أكد وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح أمس، عزم الجزائر على مواصلة تحصين المجتمع الجزائري من مخاطر التطرف والعنف، من خلال تعزيز دعائم دولة القانون، وتشجيع المبادرات الاقتصادية لدى الشباب، والتمسك بمرجعيتها الدينية الأصيلة، مبرزا حاجة المجموعة الدولية لتضامن جاد وحقيقي لمحاربة هذه الآفة الدولية، فيما أعربت وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا، عن رغبة بلادها في الاستفادة من خبرة الجزائر في محاربة الإرهاب والقضاء على التطرف، وفهم الأساليب الحديثة التي تعتمدها التنظيمات الإرهابية في التجنيد ونشر ثقافة الموت. وأشار الطيب لوح في كلمة سبقت مراسم توقيعه مع نظيرته الفرنسية على اتفاقية تعزيز التعاون القضائي بين البلدين بإقامة الميثاق بالعاصمة، إلى أن الجزائر تمكنت، بفضل تعبئة المؤسسات الجمهورية وتجنيد الشعب الجزائري في مواجهة الإرهاب وكذا بفضل سياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي بادر بها الرئيس بوتفليقة، تمكنت من طيّ صفحة التسعينيات واستعادة عافيتها واستقرارها، مؤكدا عزمها على مواصلة تحصين المجتمع من مخاطر التطرف والعنف؛ من خلال تعزيز دعائم دولة القانون، وترقية العدالة الاجتماعية، وتشجيع روح المبادرة الاقتصادية لدى الشباب، فضلا عن التمسك بمرجعيتنا الدينية الأصيلة المتّسمة بقيم الإنسانية والتسامح والتماسك الاجتماعي. وشدد الوزير على أن محاربة ظاهرة الإرهاب تقتضي تحقيق تضامن حقيقي ودائم للمجموعة الدولية، وليس تضامنا هشا أو ظرفيا أو سطحيا، ملاحظا، في هذا الصدد، أنه "يحدث غالبا أن تعطَى الأفضليات لاعتبارات جيواستراتيجية وسياسية ولمصالح ضيقة، وذلك على حساب الإرادة الحقيقية للقضاء على آفة الإرهاب، التي تشكل جريمة حقيقية ضد الآفة".ودعا، في هذا الإطار، إلى "مكافحة الآفة بصرامة وبدون أية خلفيات"، حتى لا تبقى المآسي الكبيرة التي يخلّفها الإرهاب ومنها تنامي ظاهرة اللاجئين، راسخة في الضمير الجماعي، ملاحظا أن العالم أصبح اليوم أقل إخلاصا للقيم التي انبثقت عن الانتصار على النازية والفاشية، والتي كانت وراء تأسيس منظمة الأممالمتحدة من أجل إحلال السلم والأمن في العالم. وبعودته للحديث عن التعاون الثنائي بين الجزائروفرنسا، أكد السيد لوح أن إعلان الجزائر حول الصداقة والتعاون الموقَّع من قبل الرئيسين عبد العزيز بوتفليقة وفرانسوا هولاند في 19 ديسمبر 2012، يشكل الإطار القانوني الذي يُلزم الجانبين المضيّ قدما في علاقات التعاون؛ من خلال تعزيز ما تم تكريسه إلى حد الآن، وبناء جسور جديدة ومضاعفة المبادلات بين المؤسسات القضائية، مشيرا إلى أن اتفاقيات التوأمة المبرمة بين الجهات القضائية للبلدين، تعطي لعلاقاتهما بعدا إنسانيا.وسجل الوزير، بالمناسبة، استعداد الجزائر لتحيين وتعزيز هذه الاتفاقيات في ظل احترام التشريعات الوطنية، ومراعاة المصلحة المشتركة للبلدين، مشيرا إلى أن التعاون القضائي أضحى في ظل العولمة، أمرا لا يمكن الاستغناء عنه، خاصة في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود ومكافحة الإرهاب. من جهتها، عبّرت الوزيرة الفرنسية كريستيان توبيرا عن امتنان بلادها للدعم الفعال الذي تلقاه من الجزائر، ووقوفها الدائم إلى جانب فرنسا في مختلف القضايا التي تطرحها، ولا سيما في إطار الأممالمتحدة، موضحة أن البلدين يملكان القدرة على التحاور المستمر والإمكانيات الأساسية لتقوية علاقاتهما المتميزة. وبعد أن ذكّرت بأن الجزائر واجهت بمفردها آفة الإرهاب الذي ضربها خلال العشرية السوداء، أشارت الوزيرة الفرنسية إلى أن كفاح الجزائر ضد هذه الآفة المدمرة، أكسبها خبرة، وجعل المجتمع الجزائري يطور وعيا بضرورة اليقظة والحذر لتفادي العودة إلى تلك السنوات الرهيبة، معربة عن رغبة فرنسا في الاستفادة من هذه الخبرة، والعمل مع الجزائر على فهم الأساليب الجديدة التي تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية للتجنيد ونشر ثقافة الموت والدمار. كما لفتت نفس المسؤولة إلى مسؤولية قطاعي العدالة في البلدين، لجعل المؤسسات القضائية تستجيب لتطلعات الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، وإعادة الثقة للمواطنين من خلال تقوية أداء العدالة ومواصلة مسار بناء دولة القانون. وللإشارة، فإن الاتفاقية التي وقّع عليها البلدان أمس، تهدف إلى تعزيز إطار التعاون القانوني الثنائي الساري بين البلدين، عن طريق تبادل المعارف والخبرات والممارسات الجيدة، لمرافقة جهود عصرنة وإصلاح العدالة في البلدين، وتشمل مجالات مكافحة الإرهاب، وإصلاح السياسة العقابية، والتكفل بالأحداث، فضلا عن تعزيز التبادلات بين مهنيّي العدالة، ومواصلة محاور التعاون في مجال البحث القانوني والقضائي حول القانون المقارَن وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، ومتابعة النشاطات التي تم الاتفاق عليها مسبقا لترقية التعاون بين مدارس تكوين مهنيّي العدالة والتوأمة بين المؤسسات القضائية.