تبدأ مظاهر الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في وهران، من خلال الحلة التي تكتسيها أسواق ومحلات المدينة التي تتفنن في عرض مختلف أنواع المكسرات والحلويات وكذا الشكولاطة، إلى جانب المستلزمات التي تدخل في تحضير عدد من الأطباق التي تتميز بها الجهة الغربية من الوطن، على غرار عجينة الرقاق، وأنواع البقوليات الجافة لتحضير طبق "الشرشم" من قمح وحمص وفول، في ديكور مميز يحفز العائلات على الشراء، رغم الارتفاع الفاحش الذي أصبحت تعرفه المكسرات خاصة. ولمعرفة التحضيرات التي تسبق الاحتفال ب"يناير" في وهران بين الماضي والحاضر، سألنا الحاجة فاطمة التي أشارت إلى أن الاحتفال به اختلف كثيرا وفقد نكهته مثل باقي العادات والمناسبات الدينية التي نعيشها، مشيرة إلى أن قلة من العائلات لا تزال تتمسك بعادات الأجداد والآباء، لاسيما بعدما اختفت العائلة الكبيرة وأصبح كل زوج يفضل العيش لوحده وينغلق على نفسه، فمن المفروض أن هذه المناسبات تجمع كل أفراد العائلة الكبيرة للمشاركة في الاحتفال، فقديما كانت ربات البيوت الوهرانية تقوم أياما قبل موعد "يناير" بتحضير السميد لصنع بعض المعجنات، ك"المسمن، البغرير والسفنج"، وفي يوم الحادي عشر من "يناير" تقوم بإعداد كميات كبيرة من "السفنج" وكذا طبق "الشرشم" وتوزعه على الجيران والأقارب، وفي اليوم الثاني يحضر العشاء المكون من طبق الكسكسى بمرق الدجاج الذي تجتمع عليه العائلة، وفي السهرة تقدم ما يعرف ب"الدراس"، وهو خليط من المكسرات والحلويات، وكذا الفواكه والتمر مع الشاي، والجميل أن الأمهات كن يخطن أكياسا للأطفال يملأنها بهذه المكسرات وكل واحد منهم يتباهى بكيسه، معبرين عن سعادتهم بالمناسبة التي يكونون فيها هم الرابح الأكبر". من جهتها، أكدت السيدة ربيعة أنها متمسكة بالمناسبة التي تعودت على الاحتفال بها عند أهلها قبل زواجها، ناقلة إياها إلى عائلة زوجها التي لم تكن تحتفل بها، ثم إلى بيتها بعد أن استقلت بحياتها ولا تزال تحرص على التحضير لإحياء المناسبة وشراء لوزامها، مع مشاركة أهلها وجيرانها، قصد الحفاظ على هذا الموروث الثقافي الجزائري والعريق لا غير. وفي وقتنا الحالي، تقول السيدة نعيمة؛ إن الاحتفال ب"يناير" أصبح يختفي تدريجيا مع الحياة العصرية وانشغال ربات البيوت بالعمل خارج منازلهن، وكذا ارتفاع أسعار مستلزمات الاحتفال، لاسيما المكسرات التي لم تعد في متناول الجميع، كلها أسباب تقول عنها نعيمة بأنها ساهمت في تراجع الاحتفال بالمناسبة، مع الأسف.