بهذه المناسبة الكريمة على ضمان الوفرة المستمرة للمواد الاستهلاكية، لاسيما مع وفرة الإنتاج الفلاحي، حيث تم تسجيل فائض في العديد من المواد الفلاحية كالبطاطا والطماطم، إلى جانب فائض في اللحوم الحمراء مقدر بنحو 3 ملايين رأس. كما ارتفعت فاتورة الاستيراد بالنسبة للأشهر الأولى من السنة الجارية إلى 3,8 مليار دولار بينما لم تتجاوز في نفس الفترة من العام الماضي 2,3 مليار دولار. وحسب وزارة التجارة فإن كل المواد التي اعتاد المواطن الجزائري على استهلاكها في هذه المناسبة على غرار اللحم بنوعيه والبيض ومختلف أصناف الخضر والفواكه الموسمية والجافة وكذا الحليب والسكر والقهوة والزيوت والشاي، ستكون متوفرة بشكل واسع خلال شهر رمضان. وقد أدت استراتيجية دعم الدولة للفلاحين ومربي الأغنام والدواجن إلى تسجيل انخفاض في متوسط سعر اللحوم الحمراء بنسبة 2 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، وذلك بعد أن تدخلت الدولة لحماية الأسعار من الانهيار وتجنيب الفلاحين الأضرار المترتبة عن ذلك، حيث قامت باستيراد كميات كبيرة من الشعير والعلف وبيعه للفلاحين بأسعار معقولة. كما شرعت مصالح وزارة التجارة تحسبا لشهر رمضان، في تنفيذ خطة صارمة لمراقبة الأسعار والنوعية وقمع الغش وردع المخالفين، وقد كثفت المديريات الولائية منذ 10 أوت الجاري تدخلاتها لمراقبة المواد الاستهلاكية على مستوى سلسلة التوزيع بالجملة والتجزئة وعلى مستوى مواقع الإنتاج ومستودعات التخزين وغرف التبريد والتخزين. وعلى صعيد العمل التضامني، فقد خصصت الدولة تحسبا لهذا الشهر الكريم 3 ملايير دينار لتجسيد مختلف العمليات الخيرية والتضامنية الموجهة للعائلات المحتاجة. وتشمل هذه العمليات التضامنية التي تنطلق اليوم وتدوم إلى غاية عيد الفطر المبارك توفير ما يقارب 1,5 مليون قفة رمضان، وفتح حوالي 500 مطعم وتوزيع 7 ملايين وجبة ساخنة لفائدة العائلات المعوزة. ولإنجاح هذا العمليات التضامنية تم تجنيد 15 ألف متطوع من الهلال الأحمر الجزائري والكشافة الإسلامية الجزائرية ومتطوعين آخرين من مختلف الجمعيات المختصة إلى جانب تخصيص حوالي 1500 نقاط لتوزيع قفة رمضان لفائدة العائلات المعوزة. كما تشمل استعدادات الحكومة لشهر رمضان تعزيز وتقوية الإجراءات الأمنية وتشديدها على كل الجبهات للتصدي لأي عمل إجرامي خلال الشهر الحرام.