ألح السيد عبد الرحمان بن خالفة وزير المالية، على ضرورة الانتقال من التنمية المبنية على الإنفاق العام إلى النمو الذي يعتمد على نشطاء السوق ومواردها، بتشجيع الإنتاج قصد تنويع الاقتصاد، وقطف ثمار سياسات الإنفاق التي استثمرتها الدولة في السنوات الأخيرة، بدون التخلي عن السياسات الاجتماعية، التي قال إنه يجب العمل على استكمالها بقسط كبير من النجاعة. ذكر السيد بن خالفة بأن الدولة أنفقت أموالا ضخمة في الاستثمار في السنوات الأخيرة لتحقيق التنمية، وقد حان الوقت للشروع في الإنتاج وتحريك السوق بما يضمن تنويع الإنتاج للنهوض بالاقتصاد، بإشراك القطاع العام والخاص والمؤسسات المالية ومؤسسات الاستثمار لتنويع الصادرات خارج المحروقات. وأضاف الوزير في تدخّل له خلال افتتاح اليوم البرلماني حول "الاستثمار في الجزائر: تحديات وآفاق" بجنان الميثاق بالجزائر أمس، أن الانتقال من سياسة الإنفاق إلى سياسة السوق والإنتاج ستبقي على السياسات الاجتماعية التي ظلت تنتهجها الدولة، والتي تتطلب بذل المزيد من الجهد لاستكمالها بنجاعة لتجسيد الأهداف المرجوة. وذكر الوزير بأن الجزائر استثمرت أموالا معتبرة لتحقيق التنمية في السنوات الأخيرة، ومهما كانت التحاليل والانتقادات السلبية – يقول المسؤول – فإن "الفترة الممتدة من سنة 2000 إلى غاية 2015 هي الفترة التي عرفت فيها الجزائر أعلى نسبة للاستثمار"، حيث بلغت قيمة الناتج الداخلي الخام نسبة أكثر من 15 بالمائة في الوقت الذي لم تتجاوز هذه النسبة 1 بالمائة في عدة دول، حسب السيد بن خالفة، الذي أضاف أن هذا الرقم وبالرغم من إيجابيته فإن العديد من الهيئات الدولية لم تتداوله وظلت تتجاهله، الأمر الذي يستدعي إبرازه بالتحول إلى موارد السوق بتوظيف النفقات التي استُثمرت. من جهته، دق السيد طاهر خاوة وزير العلاقات مع البرلمان، ناقوس الخطر حيال الوضع الاقتصادي الحالي الذي يستدعي الإسراع في تنويع الصادرات خارج المحروقات، للصمود في وجه المنافسة والتحديات الكبيرة التي تعرفها السوق العالمية اليوم، مشيرا إلى أن الجزائر مطالَبة بتكييف اقتصادها مع الاقتصاد العالمي. أما السيد علي حداد رئيس منتدى المؤسسات، فدعا إلى مواصلة الجهود لتحقيق التنمية للخروج من التبعية الأجنبية، غير أنه أشار إلى أن هذا يبقى غير كاف بسبب صعوبة محيط الاستثمار وعراقيل الحصول على العقار الصناعي. وفي هذا السياق، طالب السيد حداد بتسهيل مناخ وإجراءات الاستثمار للتشجيع على خلق المؤسسات لتنويع الإنتاج وخلق مناصب الشغل، مشيرا إلى أن الجزائر بحاجة إلى إنشاء 60 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة سنويا لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتنويع الاقتصاد في الوقت الذي لا ترى النور حاليا سوى 20 ألف مؤسسة سنويا، نصفها تفلس، ولن تتمكن من الحفاظ على موقعها في السوق. وأضاف رئيس منتدى المؤسسات أن الجزائر بحاجة إلى سياسات ملائمة للاستثمار برفع العراقيل الثقيلة التي تحول دون الحصول على العقار الصناعي، موضحا أن المؤسسات الجزائرية تعاني من عدة مشاكل، جعلت العديد من مشاريعها لا ترى النور بسبب هذه الصعوبات. من جهة أخرى، ألح السيد حداد على ضرورة مراجعة التكوين من المدرسة إلى الجامعة وفي مراكز ومعاهد التكوين المهني، للوصول إلى تقديم تكوين يستجيب لحاجيات السوق والمهن التي تطلبها المؤسسات المستخدمة. كما شدد المتحدث على ضرورة تفعيل آليات محاربة السوق الموازية، التي لاتزال تقف في وجه الاستثمار المنتج، وكذا محاربة السلع المقلدة المستوردة، التي تباع على حساب المنتوج الوطني المصنوع وفقا للمعايير، مشيرا إلى أن ترقية الاقتصاد الوطني إلى مستوى اقتصاد الدول الناشئة، تتطلب تحرير المبادرات وتحرير الاستثمار من كل هذه القيود. وأكد المتحدث أن الوقت مستعجل لتسريع الإصلاحات ومباشرة إصلاحات عميقة في الإدارة، وتجنيد كل الموارد لمواجهة الصعوبات التي تواجه المقاولاتية وتحد الاستثمار وتكبح الابتكار الوطني. من جهتهم، دعا أعضاء منتدى رؤساء المؤسسات الهيئة التشريعية والتنفيذية لإشراكهم في الحوار، والتشاور عند إعداد مشاريع القوانين المتعلقة بالاستثمار والتجارة والصناعة وغيرها من القطاعات التي تهمهم، لإبداء آرائهم واقتراحاتهم، والمساعدة في إثراء هذه المشاريع؛ كونهم على دراية بواقع السوق. وتميز هذا اليوم البرلماني الذي أشرف على افتتاحه رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة بحضور شخصيات حكومية وسفراء والمدير العام للأمن الوطني، بإلقاء محاضرات، تمحورت حول تطوير المؤسسات الجزائرية، وعرض تجارب الدول الناشئة في مجال الاستثمار، وكذا دور الدولة والمشرّع والمؤسسة في خلق الثروة.