يعتبر أحد فناني ولاية أدرار النشيط بخفة روحه، داعب آلة العود الموسيقية منذ الصغر وكوّن لنفسه جمهورا يتذوق تقاسيمها الدافئة، ولم يغنه ذلك عن الخوض في الغناء المستوحى من الطبيعة الصحراوية، كما أصدر عدة أشرطة للعزف الفردي أو الغناء، ساهمت بشكل كبير في تنشيط الحقل الفني بالمنطقة وخارجها، التقته "المساء" وحاورته حول مسيرته الفنية. ❊ كيف كانت بدايتك الفنية وبمن تأثرت؟ -كانت بدايتي سنة 1983 بمقر سكناي في قصبة القائد، بتشجيع من الأستاذ المرحوم عبدو وعلي الذي لاحظ اهتمامي الكبير بآلة العود والبحث عن كل ما هو موسيقي، حيث كنت أداعب تلك الآلة الموسيقية عشوائيا وبعدها بدأت أحس وأدرك بأنني أستطيع أن أعزف جيدا، كما كنت أتابع باستمرار الفرق الموسيقية المحلية وبعض الفنانين الكبار في الحفلات والأعراس، مما زادني تأثرا وعزيمة للإبحار في الحقل الفني، ثم تم انخراطي في فرقة موسيقية تسمى "أنغام الجنوب" وفرقة "آفاق" للأستاد كمال عبد الواحد مدير دار الثقافة لولاية أدرار سابقا، أين تعلمت طرق العزف بأسس علمية أكثر وبعدها بدأت بالغناء المحلي الصحراوي. ❊ أنت تلحن لنفسك وتعزف وتغني، ما السر في ذلك؟ -نعم، أنا ألحن كلمات بعض كتاب الأغاني والشعراء بعدما اكتسبت خبرة كبيرة في العزف الفردي وصارت عندي إنجازات فنية بتقاسيم آلة العود التي ساعدتني على التلحين بكل سهولة، وقد برعت في تلحين كل الطبوع، أما الغناء فهو الحلقة الأخيرة بالنسبة لي، لأن أصعب شيء هو التلحين، حيث أقول بصراحة بأن القليل من الفنانين يجمعون بين التلحين والعزف. شخصيا أعتبر التلحين أمانة فنية، حيث لحنت كلمات لفنانين وشعراء منهم كاتب الكلمات والمغني دا احمد سليمان الذي يعتبر من أحد رواد الفن بالمنطقة، بفضل التزامه نحو الجمهور الذواق. ❊ هل لديك إصدارت فنية تعكس مسيرتك، ولمن غنيت؟ -نعم، بعد المسيرة الطويلة في الحقل الفني، أصدرت عدة أشرطة فنية أحبها الجمهور، منها 6 أشرطة خاصة بالعزف الفردي، بها تقاسيم العود حيث عزفت من الهامي وتأثري الواضح بالطبيعة الصحراوية التي تضمن الاسترخاء والراحة. أما فيما يخص الغناء، فقد أصدرت 5 أشرطة، حيث غنيت فيها عن الحب والوطن ومدح الرسول الكريم، بالإضافة إلى عدة أغان محلية مستوحاة من التراث الصحراوي، كما سجلت أغاني ومقطوعات عزف في الإذاعة الوطنية. ❊ هل لك مشاركات وطنية، وماذا أضافت لك؟ -شاركت في الأسابيع الثقافية التي كانت تنظمها دور الثقافة في العديد من الولايات التي اعتبرتها فضاء هاما للتعبير والإبداع الفني الراقي نحو الجمهور، حيث أضافت لنا احتكاكا مع فنانين آخرين من مختلف جهات الوطن، حيث تبادلنا الخبرات، كما سمحت لنا أيضا بتسويق الفن الصحراوي التراثي المحلي. ❊ كيف تنظر إلى واقع الفن المحلي؟ -بكل صراحة، أقول إنه تقريبا بكل منزل في ولاية أدرار يوجد مطرب، لكنهم غير بارزين في الساحة، وهنا أنوه بدور الإعلام وأنتم مشكورون في سعيكم للكشف عن المواهب وتسليط الضوء على الحقل الفني المحلي عموما، والسبب هو عدم التواصل بين الأجيال القديمة والحاضرة للحفاظ ونقل الأغنية المحلية. كما هناك العديد من الفنانين تكسرت موهبتهم ومسيرتهم جراء حالتهم الاجتماعية ومنه لابد من خلق فضاءات ووسائل لتفجير المواهب الفنية مع طرف القائمين على الفن وهنا لابد من سن قانون يحمي الفنانين من كل الجوانب، يبقي الفن المحلي يحمل في حقيبته أشياء كبيرة تستدعي الاهتمام وتوجيهها في الطريق الصحيح، بضرورة إنشاء جوق موسيقي راق يسمح بترقية الأغنية المحلية الصحراوية على الركح وتسويقها نحو كل جهات الوطن، لأنها تعتبر تراثا مشتركا. ❊ ماهي مشاريعك الفنية المستقبلية ومسعاك لترقية الأغنية الصحراوية؟ -أنا بصدد تحضير أشرطة جديدة تتعلق بالعزف والغناء معا، سترى النور قريبا وتليق بذوق الجمهور، لأنها الحلقة الهامة في الحفاظ على الفن وترقيته، كما أسعى وبالتنسيق مع مختلف الفنانين إلى وضع أرضية فنية للأغنية المحلية أمام الشباب الصاعد، للحفاظ عليها مع إدخال أسس علمية، بإنشاء مدرسة فنية في ولاية أدرار التي تزخر بتراث شعبي كبير، كما نطالب ونسعى إلى ترسيم مهرجان سنوي للأغنية الشبابية المحلية بتأطير عمدائها، يكون هو أيضا فضاء لترقيتها. ❊ هل من كلمة أخيرة؟ -أولا أشكر جريدة "المساء" التي أعطتني فرصة تبليغ رسالتي الفنية ولقاء قرائها، لأنها الأولى التي أعطتني هذه الفرصة، كما أعطت لفنانين آخرين من ولاية أدرار لإبرازهم وتشجيعهم إعلاميا، وأطلب من القائمين على الفن أن يهتموا بعنصر الشباب أكثر ونقل التراث الصحراوي العريق بكل التزام وأمانة أمام الجميع ومرة أخرى أشكر السلطات الولائية التي كرمت جل الفنانين مؤخرا دلالة على اهتمامها بالحقل الفني المحلي وترقيته. كما أحرص شخصيا على أن يكون هناك تنسيق كبير بين الفنانين لإعطاء واجهة فنية حقيقية تليق بأذواق الجمهور وكنوز أدرار.