انطلقت أمس بمدينة أنابوليس الأمريكية اشغال مؤتمر السلام الدولي حول الشرق الأوسط في ظل أجواء خيمت عليها شكوك حول قدرة الرئيس جورج بوش على ايجاد نهاية للنزاع العربي- الإسرائيلي· ولم يخف الرئيس بوش هذا الوضع وأقر أمس أن المهمة تبقى صعبة وأن مؤتمر أنابوليس ما هو إلا مجرد بداية· وأمام هذا الحكم المسبق حتى قبل بدء الاجتماع من طرف أول الداعين إلى عقد هذا المؤتمر فإن الرئيس الأمريكي ذهب الى تأكيد صعوبة إن لم نقل استحالة تحقيق السلام المفقود بين الفلسطينيين والاسرائيليين حتى وإن لم يشأ الاعتراف بذلك علنا· وقال الرئيس جورج بوش أنه "انطلاقا من آخر التطورات فإن البعض اعتبروا أن الظرف غير مناسب لعقد المؤتمر والبحث عن السلام وأنا غير موافق على ذلك لأنني أعتقد أن الوقت مناسب للبدء في المفاوضات"· وأضاف الرئيس الأمريكي أن" المهمة التي بدأناها هنا في أنابوليس ستكون صعبة وما هي الا مجرد البداية للمسار وأن عملا كبيرا ينتظر إنجازه"· وقال بوش في كلمته أمام ممثلي خمسين دولة معنية وأخرى مهتمة وممثلي هيئات دولية وإقليمية أن الاطراف المعنية مباشرة بعملية السلام يجب عليها ان تثق في العملية لأن المهمة عادلة وأنا واثق أنه يبذل مزيد من الجهد فإنه بإمكاننا تحقيق النجاح المرجو· ولكن الرقم الأول الأمريكي عندما أكد أن الهدف النهائي من عقد مؤتمر أنابوليس هو التوصل الى إقامة دولة فلسطينية متعايشة مع اسرائيل فإنه في المقابل اعتبر ان اللقاء لا يهدف الى التوصل الى اتفاق ولكن اعطاء انطلاقة جديدة لمفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين· والملاحظ أن كلمة الرئيس الأمريكي جاءت بصيغة غير المؤكد وغير الواثق من انجاز هذه المهمة التي يصفها البعض بالمستحيلة، خاصة وأنها جاءت في أقل من عام قبل رحيله من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض· ويعيب الكثير من المتتبعين وحتى بعض المسؤولين العرب على الرئيس الأمريكي استفاقته المتأخرة بخصوص تعامله مع الصراع العربي- الاسرائيلي وتكريس كل جهوده لاحتلال أفغانستان والعراق في وقت كان فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق يفرض منطقة على الفلسطينيين ورفضه الاعتراف بكل الاتفاقيات الدولية الموقعة معهم· والمؤكد أيضا أن تخصيص يوم واحد لمؤتمر يدرس نزاعا بتعقيدات ما يجري في منطقة الشرق الأوسط يعطي الاعتقاد أن إدارة الرئيس الأمريكي لم تدعو الى عقد مؤتمر أنابوليس سوى لذر الرماد في عيون العرب الذين مازالوا يثقون في الوعود الامريكية بانصافهم أمام الحليف الاسرائيلي· ولا يستبعد أن تتأكد توقعات إسماعيل هنية القيادي بحركة القاومة الاسلامية الرافضة لنتائج هذا المؤتمر بأن جلسة سوف لن تكون إلا لإلقاء خطب بروتوكولية لا أكثر· وأضاف هنية أمس أن أنابوليس ماهو إلا حلقة مكملة لاتفاقيات اوسلو التي فشلت في استعادة الحقوق الفلسطينية· وذهب اسماعيل هنية إلى أبعد من ذلك عندما أكد أن الهدف المتوخى من مؤتمر أنابوليس سيبقى ربح المزيد من الوقت حتى تهود القدس وتبنى مستوطنات يهودية إضافية وتشطب فيها كل الحقوق بما فيها تلك التي تضمنتها مبادرة السلام العربية· وتوالت بوادر فشل مؤتمر السلام أمس عندما عجز الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي في التوصل إلى اتفاق حول وثيقة مشتركة حول المفاوضات القادمة بينهما· وكشفت مصاد ر فلسطينية أن مفاوضات الطرفين تواصلت الى ساعة متأخرة من نهار أول أمس ولكنهما فشلا في الاتفاق على أرضية يمكن اعتمادها كقاعدة لأية مفاوضات قادمة حول القضايا الخلافية القائمة وخاصة ما تعلق بالوضع النهائي· وأضافت ذات المصادر أن وزارة الخارجية الأمريكية ضغطت على وفدي الجانبين وعرضت عليهما المصادقة على وثيقة أعدتها بنفسهما· وفشل الجانبان في هذه المهمة رغم تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت بأنه لا يريد الإبقاء على الوضع القائم وفي وقت وصف فيه الرئيس محمود عباس بأنه"الفرصة الأخيرة" وعلق عليه آمالا كبيرة "للتفاوض حول الوضع النهائي"·
ولكن الشرخ مازال شاسعا حول هذا الوضع الذي يتضمن قضايا معقدة ومنها مستقبل القدس الشريف ومصير أربعة ملايين لاجئ فلسطيني ومشكلة المستوطنات والطبيعة الدينية للدولة العبرية·