أكد رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث (فورام)، الدكتور مصطفى خياطي، أن البرنامج الوطني للتلقيح الذي تعتمده الجزائر منذ سنوات، برنامج طموح ومع إدراج اللقاحات الأربعة الجديدة في الآونة الأخيرة من طرف وزارة الصحة، أصبح في مستوى أحسن البرامج المعتمدة في العالم. وأضاف خياطي، أنه لا بد من الاعتراف بأن برامج تطعيم الأطفال في الجزائر سمحت بالتغلّب على أمراض كانت قاتلة وشائعة منها شلل الأطفال، والحصبة والسعال الديكي، والتيتانوس الخطيرة، حيث سمحت بتقليص عدد الوفيات عند الرضّع -أقل من ثلاث سنوات- بالنصف أي ب50 بالمائة. واعتبر خياطي، أن المشكل المطروح حاليا في الجزائر، هو الوفيات التي تحدث في الأسابيع الأولى للحياة خاصة الشهر الأول من الولادة، مما يستدعي إعادة النظر في وحدات الخدج والرضّع في المستشفيات التي لا توجد إلا في بعض المستشفيات الجامعية عبر الوطن. وأكد على ضرورة تركيز الجهود على مستوى هذه الوحدات قصد تحديد الأمراض مبكرا عند الرضّع والتكفل بهم. وسجل خياطي، في هذا السياق، أن المرحلة الثانية من اهتمام السلطات المعنية بعد التلقيح والتطعيم هي مرحلة التكفل بالرضّع لكشف الأمراض النادرة واليتيمة في الأيام الأولى من حياة الرضيع من أجل التكفل به مبكرا، وإخضاعه للعلاج المناسب من جهة ولتفادي التكلفة التي ستقع على عاتق الدولة بعد فوات الأوان كون التكفل بهذا النوع من الأمراض مكلف جدا بسبب غلاء العلاج والأدوية. واقترح المتحدث بخصوص هذه الأمراض النادرة التي سميت كذلك على أساس أن المصابين بها عددهم قليل وكذا الأمراض اليتيمة التي لا علاج لها، أن يكون الحل على مستوى إقليمي كأن تشترك البلدان العربية أو المغاربية فيما بينها لضمان تكفل مشترك يكون عبر إنشاء مؤسسة مشتركة لإنتاج الأدوية، أو المنتجات الصيدلانية الموجهة للمصابين ببعض الأمراض خاصة وأن عددهم قليل. وعن مشروع قانون الصحة، الذي سيعرض قريبا على البرلمان للمناقشة والمصادقة، أكد خياطي، أنه جاء بأشياء جميلة ستغيّر حتما الكثير من الأمور إلا أن السؤال المطروح حسب البروفيسور خياطي هو هل سيطبّق فعليا في الميدان، مضيفا أن المهم هو الإسراع فور صدور القانون في الجريدة الرسمية، بوضع آليات التطبيق حتى لا يبقى حبرا على ورق لسنوات كما كان مصير العديد من القوانين بالمناسبة، متأسفا على عدم إسهام "فورام" في إعداد المشروع النص. نفس الملاحظة أبداها رئيس "فورام" حول المخطط الوطني لمكافحة السرطان الذي اعتبره مخططا طموحا يتضمن العديد من الحلول والتدابير الايجابية رغم أنه جاء متأخرا، حيث كان منتظرا في الثمانينيات. واعتبر المتحدث أنه إذا طبّق هذا المخطط بنسبة 50 بالمائة في الثلاث سنوات المقبلة، فذلك سيكون أمرا جيدا، مشيرا إلى أن تطبيق هذا المخطط الذي بادر به رئيس الجمهورية، يتطلب إعادة تنظيم المنظومة الصحية ليصبح في مستوى المعمول به في الدول المتقدمة، والذي يشترط توفير كل الاختصاصات في المصلحة المعالجة للسرطان، باعتبار أن هذا الأخير داء عام يحتاج إلى فحص عام للمصاب. استحداث شبكة وطنية لليقظة الصحية من ضروريات الأمن القومي وعلى خطى العديد من المختصين، سار البروفيسور خياطي، حيث أكد على الضرورة القصوى لاستحداث شبكة وطنية لليقظة الصحية عبر خلق مراكز لليقظة على مستوى كل مناطق الوطن، مشيرا إلى أن ما يهم الجزائر حاليا هو مواجهة الأمراض الوبائية والأمراض المتنقلة سواء عن طريق المياه أو عبر الحشرات مثل الملايرا والانفلونزا والليشمانيوز، وهي الأمراض التي تتطلب متابعة يومية. وتعتبر أنجع وسيلة لضمان هذه المتابعة مراكز اليقظة التي طالما طالب بها المجتمع المدني وعلى رأسه مؤسسة "فورام" التي دقت ناقوس الخطر مرارا. كما رافع خياطي، من أجل التعجيل باستحداث مثل هذه المراكز على مستوى مصالح الجمارك التي من مهامها مراقبة ما يدخل إلى الجزائر من مواد قد تكون خطيرة على الصحة العمومية وصحة المواطن، مذكّرا بما حدث مع نفس المصالح التي تفطنت لعملية إدخال دواء بكميات كبيرة رغم توقيفه في علاج سرطان الثدي بعد سنتين، إذ تبين أنه يجلب من تونس نحو الجزائر لاستخدامه كمخدر. وحذّر خياطي، من التأخر المسجل في هذا المجال لاسيما وأن ضمان يقظة صحية وطنية مرتبطة بالأمن القومي، مشيرا إلى أنه لو كانت متوفرة لما سجلت الجزائر في السنة الماضية، حالات المالاريا في غرداية والتي أدت إلى وفاة شخصين. وتكمن أهمية مراكز اليقظة الصحية حسب رئيس فورام في كونها تتوفر على جميع التخصصات ومشكّلة من طرف كل القطاعات التي تمكن من دراسة كل المؤشرات والمعطيات للسماح بضبط السبل الواجب إتباعها واتخاذ القرارات الناجعة في الوقت المناسب لمواجهة الأخطار الصحية المحتملة وفي حينها.