يستمر مسلسل العنف في العراق بحصد المزيد من الأرواح في الوقت الذي يستعد فيه قائد القوات الأمريكية في العراق للمغادرة وتسليم مهام قيادة العمليات في هذا البلد إلى الجنرال ريموند أوديرنو. فقد لقي 12 شخصا مصرعهم وأصيب 32 آخرون بجروح اثر انفجار سيارتين مفخختين أمس بمنطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد في حصيلة لا تزال مرشحة للارتفاع بسبب خطورة الإصابات. وقالت مصادر أمنية عراقية أن سيارة مفخخة أولى انفجرت بالقرب من مبنى المحكمة في منطقة الكرادة تبعها انفجار سيارة ثانية بالقرب من مبنى مديرية الجوازت التي تبعد عن المحكمة حوالي 200 متر وبفارق زمني قليل. وأضافت أن التفجيرين ألحقا أضرارا مادية كبيرة بالمباني المحيطة كما تسببا في حرق حوالي 40 سيارة. وتزامن هذان التفجيران مع وصول وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس في زيارة مفاجئة أمس إلى العاصمة بغداد. وتأتي زيارة غيتس وهي الثامنة للعراق منذ توليه وزارة الدفاع الأمريكية في ديسمبر 2006 قبل انتقال قيادة القوات الأمريكية في العراق اليوم من الجنرال ديفيد بتريوس إلى ريموند أوديرنو الرقم الثاني في هذه القيادة. وقال وزير الدفاع الأمريكي في تصريح أدلى به وهو في طريقه إلى بغداد أن "التحدي كما اعتقد أمام الجنرال أوديرنو هو كيف نعمل مع العراقيين للحفاظ على المكاسب التي تحققت وتوسيعها حتى مع تقلص عدد القوات الأمريكية." ومن المقرر أن يرقى أوديرنو الذي كان من قبل الرجل الثاني في قيادة القوات الأمريكية في العراق حتى شهر فيفري الماضي اليوم إلى رتبة جنرال مباشرة بعد توليه قيادة القوات الأمريكية في هذا البلد. ولكن حديث وزير الدفاع الأمريكي عن المكاسب التي حققتها قواته في العراق يتصادم مع إقرار الجنرال بيتريوس بأن مهمة الجيش الأمريكي في العراق لم تنجز بالكامل بعد، في تأكيد واضح على صعوبة المهمة التي تنتظر خليفته ريموند أوديرنو في استثبات الأمن في بلد لم يعرف طعم الاستقرار منذ خمس سنوات من غزوه في مارس 200. يُذكر أن الجنرال بتريوس الذي سيتولى مهمة قائد القيادة المركزية الأمريكية كان تسلم مهامه في العراق بداية عام 2007 في خضم تصاعد موجة العنف التي دفعت بالعديد من المراقبين إلى التشكيك في قدرة هذه القوات في استعادة الاستقرار في العراق. ويرجع الخبراء الفضل في تراجع العنف لأداء بتريوس وتعزيز القوات الأمريكية بثلاثين ألف عنصر في فترة قيادته بالإضافة إلى قرار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وقف عمليات جيش المهدي التابع له بإعلان هدنة ضد قوات التحالف التي تقودها الولاياتالمتحدة، إلى جانب تحالف قادة العشائر السنية مع القيادة العسكرية الأمريكية وإنشاء ما يسمى بمجالس الصحوة لمواجهة تنظيم القاعدة في البلاد. للإشارة فإن الرئيس الأمريكي جورج بوش كان قد أكد الأسبوع الماضي سحب 8000 جندي من القوات الأمريكية العاملة في العراق بحلول شهر فيفري المقبل، بعدما اعتبر أن القوات الأمريكية والدولية ساهمت في تحقيق الأهداف في العراق وأن القوات العراقية أصبحت قادرة على إدارة المسؤوليات الأمنية. وقال الرئيس الأمريكي إن سحب تلك القوات يأتي وفق توصيات قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس. من جهة أخرى أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن العراق مستعد لاستئناف المحادثات مع الولاياتالمتحدةوإيران حول الوضعية الأمنية، وانه يدرس مع الجانبين إمكانية تحديد موعد لإجراء جولة جديدة من هذه المحادثات. وأكد زيباري أن بلاده مستعدة لاستئناف هذه المحادثات شريطة أن يوافق الجانبان على ذلك، وأضاف أن الحكومة العراقية يهمها استئناف هذه المحادثات إذا كانت الظروف ملائمة لذلك. وكانت الولاياتالمتحدةوإيران اللتان لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ نحو ثلاثة عقود قد عقدتا ثلاث جولات من المحادثات العام الماضي حول سبل المساعدة في إنهاء العنف في العراق، وأجلت إيران مرارا جولة رابعة من المحادثات على مستوى السفراء، إلا أنها أعلنت مؤخرا استعدادها لاستئناف المحادثات. وتتهم واشنطنطهران بدعم الميليشيات الشيعية في العراق بالمال والسلاح في مواجهة القوات الأمريكية وهو الاتهام الذي نفته إيران مرارا. واعتبر رئيس الدبلوماسية العراقي أن أي انسحاب قبل أوانه للقوات الأمريكية يمكن أن يسقط بلاده في دائرة العنف مجددا، وأضاف أن هناك حاجة حقيقية ومستمرة لقوات متعددة الجنسيات، مشددا على أن زيادة القوات في الآونة الأخيرة فتح لحكومته نافذة مهمة للتركيز على أهداف أخرى مثل توفير الخدمات الأساسية للشعب العراقي.