نقل تنظيم الدولة الإسلامية، "داعش" الحرب الدائرة في سوريا إلى لبنان انتقاما من مشاركة حزب الله في حربه ضد المعارضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بتفجيرين انتحاريين في أحد معاقل هذا الحزب، خلفا مقتل 43 شخصا وقرابة 300 مصاب وصفت حالات العشرات من بينهم بالخطيرة بما يرشح هذه الحصيلة للارتفاع لاحقا. واهتز قلب العاصمة اللبنانية مساء الخميس على وقع تفجيرين انتحاريين أعادا إلى أذهان اللبنانيين الانزلاق الأمني الذي شهدته البلاد على خلفية الحرب الأهلية الدائرة رحاها في سوريا وخلفت عشرات القتلى بين مؤيدين لنظام الرئيس السوري ومعارضين له. وكانت قرية عرسال الحدودية مسرحا لتلك الحرب بالوكالة كادت أن تدخل لبنان في دوامة حرب شاملة. وسارع تنظيم الدولة الإسلامية إلى تبني هذه العملية الأعنف من نوعها التي تهز لبنان منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا وانتهاء الحرب الأهلية اللبنانية سنة 1990. وساد الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، أحد أكبر معاقل حزب الله اللبناني أجواء حزن وأسى كبيرين استدعت إعلان السلطات اللبنانية نهار أمس يوم حداد وطني أغلقت المدارس والهيئات الرسمية والخاصة أبوابها في وقت كانت فيه العائلات تشيع قتلاها إلى مثواهم الأخير. وأرجعت مصادر الهلال الأحمر اللبناني الحصيلة الدامية إلى وقوع التفجيرين في شارع مكتظ في حي برج البراجنة في الضاحية الجنوبية. بينما أكدت مصادر الجيش اللبناني أن شخصين قاما تباعا بتفجير شحنتين ناسفتين وسط مرتادي الشارع المستهدف، بينما عثر على انتحاري ثالث ميتا عجز عن تفجير حزامه الناسف وسط المارة. وأكد تنظيم الدولة الإسلامية في بيان تبنيه للعملية الإرهابية أن الانفجار الأول تم بواسطة دارجة نارية كانت متوقفة في الشارع وبمجرد أن توافد الناس من اجل إسعاف المصابين أقدم انتحاري آخر على تفجير حزامه الناسف وسط المتسوقين وهو ما فسر العدد الكبير للقتلى وعدد المصابين. وأدانت الطبقة السياسية اللبنانية بجميع أحزابها وطوائفها هذه العملية الإرهابية وطالبت بتحقيق معمق من أجل ضبط الواقفين وراء هذا التفجير الأعنف من نوعه تعرفه لبنان منذ انضمام حزب الله إلى جانب النظام السوري في حربه ضد المعارضة المسلحة سنة 2013. وحسب مهتمين بحزب الله، فإن ما بين 5 آلاف و8 آلاف مقاتل من عناصره يوجدون في سوريا لقتال التنظيمات المعارضة السورية المسلحة بما فيهم تنظيم الدولة الإسلامية. وهو ما يفسر التفجير الإرهابي الذي يعد رسالة من هذا التنظيم باتجاه حزب الله وردا على خطاب أمينه العام حسن نصر الله بأن الحرب في سوريا تبقى معركة مصيرية بالنسبة له وبما يعني أنه لن يتراجع عن خياره. وكان أكبر إنجاز حققه مقاتلو الحزب، مساعدة القوات النظامية السورية في استعادة أكبر قاعدة عسكرية في مدينة حلب في شمال البلاد أمس والتي كانت طيلة عامين تحت سيطرة تنظيم "داعش".