يؤكد استمرار التفجيرات الانتحارية والعمليات المسلحة في العراق بعد مرور خمس سنوات من احتلاله في مارس 2003 هشاشة الوضع الأمني في هذا البلد بالرغم من كل محاولات الحكومة العراقية الرامية إلى فرض سيطرتها الأمنية وتقارير البنتاغون الأمريكي الزاعمة تحسن الوضع الأمني. ففي ظرف 24 ساعة لقي ما لا يقل عن 41 شخصا مصرعهم معظمهم من المدنيين وأصيب العشرات الآخرين في عمليات تفجيرية وهجمات مسلحة استهدفت مواقع للشرطة العراقية في مناطق مختلفة من العراق. وكانت أعنف هذه الهجمات تلك التي استهدفت مقرا للشرطة بمنطقة الدجيل التي تقطنها أغلبية شيعية والتابعة إقليميا لمحافظة صلاح الدين السنية وأدت إلى سقوط ما لا يقل عن 31 قتيلا وأزيد من 47 جريحا في عملية هي الأعنف من نوعها منذ أشهر. ووقع التفجير الذي نفذه انتحاري بشاحنة مفخخة مساء الجمعة دقائق فقط قبيل موعد الإفطار وتسبب في إلحاق أضرار بالغة بمقر الشرطة والمباني المجاورة بالرغم من أن المبني كان محاطا بجدران خرسانية مضادة للتفجيرات. غير أن قوة الشحنة المتفجرة كانت كافية لتدمير الجدار العازل مما جعل مصادر الشرطة العراقية تصفه بأكثر الهجمات دموية منذ شهر جوان الماضي في كل العراق بعد مصرع حوالي 51 شخصا في عملية انتحارية بالسيارة المفخخة استهدفت العاصمة بغداد. ولأن العملية التفجيرية وقعت في منطقة تابعة لمحافظة صلاح الدين السنية والتي تعد واحدة من أخطر المحافظات التي لم يتمكّن الجيش العراقي من فرض سيطرته الأمنية عليها، فإن الجيش الأمريكي حمّل عناصر تنظيم القاعدة مسؤولية الانفجار. وبغض النظر عمّن يقف وراء التفجير، إلا أن هذه العملية تدحض مزاعم القيادة الأمريكية في العراق التي ما انفكت تصدر تقارير في كل مناسبة تدّعي من خلالها أن الوضعية الأمنية في العراق تتحسن تدريجيا وأنه تم تحقيق العديد من المكتسبات الأمنية. وأي مكتسبات أمنية تتحدث عنها القيادة الأمريكية والحكومة العراقية في وقت تستمر فيها دوامة العنف بحصد المزيد من الأرواح بالرغم من كل التعزيزات العسكرية والخطط الأمنية التي خصصت لتحسين وضع أمني في بلد ما انفك يزداد تدهورا حتى بعد مرور خمس سنوات من احتلاله. وضمن حلقة جديدة من مسلسل العنف في العراق عثرت الشرطة العراقية، أمس، على جثث أربعة صحافيين يعملون في قناة "الشرقية" العراقية الخاصة بمدينة الموصل كبرى مدن الشمال العراقي. وعثرت الشرطة العراقية على جثث الضحايا بعد ساعات قليلة من اختطافهم بمنطقة غرب المدينة حيث كانوا يقومون بعملهم اليومي. وحسب إحصائيات أعدّتها نقابة الصحفيين العراقيين، فإن أكثر من 280 صحفي وإعلامي لقوا مصرعهم في العراق منذ غزوه منذ أزيد من خمس سنوات. وفي هذا السياق كانت المنظمات الدولية المهتمة بشؤون الصحافة قد صنّفت العراق بأنه أخطر مكان في العالم لعمل الصحفيين. من جهة أخرى، أعلنت مصادر أمنية كردية، أمس، مصرع ستة من عناصر البشمركة (القوات الكردية) من بينهم قائد العمليات العسكرية في انفجار قنبلة بمنطقة خانقين شمال محافظة ديالى في شرق العاصمة العراقية. وقال محمود سنكاوي، ممثل الرئيس جلال طالباني في قيادة قوات البشمركة إن "مسلحين فجّروا قنبلة في كمين نصبوه لقوات البشمركة في منطقة ناو دورمان غرب خانقين مما أسفر عن مقتل ستة من عناصر البشمركة وإصابة عدد مماثل. كما لقي ثلاثة عناصر من أفراد الشرطة العراقية وأحد أفراد عناصر الصحوة مصرعهم في حين أصيب ثمانية آخرين، أمس، في انفجار قنبلة تقليدية وضعت على قارعة الطريق في العاصمة بغداد. وقالت مصادر أمنية عراقية إن القنبلة انفجرت بالقرب من حاجز أمني بحي بشرق بغداد.