اتهم الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز أمس العاهل المغربي الملك محمد السادس بالتماطل وانتهاج سياسة الهروب إلى الأمام في تسوية النزاع في الصحراء الغربية من خلال إصراره على أطروحاته ب"مغربية الصحراء الغربية" والتمسك بمخطط الحكم الذاتي كحل وحيد ونهائي لهذا النزاع الذي عمر لأكثر من ثلاثة عقود. وقال الرئيس محمد عبد العزيز في تصريحات صحفية أمس على هامش انعقاد الندوة الأوروبية ال34 لدعم الشعب الصحراوي بمدينة بلنسية الاسبانية أن خطاب الملك المغربي الذي ألقاه في ذكرى احتلال الصحراء الغربية أول أمس يعكس تمردا واضحا على الشرعية الدولية ورفض الرباط القاطع لكل المقررات الأممية والشرعية الدولية المقرة بأحقية الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وأضاف الرئيس الصحراوي الذي انتقد بشدة تصريحات الملك المغربي بخصوص النزاع في الصحراء الغربية أن هذا الأخير وفي كلمة واحدة يرفض تنظيم استفتاء تقرير المصير ويرفض الاعتراف بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وكان الملك محمد السادس أبدى تعنتا إزاء النزاع في الصحراء الغربية وزعم في خطاب ألقاه أول أمس بمناسبة مسيرة العار التي تم خلالها احتلال المغرب للصحراء الغربية أن المجتمع الدولي قد رحب بما يسمى مخطط الحكم الذاتي. بل وأكثر من ذلك ذهب إلى وضع شروط مسبقة لأجندة الجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة مع جبهة البوليزاريو وهو ما يتناقض بصورة قاطعة مع قرارات المنتظم الدولي كما يتنافى مع مضمون اللائحة الأممية رقم 1754 التي دعت طرفي النزاع الصحراوي إلى مفاوضات مباشرة من دون أي شروط مسبقة تفضي إلى تنظيم استفتاء حق تقرير المصير في الصحراء الغربية. وأكد الرئيس الصحراوي أن الملك المغربي بتمسكه بمواقفه المتعنتة إزاء القضية الصحراوية يكون بذلك قد أغلق الباب أمام الحل السلمي وقوّض كل مسعى للمجموعة الدولية للتوصل إلى تسوية عادلة ونهائية لآخر مستعمرة في القارة الإفريقية. وكان الرئيس محمد عبد العزيز وفي الكلمة الافتتاحية التي ألقاها أول أمس خلال انطلاق أشغال الندوة الأوروبية ال34 للتنسيق ودعم الشعب الصحراوي في مدينة بلنسية ندد بتنكر المغرب لالتزاماته إزاء النزاع في الصحراء الغربية وحمله مسؤولية تعطل مسار العملية السلمية. وقال أن المغرب ما فتئ يقوض عمل الأممالمتحدة لصالح حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بالرغم من التزاماته مع جبهة البوليزاريو من خلال التوقيع معها وتحت إشراف الأممالمتحدة على مخطط التسوية لعام 1991 واتفاقات هيوستن لعام 1997 ومخطط بيكر لعام 2003. وأضاف أن "المغرب يستمر في تبني موقف معرقل بل إنه يرفض علنا كل حل لا يضفي شرعية على الواقع الاستعماري في الصحراء الغربية". كما ندد في نفس الوقت بالعقبات التي يضعها ملك المغرب أمام تعيين المبعوث الشخصي الجديد الذي اقترحه الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية. وفي سياق تنديده مجددا بالوضع المتقدم الذي منحه الاتحاد الأوروبي للمغرب تأسف الرئيس الصحراوي لغياب "الضغط" على الصعيد الدولي لحماية الشرعية وفرضها وإقناع الرباط باحترامها، وغياب التنديد ب"الصمت المتواطئ" لبعض القوى ذات النفوذ التي تشجع هذا البلد على الاستمرار في انتهاك القانون الدولي في إشارة واضحة إلى كل من فرنسا واسبانيا اللتين تتهمهما جبهة البوليزاريو بالانحياز للطرف المغربي على حساب مصالح شعب بأكمله. وكان الرئيس محمد عبد العزيز الذي يشارك في أشغال الندوة الأوروبية ال34 لدعم الشعب الصحراوي المنعقدة باسبانيا على رأس وفد صحراوي هام قد التقى بالأمين العام الأممي في الرابع من الشهر الجاري بمقر الأممالمتحدة بنيويورك في مسعى لتفعيل ملف القضية الصحراوية الذي لا يزال من دون تسوية منذ عقود. ونقل للأمين العام الأممي انشغالات جبهة البوليزاريو فيما يتعلق بتدهور وضعية حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة. وفي هذا السياق دعا الأممالمتحدة إلى إسناد مهام مراقبة هذه الوضعية إلى مفوضية حقوق الإنسان إذا رأت أن بعثة "المينورسو" أصبحت غير قادرة على ذلك بفعل الحصار الذي تفرضه عليها الحكومة المغربية. كما أكد على استعداد جبهة البوليزاريو لمواصلة العملية التفاوضية وفقا للائحة الأممية رقم 1754. وتختتم اليوم بمدينة بلنسية أشغال الندوة الأوروبية ال34 لمساندة الشعب الصحراوي التي شهدت مشاركة العديد من الحركات الجمعوية من مختلف أنحاء العالم إضافة إلى هيئات ومنظمات دولية متضامنة مع الشعب الصحراوي. وشهد اليوم الثاني من هذه الندوة تركيز المشاركين على بحث سبل دعم كفاح الشعب الصحراوي في تقرير مصيره من خلال تنظيم ورشات عمل مغلقة تناولت العديد من القضايا ذات الصلة بالقضية الصحراوية. وعلى خلاف باقي الندوات السابقة تم لأول مرة إدراج ورشة خاصة بتعمير الأراضي الصحراوية المحررة إضافة إلى مناقشة مواضيع أخرى على غرار العمل السياسي والوضع في مخيمات اللاجئين ووضعية حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة التي تعرف تدهورا خطيرا بسبب استمرار حملات القمع المغربية ضد المدنيين الصحراوين. وتمثلت مشاركة الجزائر في هذا اللقاء الدولي بوفد كبير ضم سفير الجزائر بمدريد السيد محمد حناش وبرلمانيين وممثلين عن منظمات وطنية واللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي.