تنطلق اليوم بمخيمات اللاجئين الصحراويين، وعلى مدار أربعة أيام، أشغال المؤتمر ال 14 لجبهة البوليزاريو تحت شعار "قوة، تصميم وإرادة لفرض الاستقلال الوطني والسيادة" بالصحراء الغربية. ويشارك في هذا المؤتمر الذي يحمل اسم المرحوم "خليل سي امحمد" وتعقده جبهة البوليزاريو كل ثلاث أو أربع سنوات، حوالي 2475 مشارك سواء من المؤتمرين الصحراويين من بينهم حقوقيون قادمون من المدن المحتلة ووفود أجنبية تمثل مختلف دول العالم. ويكتسي المؤتمر أهمية بالغة كونه يأتي في ظرف خاص يميزه بالدرجة الأولى القبضة القائمة بين المنظمة الأممية والمغرب بسبب مواصلة هذا الأخير تعنته ورفضه التعاون مع مبعوث الأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية الدبلوماسي الأمريكي، كريستوفر روس. كما أنه يتزامن مع ما حققته القضية الصحراوية من انتصارات دبلوماسية شكلت ضربات موجعة للدبلوماسية المغربية التي فشلت رغم كل أساليب المراوغة والخداع التي انتهجتها في كسب التأييد الدولي لأطروحاتها الواهية في "مغربية" الصحراء الغربية. ولعل قرار محكمة العدل الأوروبية، إلغاء الاتفاق الفلاحي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب كونه يشمل منتجات الصحراء الغربية، أكبر صفعة للمغرب بعد أن أكد عدم اعتراف الهيئات الدولية بسيادة المغرب على الصحراء الغربية التي لا تعترف بها أية دولة. كما أن المؤتمر يعقد أياما بعد فضح المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، جملة العراقيل التي يضعها المغرب أمام مسار التسوية في هذا الإقليم المحتل. وتكمن أهمية المؤتمر في كونه يأتي أسابيع قبل زيارة مرتقبة للرقم الأول لمنظمة الأممية بان كي مون، المقررة شهر جانفي القادم وتشمل إقليم الصحراء الغربية ضمن مسعى للوقوف بنفسه على حقيقة النزاع، وهو الذي طالب مبعوثه الشخصي بتكثيف الجهود لحلحلة مسار قضية مصنفة لدى الأممالمتحدة في قائمة الأقاليم المحتلة التي تنتظر تصفية الاستعمار. وهي كلها عوامل تدركها جيدا السلطات الصحراوية التي سبق وأكدت على لسان الرئيس محمد عبد العزيز أن المؤتمر سيكون عاديا وسيتناول مختلف القضايا التي تهم القضية من مختلف جوانبها من برنامج سياسي وعمل نضالي وغيرها. وفي هذا السياق، أفادت تقارير إعلامية أن التوجه العام يوحي برغبة القاعدة الصحراوية في التمسك بالرئيس عبد العزيز على رأس الأمانة العامة لجبهة البوليزاريو خاصة في ظل الانتصارات التي ما فتئت تحققها هذه الأخيرة في كفاحها من أجل تمكين شعب الصحراء الغربية من ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير. وإضافة إلى كل هذه التطورات الايجابية التي تحيط بانعقاد المؤتمر ال 14 لجبهة البوليزاريو، فإن النقطة الأخرى المهمة التي يمكن القفز عليها هي رغبة القاعدة الصحراوية في العودة إلى الكفاح المسلح. وهي رغبة ما فتئ الشعب الصحراوي بمختلف فئاته وخاصة الشباب منه الذي ولد وعاش وترعرع تحت نير الاحتلال يعبر عنها بعدما لمس فشل مسار السلام الذي كرس التعنت المغربي ورفض الرباط الانصياع للشرعية الدولية والدخول في مفاوضات جادة لتسوية النزاع المستمر منذ 40 عاما وتستمر معه مأساة هذا الشعب. حقيقة لم يخفيها السفير الصحراوي بالجزائر، إبراهيم غالي الذي أكد أن شعبه قد "سئم 40 سنة من الاحتلال و24 سنة انتظار بعد وقف إطلاق النار وأنه حان الوقت للأمم المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها للوصول إلى حل سياسي للنزاع في الصحراء الغربية يضمن له الحق في تقرير المصير". للإشارة، فقد عقدت الأمانة الوطنية لجبهة البوليزاريو في التاسع من الشهر الجاري دورة طارئة تحت إشراف أمينها العام، محمد عبد العزيز تناولت الخلاصات المقدمة من طرف اللجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع عشر حول عملها. ويعد المؤتمر أعلى هيئة لاتخاذ القرار في جبهة البوليزاريو ويتم عقده كل ثلاث أو أربع سنوات، حيث يتم خلاله انتخاب الأمين العام الذي يصبح في ذات الوقت رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي تم إعلانها في 27 فيفري 1976.