تعرض مقر القنصلية الأمريكية بمدينة اسطنبول التركية أمس، لهجوم مسلح نفذته امرأتان دون أن يخلّف سقوط قتلى لكنه دفع بالإدارة الأمريكية إلى إغلاق ممثليتها إلى إشعار آخر. وذكرت وسائل إعلام تركية أن قوات الأمن ألقت القبض على إحدى المسلحتين أصيبت خلال تبادل إطلاق النار مع رجال الأمن أمام مقر القنصلية الأمريكية المتواجدة بقلب مدينة اسطنبول والتي تشهد إجراءات أمنية مشددة. وتبنى "حزب الجبهة الثورية لتحرير الشعب" وهو تنظيم يساري متطرف الهجوم وهو نفس التنظيم الذي سبق وأن أعلن عن مسؤوليته في استهداف مقر السفارة الأمريكية بالعاصمة أنقرة سنة 2013، وخلّف حينها مقتل رجل أمن تركي. وقال مسؤول عن الحزب المتطرف لم يكشف هويته في بيان بث عبر شبكة الأنترنت أن هذا الأخير سيواصل "الكفاح إلى غاية مغادرة الامبرياليين والمتعاونين معهم من بلادنا وإلى غاية تحرير كل شبر من التراب التركي من القواعد العسكرية الأمريكية". وحتى وإن لم يخلف الهجوم سقوط ضحايا إلا أنه شكل رسالة قوية باتجاه الحكومة التركية على رفض استعمال الأراضي التركية لانطلاق الطائرات الحربية الأمريكية المشاركة في الحرب على "داعش". ويتأكد ذلك كون الهجوم تزامن مع وصول ستة طائرات أمريكية مقاتلة من نوع "أف 16" للمشاركة في الحرب الجارية على تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف في سورياوالعراق، إضافة إلى وصول وحدة عسكرية من 300 جندي إلى قاعدة "انسرليك" الاستراتيجية الواقعة جنوبتركيا. وسمحت الحكومة التركية لأول مرة منذ تشكيل التحالف الدولي ضد "داعش" للولايات المتحدةالأمريكية باستخدام القواعد العسكرية التركية لشن ضرباتها الجوية ضد معاقل المتطرفين في سورياوالعراق. ولم يتوقف مسلسل التفجيرات في تركيا وخاصة في مدينة اسطنبول عند هذا الحد، حيث اهتزت المدينة ليلة الأحد إلى الاثنين، على وقع تفجير انتحاري تم بسيارة مفخخة استهدف مركزا أمنيا بحي سلطان باعلي على الضفة الآسيوية لمضيق الفوسفور خلّف إصابة عشرة أشخاص من بينهم ثلاثة رجال أمن. وتلا التفجير الانتحاري اندلاع اشتباكات بين المسلحين وقوات الشرطة طيلة الليل أسفرت عن مقتل مسؤول مديرية المتفجرات في الشرطة متأثرا بالجروح التي أصيب بها خلال الاشتباكات وانتحاري وناشطين سياسيين اثنين لم يعرف إلى غاية أمس انتماؤهما السياسي. ونفس المشهد الدموي تكرر بجنوب البلاد، حيث لقي أربعة من عناصر الشرطة مصرعهم في تفجير قنبلة زرعت على حافة الطريق الرابط بين جنوب وشرق تركيا. ووقع التفجير الذي اتهمت الحكومة التركية المتمردين الأكراد بتنفيذه بمنطقة سيلوبي بمحافظة سيرناك الواقعة على الحدود بين العراقوسوريا، بالتزامن مع مقتل جندي تركي في هجوم شنه متمردون أكراد بقذيفة صاروخية ضد مروحية عسكرية لنقل الوحدات بمنطقة بيت سباك بنفس المنطقة. وتشهد تركيا تصعيدا أمنيا خطيرا بتواتر تنفيذ تفجيرات انتحارية وهجمات مسلحة زعزعت استقرار هذا البلد الذي لم يستطع النأي بنفسه عن الحرب الدائرة على مقربة من حدوده ضد الإرهاب. وكان تفجير مدينة سروج الحدودية مع سوريا شهر جويلية الماضي، الذي خلّف أكثر من 30 قتيلا قد دفع بالسلطات التركية إلى إعلان الحرب ضد "داعش" وشرعت منذ 24 من نفس الشهر في شن حملة عسكرية واسعة النطاق خاصة عبر المناطق الحدودية مع سورياوالعراق. وهو ما اعتبره أكراد تركيا أنها حملة تستهدفهم بالدرجة الأولى لتضييق الخناق من حولهم ومنع كل نزعة انفصالية لديهم.